حالة من الجدل أثارها اقتراح الرئيس السيسي في اجتماعه الأخير مع مجلس الوزراء، بإنشاء مدينة العدالة لتسهيل إجراءات التقاضي، والتي تضم كافة الهيئات القضائية، بجانب إنشاء أكاديمية قضائية لتدريب القضاة، وتهدف المدينة إلى إنشاء مجمع للمحاكم المختلفة بدرجاتها إلى جانب وزارة العدل والطب الشرعي وجميع هيئات العدالة، حيث يساهم ذلك في عدم استهداف المحاكم من قبل العناصر الإرهابية وتسريع زمن التقاضي للمحاكمات والتخفيف من معاناة المواطنين. يقول أحمد عبد الحفيظ، نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ل"البديل"، إن المقترح يبدو ظاهريًّا إيجابيًّا، ولكن جوهريًّا ليس هو المطلوب في الوقت الحالي، ومن ثم يصبح إهدارًا للمال العام بإنشاء مدن جديدة تحت مسمى العدالة والعاصمة الإدارية وغيرهما، فالأهم هو تطوير العمل بالمحاكم وتطوير منظومة العدالة كاملة. وأضاف أنه لا توجد تجربة مماثلة في العالم أن تتمركز مدينة واحدة فقط للمحاكم وللتقاضي، فالأصل أن تنتشر المحاكم بكل محافظات الجمهورية، لتصبح سهلة على المواطنين وقريبة لهم. وأشار إلى صعوبة الجمع بين كل الهيئات القضائية في مدينة واحدة للعدالة، فمثلاً المحكمة الدستورية العليا تعمل على خمس قضايا يوميًّا، عكس محاكم مجلس الدولة أو النقض، حيث تضج بآلاف القضايا يوميًّا، فكيف يمكن أن تستقبل مدينة العدالة أكثر من نصف مليون مواطن يوميًّا بين محامين وقضاة ومتهمين وشهود؟! ومن جانبه يرى الدكتور عثمان الحفناوي، المستشار القانوني ورئيس اللجنة الشعبية لإنقاذ مصر من الفساد، أن المقترح بمدينة العدالة يصعب تنفيذه على أرض الواقع، موضحًا أن هناك صعوبات بالفعل تواجه المحامين والمتقاضين في مركزية بعض المحاكم وقلة عددها مثل محاكم الاستئناف التسعة فقط على مستوى الجمهورية، فهل الدولة تريد مضاعفة المشكلة بإنشاء مدينة مركزية للعدالة؟ وأضاف ل"البديل" أن المصريين لا يحتاجون إلى مدن عدالة مكيفة وأنيقة، بل يحتاجون إلى إسراع إجراءات التقاضي، وألا يستمر النظر في القضايا لخمس سنوات من التأجيل والنقل بين الدوائر، بل يحتاجون إلى سهولة توسيع إنشاء المحاكم في المحافظات، لتوزيع القضايا عليها، ومن ثم إنهاء الإجراءات سريعًا. وطالب الحفناوي الرئيس السيسي ومجلس القضاء الأعلى بأهمية التوسع في إنشاء محاكم الاستنئاف بدلاً من سبع، لتصبح 26 محكمة لكل محافظة، للتخفيف عن المواطنين، فالمتهم الذي يتقدم بالنقض يجب أن يحضر محاميه للقاهرة لتقديمه في محكمة نقض الإسعاف، ومن ثم توفير الوقت والجهد على المحامين والقضاة أيضًا. وتابع أن إنشاء المحاكم الابتدائية والجزئية في المحافظات يؤدي لتخفيف الضغط على مركزية بعض المحاكم، ومن ثم تسهيل الإجرءات والإسراع في الأحكام والفصل في القضايا. أما عن أكاديمية تدريب القضاة فيرى الحفناوي أنها هامة لمزيد من التطوير وإكساب الخبرات لشباب القضاة، وخاصة من هم على درجات رؤساء نيابة، فالأكاديمية ستكون همزة الوصل بين الدراسة النظرية والواقع العملي، ولكن يجب توفير معاهد لها في كل محافظة، لصعوبة الانتقال وتكاليفه.