أثيرت تخوفات حول تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر التعداد السكاني، بوجود قرابة 10 ملايين وحدة سكنية مغلقة، ورأى فيها كثيرون رسالة غير مباشرة إلى البرلمان لتمرير مشروع تعديل قانون الإيجارات القديمة وتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، الذي أحدث ضجة وغضبا شعبيا كبير خلال طرحه في دور الانعقاد الثاني، بينما رأى آخرون أن السيسي ألقى حجرا في المياه الراكدة؛ لوضع حلول لأزمة الإسكان. وقال المهندس عمرو حجازي، نائب رئيس جمعية حقوق المضارين من قانون الإيجار القديم، إن تصريحات الرئيس السيسي في مؤتمر تعداد السكان جاءت في وقتها؛ لإنهاء الأزمة العالقة منذ سنوات حول قانون الإيجارات القديمة والوحدات المغلقة، التي تراكمت منذ حكم الدستورية العليا عام 2005 بإتاحة الفرصة للمالك بأن يملك شقة ويؤجر أخرى، ما خلق أزمة الوحدات المغلقة. أضاف حجازي ل"البديل"، أن عدد السكان المستأجرين على النظام القديم يشكلون 7%، وغالبتهم لديه سكن بديل، ما أوجد حوالي 10 ملايين شقة مغلقة، وبرزت مشكلة بين الطرفين؛ فالمالك يخشى تأجير الشقة لمواطن يصعب إخراجه منها بعد انتهاء مدة العقد، مع طول أمد التقاضي، والمستأجر يغلق الوحدة لابنه نظرا لانخفاض القيمة التي يدفعها. وعن تحرك البرلمان لإعداد قانون فرض الضرائب العقارية على الوحدات المغلقة، قال: "أمر جيد، لكن قبل التطبيق، يجب تعديل تشريعي بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، أو كما تم تخفيض القيم الإيجازية بقانون، يتم رفع قيمة العقارات القديمة لتصل إلى سعر السوق الحالي، وبالتالي المالك أو المستأجر الذي يغلق شقته، يصبح مجبرا على فتحها لأنه يدفع أموال عليها وضرائب"، مضيفا: "لا يوجد أزمة سكن في مصر، لكن يوجد أزمة في القوانين والتشريعات". وأوضح محمد عبد العال، المحامي والخبير في تشريعات الإسكان: "عند قراءة الأرقام التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يجب التفرقة بين مصطلحين أساسيين، سواء على المستوى القانوني أو الواقع؛ فالشقق الخالية التي تحدث عنها السيسي حوالي 10 ملايين وحدة، 4.8% كاملة التشطيب، و4.2 % قيد التشطيب؛ بمعنى أنها في حيازة مالكها الأصلي ولم يتم الاتفاق عليها بعقد إيجار أو انتفاع أو غيرها، والأمر يختلف عن الشقق المغلقة التي تصل إلى 3.6 % مليون وحدة و100 ألف لسفر الأسرة بالخارج، وهناك 2 مليون شقة مغلقة لوجود سكن آخر". وتابع عبد العال ل"البديل"، أنه يجب معرفة تفاصيل كثيرة عن الوحدات سواء الخالية أو المغلقة، فالنوع الأول يؤكد فساد السياسيات الإسكانية التي نفذتها الدولة خلال العقدين الماضيين، بالاتجاه إلى البناء من أجل التمليك فقط، ما سبب ركودا عقاريا أدى إلى إهدار الثروة المالية في عقارات أكثر من حاجة السوق، بل أكثر من القدرة الشرائية لغالبية المواطنين، مشددا على ضرورة إعادة النظر في التشريعات، وأبرزها مقترح الدكتور بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان، بفرض ضريبة نوعية على الوحدات المغلقة. وفيما يتعلق بأزمة الشقق المغلقة، أكد: "نحتاج إلى إعادة النظر فيما يسمى بقانون التمويل العقاري لتوسيع العمل به ليشمل الفئات التي يمكن أن تستفيد منه، وبالتالي تحقيق التواصل بين الودائع المتراكمة في البنوك دون استفادة منها وبين الشقق المغلقة، لإعادة الاستثمار فيها باستهداف بيعها عن طريق التمويل العقاري، بما يؤدي إلى إعادة طرح رؤوس الأموال الراكدة في شكل كتل أسمنتية إلى السوق مرة أخرى، ما يحقق رواجا اقتصاديا كبيرا". وطالب عبد العال بضرورة قراءة الأرقام التي صدرت في مؤتمر التعداد السكاني بشكل دقيق وترجمتها لرؤية عامة، ورسم خطط استراتيجية، لوضع حلول للمشكلة الإسكانية في مصر، مؤكدا أن تصريحات السيسي ألقت بالكرة في ملعب البرلمان والحكومة الآن للتحرك بشكل فعال والبحث عن آليات تنفيذية وتشريعية لتيسير حل المشكلة، الناشئة عن السياسات الخاطئة والمنحازة لشرائح معينة. ومن جانبه، كشف الدكتور إسماعيل نصر الدين، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، عن إعداده مشروع قانون مكملا لقانون الإيجار القديم، يفرض رسوما على الشقق المغلقة التي يسافر أصحابها للخارج ويتركونها لسنوات دون سكن، أو يستغلونها في الاستثمار العقاري، موضحا أن القانون يهدف إلى دفع المسافرين إلى بيع الشقق أو تأجيرها، ما يصب في النهاية في صالح الشباب وحل أزمة الإسكان. وأضاف عضو لجنة إسكان البرلمان، أن حصيلة الضرائب ستكون من نصيب صندوق الإسكان التكافلي، الذي سيتكفل بدفع الإيجارات للأسر غير القادرة بعد تطبيق قانون الإيجار القديم، وتغيير العقود المبرمة بين صاحب العقار والمستأجر.