فتحت الأزمة الأخيرة التي اندلعت بين الكويتوالفلبين قبل أسابيع حول العمالة التي ترسلها الثانية للأولى، الباب أمام الحديث عن سجل الدول الخليجية الأسود في التعامل مع العمالة الأجنبية الوافدة من عدة دول وخاصة من الفلبين للعمل في مختلف المجالات في بعض الدول الخليجية، والانتهاكات التي تمارس بحق هذه العمالة، والتي تدور حول الاغتصاب والقتل والتعذيب والعمل بالسُخرة والاستغلال الجنسي، مما يؤدي ببعضهم إلى الانتحار. غضب فلبيني فجرت العاملة الفلبينية "يوانا دانيلا ديمافليس" البالغة من العمر 29 عامًا، أزمة دبلوماسية قد تتجه إلى التصعيد بين الكويت ومانيلا، حيث أعلنت السلطات الفلبينية أنها عُثر على خادمة ميتة ومجمدة داخل مبرد في شقة مهجورة بالكويت، وكان على جثمانها أثار تعذيب ويبدو أنها قد خُنقت، الأمر الذي أغضب الشعب الفلبيني، خاصة أن تقديرات وزارة الخارجية تشير إلى أن هناك أكثر من 250 ألف فلبيني يعملون في الكويت، وأغلبهم يعملون في الخدمة المنزلية. الواقعة دفعت الرئيس رودريجو دوتيرتي، إلى اتخاذ العديد من الإجراءات لحماية كرامة العاملين الفلبينيين في الخارج، حيث أعلن تعليق إرسال عمال إلى الكويت، وذكر إن حظر إرسال العمالة سيستمر حتى تتأكد الحكومة من أن العاملين في الخارج آمنين في الكويت، وأضاف: "أنا مستعد لاتخاذ خطوات جذرية من شأنها أن تساعد على حفظ حياة وسلامة الفلبينيين، لكن لا نعتزم الإساءة لأي حكومة أو شخص، ولكن إذا ما كان من الضروري فرض حظر، فليكن"، مشيرًا إلى أن "مانيلا في الآونة الأخيرة فقدت أربع نساء هناك، إنهن تعرضن لانتهاكات وانتحرن"، وتابع: "الحظر مستمر اليوم ولا أعلم إلى متى". الكويت تبرر موقفها في المقابل، حاولت الكويت تبييض وجهها من الاتهامات المُكاله ضدها بشأن العمالة الأجنبية لديها، حيث أعلنت الخارجية الكويتية حينها، أنها تأخذ على محمل الجد تحذيرات الرئيس الفلبيني بحظر سفر العمالة الفلينية إلى الكويت، بعد مزاعم بانتهاكات لحقوق العمالة، فيما أبدى نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجارالله، دهشته وأسفه لتصريحات "دوتيرتي"، وقال إن إجراءات قانونية اتخذت في حالات الانتحار التي ذكرها الرئيس، مؤكدًا أن بلاده تدرس أبعاد تصريحات الرئيس الفلبيني لتفنيد ما ورد فيها من معلومات مغلوطة، وأضاف أن الكويت تجمعها علاقات مميزة مع مانيلا، وباشرنا الاتصال بالسلطات الفلبينية لمعرفة حقيقة تصريح الرئيس دوتيرتي، مشيرًا إلى أن الكويت تحظى بسجل ناصع في التعامل مع العمالة الوافدة، ولديها من القوانين التي تحفظ حقوقها وتنظم علاقتهم بأصحاب العمل، وتمنع تعرضهم لأي اعتداءات أو إساءات. وفي الوقت نفسه، استدعت الكويت سفير الفلبين لديها، ريناتو بيدرو أوفيلا، حيث التقى مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية، سامي الحمد، مع السفير الفلبيني، وطلب منه بذل مساعيه لرفع التعليق الذي فرض على قدوم العمالة الفلبينية. مانيلا تُصعد.. والكويت تستنكر لم يتوقف الأمر لدى الفلبين عند تعليق إرسال عمالتها إلى الكويت في يناير الماضي، بل خرج الرئيس، رودريجو دوتيرتي، الجمعه الماضية، ليتخذ المزيد من الإجراءات التي تشفي غليل شعبه، حيث ذكر أنه يريد خروج العاملين الفلبينيين من الكويت في غضون 72 ساعة، وأضاف أنه وجه وزارة العمل بالتنسيق مع شركات الطيران الفلبينية بتوفير رحلات عودة إلى مانيلا للعاملين الفلبينيين في الكويت، الذين يريدون العودة لبلادهم، وأكد: أريدهم جميعًا خارج الكويت، هؤلاء الذين يرغبون في العودة، خلال 72 ساعة، سنحصي أرواحنا بالساعات، لأنه على ما يبدو هناك معاناة وعذاب ووحشية، ترتكب بحق الفلبينيين كل ساعة. من جانبه، قال وزير العمل الفلبيني، سيلفيستر بيللو، إن رفع حظر دوتيرتي يتطلب توقيع الكويت على "مذكرة تفاهم" تعزز حماية العمالة الفلبينية، إلا أن المذكرة معلقة منذ ثلاث سنوات، وأضاف: تم إبلاغنا أن هناك أكثر من 2200 فلبيني يريدون العودة للوطن استجابه لدعوة الرئيس، مشيرًا إلى أن بعضهم تجاوز تأشيرة دخوله للكويت وقدم طلبًا للعفو. في المقابل، استنكر وزير الخارجية الكويتي، صباح الخالد الحمد الصباح، ما اعتبرته تصعيدًا من قبل مانيلا في قضية عمل الفلبينيين في الدولة الخليجية، قائلًا: إن هذا التصعيد لن يخدم العلاقة بين الكويتوالفلبين، وأضاف أن "التعاون للوصول إلى الحقائق بشأن كل تفاصيل الحوادث الفردية المؤسفة، هي التي تساعد على الفهم وعلى التعاون وعلى زيادة العمالة الفلبينية في الكويت". الأزمة تتسع حادثة الخادمة الفلبينية "يوانا دانيلا ديمافليس" التي توفيت في الكويت لم تكن الأولى من نوعها، حيث يوجد سلسلة من الوفيات المريبة للفلبينيين هناك في الشهور الأخيرة، وتؤكد بعض الإحصائيات أنه توفي 103 فلبيني في عام 2017، بزيادة 82 شخص عن عام 2016، فيما خرجت تقارير حقوقية تؤكد سوء معاملة أرباب العمل للعمالة الفلبينية، مما دفع عددًا منهم للانتحار. يبدو أن كرة النار تدحرجت من الكويت لتطال باقي الدول الخليجية صاحبة الصيت السيئ في التعامل مع العمالة الأجنبية، وعلى رأسهم السعودية وقطر، حيث حذَّر مكتب العمالة الفلبينية في الخارج "بولو"، التابع للسفارة الفلبينيةبالرياض، وكالات الاستقدام السعودية بإيقاف اعتمادات المستندات الرسمية، في حال بقاء العاملات بمركز الإيواء لأكثر من شهر، وبحسب نشرة تعليمات أصدرها المكتب، فإن الإيقاف سيستمر حتى إصدار تأشيرة خروج للعمالة المتأخرة وتذكرة العودة إلى الفلبين، كما اشترط مكتب العمالة الفلبينية على وكالات الاستقدام ضرورة التعاون لحل جميع إشكالات الحالات المتعلقة بالعمالة في مركز الإيواء، وأوضح أنه على وكالات الاستقدام الوطنية ضرورة إعادة العاملات للفلبين، والتأكد من عدم البقاء في المركز لأكثر من شهر. من جانبه، قال وزير العمل والعمالة الفلبيني، سيلفستر بيلو، إن حكومة بلاده ستقوم بالتجهيز لمعرض في كل من السعودية وقطر يمتد على مدى أسبوع كامل، وسيتم عرض 20 ألف وظيفة على العمال الفلبينيين المتواجدين في كل من قطر والسعودية لأجل العودة إلى الفلبيين والعمل هناك، مضيفًا أن الوزارة سترسل خلال أسبوعين فريقًا إلى الشرق الأوسط، يرأسه نائب مدير إدارة رعاية العاملين بالخارج، أرنيل إجناسيو، للتحقق من ظروف العمال الفلبينيين، في كل من قطروالكويت وأجزاء من المملكة العربية السعودية بما في ذلك مدن الرياضوجدة، مؤكدًا أن الفريق سيجري تحقيقًا ليعرف مدى احتياجات ورفاهية العاملين الفلبينيين هناك، مشيرًا إلى أن هناك 11 عاملاً في جدة بالسعودية، يعانون من مشاكل نفسية بسبب نوعية عملهم، مضيفًا: لن نسمح لهم بالعيش في بؤس هناك. الفلبين تقف على أرض صلبة التصريحات اللاذعة التي وجهها الرئيس الفلبيني إلى الكويت، والتهديدات والتحذيرات التي وجهها أيضا إلى السعودية وقطر، أظهرت أن مانيلا تقف على أرض صلبة في هذه التهديدات، حيث أظهرت الأرقام والإحصائيات أن العمالة الفلبينية تشغل العديد من المهن الحيوية في العديد من الدول الخليجية، وأن 34.5% من إجمالي العمالة الفلبينية، تشغل المهن الرئيسية مثل الطب والتمريض والهندسة، ونسبة لا يستهان بها تتجاوز ال19% في قطاع الخدمات والمبيعات، نظرًا للمهارات التي يتمتعون بها، بينما تتوزع النسبة المتبقية بحسب المهن، بعضها مشغلين للمصانع والماكينات، وبعضها الآخر للحرف والأعمال ذات الصلة، ناهيك عن نسبة 9.1% مهنيون و6.6% تقنيون، و4.8% عمالة منزلية، و1.5% مدراء، الأمر الذي يعني صعوبة استغناء الدول الخليجية عن العمالة الفلبينية.