انتشرت في الآونة الأخيرة طرق غريبة للعلاج النفسي, ومنها ما يسمى العلاج بالطاقة والعلاج ببث الدعم داخل العقل, وغيرهما من طرق العلاج الأخرى، التي لا تمت إلى العلاج النفسي بصلة, فوجدنا مؤخرًا بعض من يقومون بتلك الطرق العلاجية يؤكدون على غرائب الأمور، مثل أن وضع البوتاجاز بجوار ترابيزة السفرة قد يؤدي إلى الطلاق! بينما قام طبيب نفسي شهير بالتأكيد على أن العقل الباطن هو المسؤول عن كل شيء، فإذا أعطى إشارة لباقي أعضاء الجسد بأي شيء، فسوف يتم؛ مما يجعله يخاطب العقل الباطن للمريض النفسي الذي يتوجه للعلاج لديه. ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل يقوم عدد من هؤلاء الأشخاص بفتح عيادات خاصة، يتلقون من خلالها حالات مرضية شديدة، ويحاولون إقناع الأهالي بأن المريض سوف يتم علاجه بالطاقة. وتتمثل خطورة ذلك الأمر في أن هؤلاء المعالجين غير مؤهلين للعلاج من الأساس؛ مما يضر بحالات المرضى الذين يكونون في أمس حاجة للعلاج. حالات مرضية تدهورت.. والعلاج بالطاقة دجل وهو ما رواه مصدر خاص داخل مستشفى العباسية للأمراض النفسية، الذي أكد أن عددًا من الحالات التي وردت إلى المستشفى مؤخرًا جاءت بعد تدهور حالتها؛ بسبب تلقيها ذلك العلاج الغريب الذي يدعى العلاج بالطاقة أو العلاج ببث الأفكار الإيجابية وتبديل الأفكار السلبية, مشيرًا إلى أن هناك مرضى يعانون من فصام الشخصية أو اكتئاب حاد أو الوسواس القهري، تعرضوا لتلك العمليات التي لا يطلق عليها علاج نفسي على الإطلاق؛ مما جعل حالتهم تسوء بصورة أكبر؛ فجاءوا إلى مستشفى العباسية ليتلقوا العلاج، بعد أن حملوا في أفكارهم كل الصور السلبية عن العلاج النفسي، بل زاد الأمر سوءًا حينما تضاعفت حالات الوسواس القهري بسبب تلك الخرافات؛ مما يوجب محاكمة كل من يطلق عليه معالجًا بعلم الطاقة. وعلق الدكتور رضا الغمراوي مدير مستشفى العباسية الأسبق بأن الطب النفسي لا يوجد فيه ما يسمى العلاج بالطاقة على الإطلاق, وأن الأمر لا يعدو أن يكون اختراعًا من البعض، مؤكدًا أن الكثير من الحالات المرضية بحاجة إلى مساندة ومساعدة طبية حقيقية، فالمريض النفسي لا يقل أهمية عن أي مريض آخر، وللأسف هذا النوع من العلاج لا يمكن أن يساعد المريض النفسي على العلاج. وأشار الغمراوي في تصريحاته ل"البديل" أنه إذا كان هؤلاء المعالجين يعللون أن لديهم خدمات شحن المرضى، فمستشفى العباسية يتعاون مع هيئة الإسعاف لشحن المرضى فاقدي الأهلية إلى المستشفى لتلقي العلاج؛ لأن المريض النفسي القادر على تمييز مرضه ولديه استبصار بالمرض تكون لديه الحرية في اختيار العلاج، ولكن هناك مرضى فاقدو الأهلية وليس لديهم وعي بأمراضهم؛ مما يوجب على أهاليهم مساعدتهم لتلقي العلاج بالمستشفيات النفسية المتخصصة. وعلق الدكتور أحمد حسين الطبيب النفسي بمستشفى العباسية وعضو مجلس نقابة الأطباء قائلًا إن ما يسمى العلاج بالطاقة ليس له أي أساس طبي، ولا يعدو كونه نوعًا من أنواع الدجل, مضيفًا أن نقابة الأطباء قامت بخدمة تسمى خدمة البحث، وهذه الخدمة متاحة للمواطنين، حيث يقوم الشخص بكتابة اسم الطبيب في المكان المخصص للبحث؛ حتى يتبين إذا كان يتعامل مع طبيب أم لا. وأوضح حسين ل"البديل" أن إقناع المرضى بالعلاج بالطاقة وغيرها ما هو إلا تحايل على المرضى، ويجب أن ينتبه جهاز الشرطة إلى ذلك، سواء من يقومون بالترويج لمثل ذلك العلاج عبر الإنترنت، أو من يقومون بفتح مراكز علاجية غير مرخصة، يمارسوا فيها العلاج النفسي بمثل هذه الطرق المجهولة, موضحًا أن المريض النفسي من السهل استخدامه وتوجيهه ضد أي شيء معين؛ لذا يجب ألا نغفل هؤلاء الأشخاص الذين يخرجون علينا بتصريحات غريبة تثير الجدل وتثير الشك أيضًا, لذا يجب أن تتخذ معهم الإجراءات القانونية اللازمة لحماية المريض المصري. نقابة المهن النفسية هي الحل لكشف الدخلاء على المهنة أدى دخول عدد من الدخلاء المجهولين مجال العلاج النفسي إلى المطالبة بإنشاء نقابة تضم العاملين بالمهن النفسية من خريجي كليات علم النفس فقط، وهو ما أوضحه الدكتور حسين عبد القادر رئيس الجمعية المصرية للتحليل النفسي، قائلًا "نطالب منذ فترة طويلة بإنشاء نقابة تضم العاملين بالمهن النفسية من خريجي كليات علم النفس فقط؛ حتى نستطيع تمييز المتخصصين من غيرهم؛ لأن مهنة العلاج النفسي الآن أصبحت تخلط الحابل بالنابل", مشيرًا إلى أن "الجمعية تقدمت بمشروع قانون يلزم بإنشاء نقابة للمهن النفسية إلى البرلمان إثر ثورة 25 يناير، ثم قمنا بتجديد الفكرة مرة أخرى، فمطالبتنا بإنشاء تلك النقابة منذ ستينيات القرن الماضي، فالفكرة ليست وليدة اليوم، وهي الحل الأمثل لتحديد من لديه الحق لممارسة العمل ومن هو دخيل على المهنة". وأوضح الدكتور مجدي مرشد عضو لجنة الصحة بمجلس النواب أن إنشاء نقابة تضم العاملين بالصحة النفسية أمر يجب تنفيذه، مؤكدًا أنه من حق أبناء المهنة الحفاظ عليها وعلى المرضى أيضًا من لهم الحق في تلقي العلاج بصورة سليمة, وأضاف مرشد أن فكرة إنشاء نقابة للعاملين بالمهن النفسية لا تقل أهمية عن نقابة الأطباء أو غيرها من النقابات الطبية؛ لأنها تسعى إلى الحفاظ على حقوق المرضى وتوضيح طرق العلاج وحقيقة الأطباء أو الإخصائيين الذين يتوجه إليهم هؤلاء المرضى, حيث إن إنشاء تلك النقابة حماية لحقوق المرضى وأبناء المهنة على حد سواء.