مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية اللبنانية، المقرر إجراؤها في مايو المقبل، تتسارع خطوات بعض الدول الساعية إلى إيجاد ثغرة للتدخل في الشؤون الداخلية للبنان، ويأتي على رأسها السعودية، حيث ترى المملكة في الانتخابات القادمة فرصة ذهبية لا يمكن التفريط فيها، من أجل إيجاد موطئ قدم لها داخل الدولة اللبنانية، التي تسعى إلى النهوض من محاولات الهيمنة السياسية والاقتصادية التي تحاول بعض الدول فرضها على سلطاتها. رسائل سياسية حادة بلهجة قوية وتحذيرات حادة مبطنة، وجه وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، رسائل سياسية إلى دول لم يسمها، تحاول التدخل في شؤون بلاده، حيث أكد الوزير اللبناني أن "الأيام التي كان فيها السفراء يختارون النواب اللبنانيين قد ولت إلى غير رجعة"، وأضاف "باسيل" في تدوينات له عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": بدأت التحركات الخارجية للتدخل في انتخاباتنا النيابية، لكن الأيام التي كان فيه السفراء يختارون نوابنا ولت، متابعًا: "أُحذر من تدخل الخارج في شؤونا، وأنبه من أول الطريق كل العاملين في المجال الدبلوماسي أن يلزموا حدودهم والأصول الدبلوماسية والاتفاقات الدولية"، وأكد وزير الخارجية اللبناني أن "تدخل السفراء في الحياة الوطنية والسياسية الداخلية والانتخابات النيابية ممنوع، فعمل السفير يقتصر على تمثيل دولته وتأمين أفضل العلاقات مع لبنان"، مشددًا على أن "لبنان حريص على عدم الدخول في محاور، ولا نريد تدخلات ممنوعة بميثاق الجامعة العربية". على الرغم من أن وزير الخارجية اللبناني لم يذكر صراحة اسم السفير السعودي، إلا أن العديد من المؤشرات تؤكد أن "باسيل" كان يقصد من خلال رسالته الحادة وقف التدخلات السعودية في شؤون بلاده السيادية، خاصة أن المملكة السعودية لها باع طويل في محاولات ضرب الاستقرار اللبناني، من خلال التدخل في شؤون البلاد وإحداث الفوضى والبلبلة فيها، تارة من الناحية السياسية التي ظهرت في إجبارها رئيس الوزراء، سعد الحريري، على الاستقاله قبل أشهر قليلة، وتارة أخرى من الناحية الاقتصادية، من خلال محاولاتها تشويه صورة القطاع المصرفي اللبناني. يبدو أن السفير السعودي الجديد في لبنان، وليد اليعقوب، والذي ما لبث أن تسلم مهام وظيفته قبل أقل من 15 يومًا، سيكون الفتيل الجديد الذي ستشعل به المملكة الأوضاع من جديد في لبنان، والذي ستستخدمه الرياض كورقة ضغط، حيث جاء هجوم وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، جبران باسيل، على السفراء الذين لم يسمهم بعد ساعات من لقاء جمعه في بيروت، أمس الاثنين، مع سفير السعودية لدى لبنان، وليد اليعقوب، وجرى خلال اللقاء استعراض آخر المستجدات السياسية الراهنة على الساحتين اللبنانية والإقليمية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، وتسلم "باسيل" من السفير السعودي دعوة للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، الذي من المقرر عقده في مدينة جدة في 21 يناير الجاري. الانتخابات.. بوابة جديدة تحذيرات وزير الخارجية اللبناني تأتي في الوقت الذي ظهرت فيه نيّة المملكة السعودية الدخول بقوة على خط الاستحقاق الانتخابي المصيري في لبنان، حيث بدت بوادر هذا التدخل مع إبداء الفريق المحسوب على السعودية "14 آذار" امتعاضه الشديد إزاء القانون الانتخابي، الذي اعتبره "مفصلًا على مقاس حزب الله، ويؤمن له كل مقومات الانتصار وتحقيق أكثرية برلمانية بمنتهى الأريحية". بعيدًا عن حاله الامتعاض داخل هذا الفريق، الذي يعتبر الذراع السياسي للسعودية داخل لبنان، تأتي الأنباء عن زيارة موفد رفيع المستوى من البيت الملكي السعودي للبنان، للقاء رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، كتأكيد على عزم التدخل في الانتخابات اللبنانية، حيث أكدت العديد من المصادر المطلعة أن المستشار في الديوان الملكي "نزار العلَولا"، الذي حل محل "ثامر السبهان" مؤخرًا، سيزور بيروت قريبًا؛ للقاء رئيس الحكومة اللبنانية، قبل أن يذهب الأخير برفقة رؤساء أحزاب وتيارات في فريق "14 آذار" وشخصيات مستقلّة، وربما رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب، وليد جنبلاط، إلى الرياض. في ذات الإطار أفادت المصادر أن الهدف من زيارة "العلَولا" لبيروت سيكون نقل رسالة من المملكة إلى الحريري مفادها ضرورة السعي لإعادة توحيد تحالف "14 آذار"، والضغط عليه لإقامة تحالف مع القوات اللبنانية؛ لتكوين جبهة قوية لخوض معركة الانتخابات النيابية كفريق واحد في مواجهة حزب الله، فيما ستكون زيارة "الحريري" للرياض بهدف ممارسة ضغوطات كبيرة عليه تصل إلى الابتزاز، فالمملكة ستشترط على الحريري عده شروط للحصول على دعمها السياسي والمالي في الانتخابات، ولن تقتصر تلك الشروط على إعادة لم شمل حلفائها السابقين فقط، بل ستصل إلى الاشتراط بابتعاده عن "التيار الوطني الحر"، تحت طائلة دعم خصومه على الساحة السنية في الانتخابات. يبدو أن السعودية لن تسقط لبنان من حساباتها الإقليمية مطلقًا، فعلى الرغم من الانتكاسات التي مُنيت بها في ملف لبنان وغيره من الملفات الإقليمية وعلى رأسها سوريا والعراق، وخسارتها لمليارات الدولارات جراء هذا الفشل، إلا أنها تبدو مُصرة على البحث عن أي وسيلة تؤمن لها التدخل في الشأن اللبناني، مُعتقده أن هذا المخطط سيمكنها من إعادة نفوذها في المنطقة.