دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، قبل أيام، خلال مكالمة هاتفية، إلى رفع الحصار عن اليمن "بالكامل" لأجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى البلد الذي يعاني من أزمة إنسانية تعد الأخطر في العالم، حسبما قال قصر الإليزيه. بعض المحللين السعوديين، قالوا إن باريس لا يمكنها مطالبة المملكة برفع الحصار الكامل عن اليمن والبحرية الفرنسية تشارك فيه، فأكد خالد باطرفي، المحاضر في جامعة الملك فيصل، أن فرنسا إحدى الدول التي تبنت القرار 2216، الذي ينص على تكليف دول العالم بتنفيذ جزئية الحصار على اليمن، كما أن جيبوتي القريبة من السواحل اليمنية تقع أصلًا تحت الحماية الفرنسية وجميع المتابعات والتفتيش التي تتم على الإرساليات البحرية تكون من خلال جيبوتي. ويبدو أن السعودية استفادت من مطاطية القرار الأممي وتحايلت عليه، فالحصار عسكري وليس على السلع الغذائية، فالقرار الأممي، يوضح أن الحظر يشمل جميع أنواع الأسلحة والعتاد وعربات النقل العسكرية والأجهزة وقطع الغيار للمواد المذكورة، بالإضافة إلى حظر تقديم المساعدة الفنية وخدمات التدريب أو دعم مالي للأنشطة العسكرية التي يشرف عليها أشخاص مذكورين في القرار ومحسوبين على المؤتمر الشعبي وأنصار الله، ويطالب القرار الدول المجاورة بتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن في حال ورود اشتباه بوجود أسلحة فيها، ويمنح تلك الدول الحق في مصادرة أية مادة من المواد المذكورة أعلاه في حال العثور عليها داخل الشحنات. ويمكن تلخيص التصريحات الفرنسية بخصوص السهودية في ثلاث نقاط رئيسية، أولها أن ماكرون مازال يحتفظ بتحالفاته مع السعودية والإمارات (رأسي العدوان)؛ لأنهما إحدى أهم زبائن فرنسا في شراء الأسلحة، كما تأتي التصريحات في إطار تحسين صورته أمام الرأي العام الفرنسي، خاصة أن جميع الدول التي تدعي الديمقراطية أدلت بدلوها الكلامي تجاه المأساة اليمنية كأمريكا وبريطانيا، وما يزيد من إحراج ماكرون، أن الأممالمتحدة أدرجت تحالف العدوان الذي تقوده السعودية على لائحة سوداء سنوية للدول والكيانات التي ترتكب جرائم بحق أطفال، وأحصى التقرير الأممي خلال العام 2016 ما لا يقل عن أربعة آلاف حالة من الانتهاكات المثبتة من جانب قوات حكومية وأكثر من 11 ألفا و500 حالة منسوبة إلى مجموعات مسلحة غير حكومية. النقطة الثانية مرتبطة أيضًا بحالة الحرب اليوم، فالخلاصة الفرنسية والتي كشف عنها تقرير صادر عن وزارة الدفاع الفرنسية، يقول إن الحرب في اليمن لن يتم حسمها، الأمر الذي يتعارض مع ما ذكره تحالف العدوان، بأن الحرب لن تستمر إلا أياما أو أشهرا، وبعد ما يقارب الثلاث سنوات لم تنته، وبالتالي طول أمد الحرب سيجبر الدول الكبرى على مراجعة السعودية في سياستها تجاه اليمن. النقطة الثالثة لها علاقة بالإرهاب؛ فالتقارير الفرنسية تقول إن هناك نشاطا خفيا لتنظيم القاعدة في اليمن، وهو أمر يهدد فرنسا بشكل كبير، فالقاعدة تملأ فراغ الأماكن الخالية التي قصفها السعودية في اليمن. اللافت في تصريحات ماكرون بضرورة فك الحصار السعودي عن اليمن، أنها جاءت بعد أيام من تصريحات سعودية تزعم فيها فك الحصار عن اليمن، حيث أعلن تحالف العدوان، أن ميناء الحديدة ما زال مفتوحاً لاستقبال المواد الإغاثية والإنسانية، كما أشار إلى قراره السماح بدخول السفن التجارية، بما فيها سفن الوقود والمواد الغذائية للميناء لمدة 30 يوماً. وتتزامن التصريحات الفرنسية مع تصريحات لمسؤولين في الأممالمتحدة يقولون فيها إن التحالف الذي تقوده السعودية قتل 109 مدنيين في اليمن في غارات جوية على مدى الأيام العشرة الأخيرة ومن بينهم 54 في سوق مزدحمة و14 من عائلة واحدة في مزرعة. ووصف جيمي مكجولدريك، منسق الأممالمتحدة باليمن الحرب، بأنها لا طائل منها وغير عقلانية، في انتقاد مباشر غير معتاد للحرب التي يخوضها التحالف المدعوم من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وآخرين. ويرى مراقبون أن فرنسا تستطيع لعب دور أقوى ضد السعودية وعدوانها على اليمن في حال امتلكت الرغبة الحقيقة لذلك، فماكرون استطاع إنهاء أزمة الحريري التي كانت السعودية طرفا فيها خلال أيام قليلة.