في محاولة جديدة لدعم المنتج المحلي والحد من انتشار المنتجات المستوردة وتوفير عملات صعبة، أعلنت وزارة الصناعة أنه تم إجراء تعديلات على القانون رقم 5 لسنة 2015 الخاص بتفضيل المنتجات المحلية في العقود الحكومية، معلنة أن التعديل الجديد يلزم الشركات التابعة للجهات الحكومية بتنفيذ القانون عند إجراء الصفقات الحكومية، وهو ما لم يكن يحدث قبل ذلك، حيث أعلن وزير الصناعة الدكتور طارق قابيل أن مجلس الوزراء وافق على التعديلات في القانون، وحاليًّا القانون موجود في مجلس الدولة لإجراء المراجعة النهاية له. ويأتي هذا التعديل بعد عدة شكاوى، تقدم بها عدد من أصحاب المصانع إلى لجنة تفضيل المنتج المحلى باتحاد الصناعات، بأن جهات حكومية وشركات تابعة لها ترفض الاعتماد على المنتجات الوطنية عند إجراء الصفقات، وتعتمد على المنتجات المستوردة. ملامح القانون يرجع هذا القانون المكون من 19 مادة إلى عهد وزير الصناعة السابق الدكتور منير فخري، حيث صدر القانون بقرار جمهوري من الرئيس عبد الفتاح السيسى في يناير 2015، ويقضى ببدء العمل بالقانون رقم 5 لسنة 2015 بشأن تفضيل المنتجات المصرية في العقود الحكومية بنسبة لا تقل عن 40% عند إبرام التعاقدات الحكومية، وذلك وفقًا للقيمة التقديرية للمشروع، ويسرى القانون على عقود الشراء وعقود المشروعات التي تبرمها وحدات الجهاز الإداري للدولة، من وزارات ومصالح وأجهزة وعلى وحدات الإدارة المحلية. كذلك نص على غرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تتجاوز مائة ألف جنيه ضد كل من أخلَّ بالالتزام بالإعلان على موقع بوابة المشتريات الحكومية، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تتجاوز 10% من السعر الإجمالي للعقد لكل من تعمَّد تقديم بيانات أو شهادات أو مستندات غير صحيحة، وهي عقوبات ضعيفة، من الممكن التغلب عليها أو دفعها في حالات وجود صفقات كبيرة. محاولات شكلية أكد عدد من الخبراء في مجال الاقتصاد أن هذه المحاولات لدعم المنتج المحلي شكلية، حيث يتطلب الأمر أن يكون هناك رفع للمنتج المحلي قبل إلزام الحكومة بالتعاقد معه، كما أن التعديلات التي أعلنت عنها الحكومة تتطلب أن يكون هناك إلزام كامل في حال وجود منتج بديل محلي، بالإضافة إلى أن هناك منتجات محلية أغلى من المنتجات المستوردة كما هو الحال في صناعة الحديد. كما أن هناك مجموعة من رجال الأعمال يسيطرون على استيراد المنتجات من الخارج، ويستطيعون تأخير وتأجيل تنفيذ هذا القانون، الذي صدر قبل 3 سنوات، ولا يزال حبرًا على ورق؛ بسبب نفوذ المستوردين الذي أجبر الحكومة مع عدم تطبيق القانون. في نفس السياق أكد خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن تعديلات القانون رقم 5 لسنة 2015 الخاصة بتفضيل المنتج المحلى كانت ضرورة واجبة؛ لأن القانون بصياغته الحالية ليس به أنياب حقيقية ليجبر الجهات والشركات الحكومية على تفضيل المنتج الوطني على المنتج الأجنبي، وهو ما أدى إلى عدم تنفيذ القانون طوال العامين الماضيين، فرغم أن القانون صدر في 2015، إلا أنه لم يطبق فعليًّا حتى هذه اللحظة، وذلك لأن القانون به خلل كبير في عملية إلزام وإجبار الجهات الحكومية على تفضيل الصناعة المحلية. وقال الشافعي إن التوسعات الكبيرة في الاقتصاد المصري ستؤدى إلى التوسع في الطلب على المنتجات، وقد يكون المنتج المستورد حاضرًا وبقوة خلال الفترة المقبلة مع النمو الواضح في الاقتصاد، لذلك كان لا بد من التعديل، ولكن الجهات والشركات الحكومية لديها عقدة الخواجة، أي تفضل دائمًا الاعتماد على المنتجات المستوردة. مشيرًا إلى أنه تم إجراء تعديلات في كراسات شروط عدد كبير من الصفقات على مدار العامين الماضيين؛ للالتفاف على القانون وعدم تنفيذه، الأمر الذي أهدر ملايين الدولارات على سلع لها بدائل محلية قوية جدًّا، مشددًا على أنه لا بد أن تتوسع الجهات المختصة في الرقابة على الصفقات الحكومية؛ لأن بها خللاً جسيمًا، يهدر من قيمة القانون، ويضيع على الدولة ملايين الدولارات. البرلمان يستجوب الوزير ناقش مجلس النواب قضية دعم المنتج المحلي وعدم تطبيق القانون، خلال عدة جلسات تمت الشهر الماضي، بعد أن تم تقديم عدة استجوابات لوزير الصناعة ورئيس مجلس الوزراء؛ لمعرفة سبب عدم تطبيق القانون، حيث أكد محمد فؤاد عضو لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان وصاحب أحد طلبات الاستجواب أن الحكومة في مصر تعمل في جزر منعزلة، ولا يوجد أي ربط بين القطاعات المختلفة، حيث تم إصدار القانون قبل سنوات، ولكن لم يطبق لذلك، فلا بد أن تكون هناك رؤية متكاملة تبدأ برفع كفاءة المنتج المحلي ومعرفة ما هي المنتجات التي ليس لها بديل محلي، وبعد ذلك يتم إلزام الجميع بعدم التعاقد علي أي منتج له بديل، وبعد اتخاذ كل هذه الإجراءات، لا بد من محاسبة من يستورد المنتجات، ويكون هناك آلية عقاب صارمة.