جهود متواصلة تبذلها فرنسا لتعزيز نفوذها داخل القارة الإفريقية، عبر زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لدول جنوب القارة الإفريقية، فبعد زيارته لمالي وبروكينافاسو وساحل العاج والنيجر وغانا، توجه الرئيس الفرنسي الجمعة الماضية إلى العاصمة السنغالية داكار، في زيارة استمرت لمدة يومين، بحث خلالها مع نظيره السنغالي ماكي سال، سبل تعزيز العلاقات والتعاون الثنائي بين البلدين، ومناقشة ملفات المساعدات الدولية للتعليم ومكافحة تآكل السواحل، إلى جانب الأمن الإقليمي والهجرة والقوة المشتركة لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل التي تضم 5 دول وتسعى فرنسا وإن لم تعلن ذلك بشكل صريح لانضمام السنغال إليها. بدأ ماكرون الزيارة بلقاء الرئيس السنغالي في القصر الرئاسي، وتناقشا بخصوص القوة المشتركة لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل التي تضم كلا من موريتانياومالي وبوركينافاسو والنيجر وتشاد، فيما تشارك قوة عسكرية من السنغال في المحاربة ضد الارهابيين في مالي بناءً على طلب من فرنسا. كما وقع الرئيسان مجموعة من الاتفاقيات من بينها عقود بيع طائرتي إيرباص للخطوط الجوية السنغالية بقيمة 214 مليون دولار وإنشاء حرم جامعي فرنسي سنغالي، ثم قاما بزيارة ورشة القطار السريع التي يشارك فيها مجموعة شركات فرنسية، ثم توجها لزيارة مدرسة كان قد تم تحديثها بفضل الدعم المالي المقدم من فرنسا. مؤتمر الشراكة العالمية للتعليم ترأست فرنسا مع السنغال مؤتمر تمويل الشراكة العالمية للتعليم بمشاركة رؤساء 10 دول إفريقية وممثلين للجهات المانحة الكبرى، ويهدف المؤتمر إلى توفير 3.1 مليار دولار بحلول عام 2020 لمساعدة أكثر من 60 دولة نامية في تمويل برامجها التعليمية ومساعدة الأطفال المحرومين من التعليم، والذي يقدر عددهم بنحو 264 مليون طفل. وأعلن ماكرون خلال المؤتمر عن زيادة المساهمة الفرنسية في البرنامج لتبلغ 200 مليون يورو، مقابل 17 مليون يورو في الفترة من 2014 إلى 2017، لتحتل فرنسا بذلك المرتبة الرابعة في الدول المانحة بعد بريطانيا بقيمة 417 مليون يورو، والاتحاد الأوروبي 400 مليون يورو، والنرويج 260 مليون يورو. مكافحة الإرهاب والهجرة أكد ماكرون، أن فرنسا تشارك في مكافحة الإرهاب في إطار عملية "برخان"، موضحا أن الكفاح سيستمر لسنوات، وقال: الأمر مؤكد، وسنبقى على التزامنا بالمستوى الذي نحن عليه حاليا على الأقل"، كما وعد الجالية الفرنسية في السنغال بأن تسهر فرنسا على أمنهم، قائلا: أنتم في منطقة يمكن أن ينقلب فيها أي شيء، ندرك التهديد القائم. وعن المواجهات العنيفة بين المهاجرين الأفارقة والأفغان في مرفأ كاليه الفرنسي التي سقط خلالها أكثر من 20 مصابا، قال ماكرون: سنفعل ما بوسعنا لتسوية هذا الوضع بشكل إنساني وفعال"، منوهًا إلى أنه تم إنشاء مراكز للإيواء، ووعد بإيجاد حل في الأسابيع المقبلة للأزمة. وأشار ماكرون، إلى ضرورة العمل على تنظيم الهجرة، قائلا: مع العديد من الدول بينها السنغال، لدينا هجرات منظمة بسياسات مناسبة للتأشيرات ونريد إقرار تأشيرات للتنقل لفترات طويلة تسمح للطلاب والجامعيين ورجال وسيدات الأعمال بالتحرك بحرية أكبر. وتابع ماكرون: لكن الذين يصلون بطريقة غير مشروعة ولا يملكون حق اللجوء، نريد إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، هذا طبيعي ومطابق للقانون وهذا ما ينتظره منا مواطنونا في التعامل بطريقة شرعية مع المهاجرين". القوة الناعمة والتمدد إفريقيا يرى مراقبون أن الخطوات التي تتخذها فرنسا في القارة السمراء من خلال استخدام مبررات مكافحة الإرهاب وتقديم المساعدات ما هي إلا محاولة منها لتوظيف أدوات القوة الناعمة من أجل تعزيز نفوذها داخل إفريقيا. وشدد المراقبون على أن التحركات الفرنسية في القارة السمراء تستهدف السيطرة على مقدراتها ومواردها، خاصة أن باريس لا زالت تعتبر هذه الدول مستعمرات لها، وتواصل عملية استنزاف مواردها والسيطرة على مقدراتها عبر مبررات واهية.