* فيسك: الرجال تطلق اللحى والنساء يتنقبن والصحفيون يسجنون وحزب النهضة لا يتحرك ترجمة- أحمد شهاب الدين: اعتبر روبرت فيسك في مقال له بصحيفة إندبندنت البريطانية أن المشهد في تونس لم يختلف كثيرا عن عهد بن علي وطالب من يرغب في معرفة كيف كان عليه الوضع بأن يسير فقط قرب شارع الحبيب بورقيبة، الذي ظل حتى قبل بضعة أسابيع ، مطوقا بالعربات المدرعة والأسلاك الشائكة، وأيضا الاطلاع على الكتاب الرائع عن “ثورة زد الرائعة”، والذي تشير زد إلى الرئيس الهارب زين العابدين بن علي. وكانت كاريكاتيرات هذا الكتاب هي بهجة الثورة ويشير روبرت فيسك إلى حياة الرفاهية والبزخ التي عاشها أقرباء الرئيس التونسي، وعدد الجواسيسس المهول الذي كان يستخدمه. وانتقل فيسك للحديث عن الثورة، التي اختصرتها سلوى رشدي في عبارة ” الحمد لله على الحرية “، فالكتابات الشجاعة خلال العهد السابق، تتواجد في المكتبات بجوار طبعات فرنسية من كتابات طارق رمضان. وفيما كان فيسك مع صحفي تونسي طالبه ألا يسأل عن الكتاب الليبراليين، موضحا أن أكثر من 90% من الكتب التي تنشر في تونس الآن إسلامية، حتى خارج العاصمة تبيع المكتبات دفاتر المدارس وتلك النوعية من الكتب فقط. وأشار إلى أن مدير تحرير صحيفة “التونسية” ورئيس تحريرها تم اعتقالهم مؤخرا بسبب نشر الصحيفة لصورة لاعب كرة كرة ألماني من أصل تونسي وهو يحتضن زوجته شبه عارية. وأضاف أنها نفس القصة القديمة: الحرية في مواجهة القيم الأخلاقية، إلا أن الحكومة المنتخبة، وبعد فوز حزب النهضة الإسلامي ب 40% من الأصوات في انتخابات أكتوبر 2011، تستند إلى المادة 121 من قانون العقوبات لاحتجاز ثلاثة صحفيين، وهو قانون يعود تاريخه إلى عهد بن علي، ويستشهد فيسك بمنجي خضراوي، العضو البارز في نقابة الصحفيين التونسيين،الذي أوضح أنه تم حبس منتمين لجميع أطياف المعارضين للنظام السابق استنادا إلى المادة 121 من قانون العقوبات، ورغم ذلك كان التعامل مع نشر مثل تلك الصور يتم باعتباره خطأ مهني وليس جريمة. وأوضح أنه خلال العام الماضي تم إقرار المادة 115 من قانون حرية الصحافة، إلا أن حزب النهضة الذي هاجم الصحافة بقوة قبل اعتقال الصحفيين، زعم أن القانون لم يعد صالحا. وأضاف فيسك أن تلك المشكلة قد تعتبر رفاهية في تونس بعد الثورة حيث تصاعدت البطالة بقوة لتصل إلى 800 ألف عاطل. في بلد يسكنه عشرة ملايين فقط وأعلن البنك المركزي أن معدل النمو في تونس صفر لعام 2011، إضافة إلى انسحاب أكثر من 80 شركة عالمية من البلاد. وأشار فيسك إلى أن حكومات بن علي الخانعة كانت تصب المال في تونس العاصمة وتستعبد الأرياف التي كانت مهدا لظهور السلفيين الذين كرههم بن علي وتم العفو عنهم بعد الثورة، وقال إن سيجنان في شمال غربي تونس شهدت ظهورا وجيزا ل”إمارة إسلامية ” في نهاية العام الماضي وتحولت فيها المباني الحكومية إلى أماكن يسجن فيها الناس بسبب “الخطيئة” وشرب الخمر وأطلق النار على محل يبيع أسطوانات للأغاني الغربية باللغة العربية وأرسلت لصاحب المحل تقول: “إذا حاولت مرة أخرى إلهاء المسلمين عن المسجد، سنحرق منزلك وجميع من فيه”. وبدأت النساء ترتدي النقاب والرجال يطلقون اللحى ويلبسون على النمط الأفغاني ولم تفعل الحكومة شيئا، متسائلا: هل حزب النهضة يدعم السلفيين؟ وقال فيسك إن اثنين من المثقفين تعرضا للضرب بوحشية وانطلق عشرة آلاف في مظاهرات في أنحاء تونس وغيرها من المدن احتجاجا على زيادة التطرف، وتعجب من أن: “صوت تونس العلمانية يبدو مألوفا، فقد قدمت للعالم عظماء كثيرين مثل هانيبال وجوجورثا وابن خلدون وحتى الحبيب بورقيبة”. ويشير إلى تساؤل عبد الحميد جماتي من أين أتى هؤلاء السلفيون والإسلاميون والوهابيون والأفغانيون والوعاظ ... من الذي يفتي بما لاعلاقة لها بحضارتنا وفكرتنا عن الدين وقيمنا التي تطورت عبر آلاف من السنين” ويقول عبد الحميد إنهم “ليسوا تونسيين حتى لو ولدوا في تونس”.