تشهد البحيرات المرة بالإسماعيلية حالة من الإهمال والتلوث غير مسبوقة، بعدما غطت مياه الصرف المختلطة بالقمامة شواطئها مع طبقة زيتية من مخلفات السفن العابرة لقناة السويس؛ مما أثر على الثروة السمكية بالبحيرات، وبالتالي على مصدر الزرق الوحيد ل 7 آلاف صياد، فضلاً عن تدمير السياحة الداخلية، حيث تقع العديد من القرى السياحية على شواطئ البحيرات المرة، مما أدى لهجرها بعد إصابة المواطنين والمصيفين بالأمراض. تقع البحيرات المرة فى منتصف المجرى الملاحي لقناة السويس، وتبلغ مساحتها 250 كيلو بعمق يصل إلى 20 مترًا، وتتكون من بحيرتين: البحيرات المرة الكبرى والبحيرات المرة الصغرى، وتشكل أهم حاجز لقناة السويس من حركة التيارات البحيرية والمد والجزر أثناء تلاقي البحرين الأحمر والمتوسط في قناة السويس. يقول محمد مبارك، عامل بإحدى القرى السياحية الواقعة على البحيرات المرة: في موسم الصيف نجاهد لتنظيف الشواطئ كل صباح؛ للحصول على قدر معقول من النظافة، ولكن لا نستطيع تنظيف الشواطئ من مخلفات السفن من زيوت ومواد كيماوية ومياه الصرف الصحي، التي تسبب الإزعاج للمصيفين، بل وتصل لإصابة البعض بأمراض جلدية، ويأتون إلينا، ويتهموننا بالسبب في هذا التلوث، وتنشب المشاجرات دائمًا، رغم أننا نعمل يوميًّا على إزالة المخلفات من شواطئ البحيرات المرة. وأضاف أن الوضع زاد بشكل كبير، والتلوث يتضاعف يوميًّا دون تدخل أي مسؤول، وقمنا بارسال العديد من الشكاوى لكافة الجهات مصحوبة بصور؛ لتوضح ما وصل إليه التلوث، ولكن لم يتحرك أحد، مشيرًا إلى أن التلوث زاد خلال شهر أغسطس الماضي لأسباب يجهلونها، ويتزايد يوميًّا بشكل كبير دون وجود أي رادع لمنعه. وأشار إلى أن مصرف المحسمة يصب في البحيرات المرة كميات هائلة من الصرف الصحي، ومصرف الملاريا الذي يصب أيضًا في البحيرات المرة يوميًّا كميات ضخمة من مياه الصرف الصحي والصرف الزراعي والصناعي ومخلفات الورش، وكلها نجدها على الشواطئ، بالإضافة إلى مخلفات السفن العابرة لقناة السويس من زيوت وكيماويات، وكل هذا كفيل بالقضاء على أي حياة بحرية بالبحيرات، فضلاً عن إصابة العديد من العاملين والمصيفين بأمراض جلدية نتيجة هذا التلوث. وأكد محمد حجاج، أحد الصيادين بمنطقة البحيرات المرة، ان التلوث هو عدوهم الأول، وتلوث البحيرات المرة خلال الأيام الماضية زاد بشكل كبير؛ ليقضي علينا بعد القضاء على مصدر رزقنا من الأسماك، فأصبحت الشواطئ تمتلئ بالقمامة الممتزجة بالزيوت والمخلفات مع أسماك نافقة، وأصبح عناء تنظيف الشباك كبيرًا جدًّا دون الحصول على أي أسماك تعوض هذا المجهود، وخسر معظم الصيادين معداتهم بسبب هذا التلوث، ولا نستطيع التوغل فى البحيرات للصيد؛ فهو ممنوع للدواعي الأمنية، وتركنا المسؤولون نصيد التلوث بشباكنا على شواطئ البحيرات المرة. وتابع أن المسؤولين يرددون دائمًا أنهم بصدد إنشاء محطات معالجة للصرف الصحي، وأنهم يسيطرون على مخلفات السفن العابرة، ولكنها مجرد تصريحات لا أساس لها على أرض الواقع، حيث تزيد المخلفات بشكل يومي، وتقضي على مصر رزقنا، مطالبا بتدخل رئيس الجمهورية لنجدتهم وايقاف مصرفي المحسمة والملاريا اللذين يصبان ملايين الأمتار من مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي في البحيرات المرة. هذا وكشفت مجموعة من الدراسات البيئية الحديثة التي صدرت في الإسماعيلية مؤخرًا عن خطورة مياه الصرف الصحي ومخلفات السفن التي يتم إلقاؤها في البحيرات المرة، بالإضافة إلى مخلفات المصانع والورش الكيماوية، حيث تلقي معظم المصانع المتواجدة بالمنطقة الصناعية مخلفاتها من بقايا مواد كيماوية ومعادن ثقيلة بالبحيرات؛ مما أثر على الصيد والسياحة، حيث يعيش ما يقرب من 7 آلاف صياد على ضفاف البحيرات، ليس لهم عمل سوى الصيد، بالإضافة إلى القرى السياحية، حيث تعد شواطئ البحيرات من أهم شواطئ الإسماعيلية والمتنفس الوحيد لها، ويعاني المصيفون مع الصيادين من تلوث المياه، وينتظرون تطهير البحيرات. من جانبه قال اللواء ياسين طاهر، محافظ الإسماعيلية، إن هناك لجنة سيتم تشكيلها، تضم ممثلين من الإسكان والبيئة والزراعة والري والاستثمار والحي والجامعة وهيئة الثروة السمكية؛ لبحث مشكلة البحيرات المرة والوقوف على مصادر وأسباب التلوث وحصرها، وكذلك حصر الأضرار الناتجة عن هذا التلوث؛ ليتم رفع التقرير إلى مجلس الوزراء؛ للإسراع في المشروعات الخاصة بتحويل مسارات الصرف الصحي التي تصب في البحيرات، والاستفادة منها، واستكمال شبكات ومحطات الصرف الصحي بالمحافظة.