رفض المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي، يوم الأحد الماضي، تعديلات تسمح للأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران بالترشح لولاية ثالثة، حيث صوت أعضاء المجلس في دورة استثنائية ضد تعديل المادة السادسة عشرة من القانون الأساسي للحزب التي تحصر عدد ولايات الأمين العام في واحدة من أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. ويعيش حزب العدالة والتنمية على وقع خلافات حادة بين قياداته منذ تشكيل حكومة، سعد الدين العثماني، في أبريل الماضي، خلفًا لبنكيران، ومن المتوقع أن يعقد الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي في ديسمبر المقبل، مؤتمره الوطني لانتخاب أمين عام جديد، وقيادة جديدة لأربع سنوات مقبلة. الأزمة الحزب لم تبدأ بمنع بنكيران من ولاية إضافية، بل منذ فشله في تشكيل ائتلاف حكومي، لأكثر من خمسة أشهر، في سابقة لم يشهدها المغرب من قبل، ليتم تكليف سعد الدين العثماني من الملك المغربي، محمد السادس، بتشكيل حكومة، وبالتالي نشأت أزمة داخل العدالة والتنمية، بين من يريد استمرار بنكيران في رئاسة الوزراء، وبين من يريد إعطاء فرصة للعثماني. ويبدو أن الانقسام الحزبي حول بنكيران والعثماني مازال مستمرًا، خاصة أن نتائج التصويت على التمديد لاوية ثالثة لبنكيران بالأمس، جاءت: "صوت لصالح تعديل المادة، 101 عضو من الحزب من مناصري بنكيران، فيما صوت ضد التعديل، 126 من معارضي التثليث له، ليتم بذلك الحفاظ على المادة دون تعديل"، الأمر الذي يشير إلى أن عدد الأصوات متقارب إلى حد ما بين من يريد أن يمدد ومن لا يريد. ويأتي تصويت برلمان الحزب ضد تعديل النظام الأساسي الذي يسمح بولاية ثالثة لبنكيران بعدما سبق أن صوتت لجنة الأنظمة والمساطر على تغيير المادة 16 بأغلبية أعضائها، وأحالتها إلى دورة المجلس الوطني، وتنص المادة 16 على أنه "لا يمكن لأي عضو أن يتولى إحدى المسؤوليات الآتية لأكثر من ولايتين متتاليتين كاملتين: الأمانة العامة، رئيس المجلس الوطني، الكاتب الجهوي، الكاتب الإقليمي، الكاتب المحلي". وقبل التصويت على تغيير المادة المذكورة، حصلت مناوشات داخل الحزب؛ حيث عبر مصطفى الرميد، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، عن رفضه التام للتمديد ولاية ثالثة لبنكيران، قائلا: "لست مع الولاية الثالثة على الإطلاق، أنا قلت هذا الكلام منذ سنتين للسيد بنكيران، قلت له إنني أساندك على رأس الحكومة إذا نجحنا في الانتخابات، لكن لا يمكن أن أساندك في أي أمر يمكن أن يغير النظام الداخلي للحزب لأسباب مبدئية". ومن جانبه، قال بنكيران إنه سيقبل بأي قرار يريح أبناء الحزب، مؤكدا أنه لم يطلب يوما ولايةً ثالثة على رأس الحزب، مضيفا أن تصريحات قادة في الحزب هددوا فيها بالانسحاب إذا تم التمديد له، أثارت استيائه. المنافسة بين العثماني وبنكيران داخل الحزب الواحد كانت لها خلفيات؛ ففي العام الماضي أي قبل أن يتولى العثماني رئاسة الحكومة، حينما كان رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إنه ليس صحيحا أن حزب العدالة والتنمية أصبح مختصرا في شخص أمينه العام عبد الإله بنكيران بسبب حضوره القوي، مشددا: "لا يمكن اختصار الحزب في شخص أي كان، لكن هذا لا يعني أن قوة شخصية عبد الإله بنكيران لم تساهم في وصول الحزب إلى ما هو عليه الآن". وفي السياق، قدم أعضاء داخل العدالة والتنمية استقالاتهم اعتراضًا على التغيرات التي طرأت على الحزب، فتعبيرا عن عدم رضاه عما آلت إليه الأوضاع داخل الحزب قدّم محمد جبرون مطلع الشهر الجاري استقالته من حزب العدالة والتنمية، بعد مسيرة طويلة في صفوف مشروع الحزب انطلقت منذ الثمانينيات، وأكد أن الاستقالة جاءت "احتجاجا على السقوط الأخلاقي الفظيع لكثير من أبناء هذا الحزب، وشذوذهم عن منهجه". ويبدو أن غضب القواعد في حزب العدالة والتنمية، بدأ يترجم على أرض الواقع، بعدما أعلن أعضاء الكتابة في حزب العدالة والتنمية بإقليم إفران، من بينهم رئيس الفرع الإقليمي، ومنخرطون في الحزب، استقالتهم من التنظيم، ومن كل الارتباطات التنظيمية والسياسية المتصلة، وبحسب مصادر، يكون عدد المنسحبين من حزب العدالة والتنمية تعدى 54 استقالة، من بينهم 7 من أصل 9 في الكتابة الإقليمية. وبعد التصويت على المادة 16، وجه بنكران تلميحات لتيار الوزراء، الذي يقوده سعد الدين العثماني ويضم وزراء الحزب، حينما تحدث عن الفرق بين حالتهم المادية في السابق والتي اتسمت بالتقشف والحالية المتسمة بالبزخ، ما يكشف حقيقة الخلافات المتجذرة داخل الحزب، وأن الوجود السياسي له أصبح من أجل المصالح الشخصية والمادية. ويرى مراقبون أن الأزمة الداخلية التي يعيشها حزب العدالة والتنمية في المرحلة الراهنة، تؤشر إلى أن أعضاء الحزب سيدخلون المؤتمر الثامن في حالة انقسام بين رأيين، بعضهم كان يمني النفس بأن بنكيران سيستمر في زعامة الحزب، وبعضهم يساند قيادة جديدة للحزب.