دمار وخراب، وبقايا منازل هدمت، وأصوات صمتت، وحياة توقفت.. آثار شاهدة على معاناة شعب يحاول، رغم كل ما حدث له وحل به، أن يعيش.. تلك هي المشاهد التي عكسها الفيلم السوري "مطر حمص"، الذي يشارك ضمن مسابقة "آفاق السينما العربية" ضمن الدورة التاسعة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي تنطلق فعالياته اليوم. يبدأ الفيلم، الذي أنتجته وزارة الثقافة السورية (المؤسسة العامة للسينما) بمشاهد من مدينة حمص التي سويت بالأرض، فلم يبق بها سوى حطام مبان، وأصبحت شوارعها خالية من سكانها الذين غادروها، ويشرح "يوسف" بطل الفيلم ما حدث لمدينته التي باتت مجرد صور في ذاكرته، فقد رحلت ورحل معها كل شيء. يروي الفيلم، الذي شارك مؤخرًا في مهرجان أيام قرطاج السينمائي، الأحداث التي وقعت عام 2014، وتحديدًا في شهر فبراير بعد أن طلب من المدنيين الخروج من مدينة حمص القديمة، ويعرض الفيلم لقطات لأبناء المدينةوهم لا يحملون من مدينتهم سوى حقيبة بها بعض الملابس، وجبل من الحزن الذي سكن ملامح وجوههم جميعًا.. رجل وطفل يحاولان الهرب من الموت ويبحثان عن مأوى. لقطة أخرى ل"قسيس" يرفع يده فيصوب عليها القناص، تسلط الضوء على الفتنة الطائفية التي ولدت داخل سوريا بين المسيحيين ومن يوظف الدين الإسلامي بطريقة خاطئة، فيما تستمر أصوات التفجيرات في كل مكان، وصور الجرحى تملأ الشاشة ومن حولهم مدنيون يحاولون النجاة بحياتهم. "يوسف" و"يارا" هما بطلا حكاية فيلم "مطر حمص".. يحاولان وسط القصف والخراب أن يبحثا عن الحياة، لا شيء آخر سوى الحياة، كل هذا أثناء الحصار الذي امتد مائة وبضعة أيام، هربوا خلالها من الموت، تفانى الثنائي في البحث عن الحياة ونقطة الضوء وسط ظلام الدخان المتصاعد من التفجيرات مما يعكس مدى صمود الشعب السوري الذي يحلم، رغم كل المعاناة التي عاشها على مدار السنوات الماضية، بالعودة إلى وطنه وإعادة بنائه وبث الحياة فيه. يرصد الفيلم المسلحين الذين يرتدون الأحزمة الناسفة ويدمرون ويقتلون العزل تحت مسمى الدين. يبدأ القصف فتعلو أصوات المدنيين بالصراخ محاولين الهرب.. طفلة تلهو مع كلبها لم تهتز لها ضمائر الإرهابيين فيقتلونها ويقضون على الأمل الذي تحمله. مع مشاهد الخراب المستمرة وسط الاشتباكات والحروب الدائرة تتصاعد الخلافات، على وقع اختلافات في وجهات النظر، إلى أن يحين موعد نزول المطر، حاملا رسالة أمل بعودة الأمان والرخاء، وحلما بأن يومًا ما سينتهي كل شيء لتعود سوريا كما كانت، وتبني كما كانت. فيلم "مطر حمص" تأليف وإخراج جود سعيد، وبطولة وسيم قزق، علي سكر، حسين عباس، محمد الأحمد، رشا بلال، كرم الشعراني.