تشهد بحيرة التمساح بالإسماعيلية، التي كانت تحظى بشهرة عالمية لتميز أسماكها التي لا مثيل لها في العالم، حالة من الإهمال وارتفاع نسبة التلوث في مياها؛ جراء اختلاطها بمياه الصرف الصناعي والصحي والزراعي وتصريف أكثر من 2 مليون متر مكعب يوميًّا منها عن طريق مصرف المحسمة؛ لتنضم الى باقي الملوثات التي تجتاح البحيرة، وتزايدت فى الأيام الأخيرة؛ لتغتال البحيرة، فتقتل الأسماك، وتنشر الأمراض بين الصيادين، الذين لا حيلة لهم ولا مصدر رزق سوى هذه البحيرة. يقول محمد رشدي، من أبناء مدينة الإسماعيلية وأحد صيادي البحيرة، إنهم محاصرون بالموت من كل مكان، الأوضاع الأمنية من جهة، والتلوث وضيق الرزق والأمراض من الجهة الأخرى، ولا نستطيع تلبية احتياجات أبنائنا، ومعظمنا أخرج أبناءه من المدارس؛ نظرًا للأوضاع الاقتصادية والأمنية وأكد أنهم يتم منعهم من الاقتراب من المجرى الملاحي للدواعي الأمنية، والبحيرة أصبحت ملوثة تمامًا بمياه الصرف الصحي والقمامة وبقايا مخلفات السفن والصرف الزراعي، وأن "التلوث غطى البحيرة، وأدى لنفوق كثير من الأسماك، ونحاول جاهدين البحث عن الأسماك، فينهرنا البعض ويهاجمنا، ويقول إن الأسماك التى نصطادها ملوثة"، متسائلًا "أين نصطاد إذن، ولا يوجد مكان بديل؟ فنحن عائلات ترعرعت على مهنة الصيد، ولا نعرف أي مهنه سواها، ونتمنى تطهير البحيرة كما وعدنا المسؤولون منذ سنوات، ومنع هذه المياه الملوثة من الاختلاط بمياه البحيرة؛ حفاظًا على أرواحنا كصيادين، وأيضًا على أسماك القناة المعروفة بجودتها، خاصة بعد أن أخذت سمعة أنها أسماك ملوثة. وتابع أن هناك العديد من الأمراض التى يصاب بها الصيادون نتيجة تلوث مياه البحيرة، خاصة أن هناك مواد سامة قادمة من مصانع العاشر، بالإضافة إلى مياه الصرف الصحي والزراعي، "ونحن لا نتبع أي هيئة، ورزقنا يومي، والمرض معناه الموت لنا، بخلاف عدم مقدرتنا على العلاج، فننتظر الموت البطيء". مطالبًا المسؤولين بتنفيذ وعودهم وتطبيقها على أرض الواقع وإغلاق كافة المصارف التي تطل على البحيرة وتطهيرها، وإنقاذ ما تبقى منها رأفة بهم وبحالهم. وقال جمال السيد، مهندس من أبناء الإسماعيلية، إنهم طالبوا بتطهير بحيرة التمساح منذ سنوات، وتم رصد ميزانيات لتطهيرها، وكان هذا فى عام 2010، لكن لم يتم شيئء، وما زالت مياه الصرف الصناعي والزراعي والصحي تصب في البحيرة، الأمر الذى يؤدى إلى موت الأسماك، وخاصة الزريعة، فنجد الأسماك الصغيرة تغطي مياه البحيرة وهي متعفنة، وتصدر عنها رائحة كريهة، تختلط مع باقي الملوثات، وتصيب من يتعامل معها بالعديد من الأمراض. وأكد أنها كانت في الماضي غاية في الجمال وشفافة من نقائها، وأنهم كانوا يشاهدون الأسماك في المياه من صفائها ونقائها، وظلت مصدر الطعام الوحيد للعديد من الفترات العصيبة التي مرت بها المحافظة، خاصة عقب نكسة 67. واليوم يشاهدون الأسماك، لكن ميتة ومتعفنة، تلك الأسماك التي كانت ذات شهرة عالمية، حيث كانت البحيرة تضم العديد من الأسماك التي استوطنت بها، وأنتجت نوعًا جديدًا ذا مذاق خاص، لا يوجد في أي مكان بالعالم. وتابع أن هناك العديد من المؤسسات البيئية التي حذرت من خطورة هذه الملوثات، حيث تقوم معظم المصانع بالإسماعيلية، وخاصة المنطقة الصناعية، بإلقاء بقايا المواد الكيماوية من معادن ثقيلة وخفيفة في البحيرة؛ مما أثر عليها وعلى مصدر رزق 7 آلاف صياد. ومن جانبه قال اللواء ياسين طاهر، محافظ الإسماعيلية، إنه يعلم بالأزمة، ويعمل على حلها، حيث إن هناك مشروعًا قوميًّا لنقل مصرف المحسمة إلى شرق قناة السويس عبر سحارة ترعة سرابيوم، والاستفادة من كميات مياه الصرف التي كانت تصب في بحيرتي التمساح والصيادين بمدينة الإسماعيلية، بكميات تتراوح ما بين مليون ومليون و250 ألف م3 بصفة يومية، والاستفادة من المياه بعد معالجتها في إضافة مساحات جديدة إلى الرقعة الزراعية بسيناء، تتراوح بين 30 و40 ألف فدان، وأضاف أن التكلفة التقديرية للمشروع بلغت 620 مليون جنيه، وتشمل تعديل مسار المصرف حتى سحارة ترعة سرابيوم بتكلفة نحو 400 مليون جنيه، وإقامة محطة معالجة ثلاثية للمياه بتكلفة نحو 220 مليون جنيه، مؤكدًا أن هيئة التعمير بدأت بصورة فعلية في تنفيذ المحطة. وأضاف المحافظ أن المشروع سيقضي على التلوث الذي تعاني منه بحيرتا الصيادين والتمساح، وأنه سيتم عمل بوابات وقناطر على مصبات مصرف المحسمة على بحيرة الصيادين والمتصلة ببحيرة التمساح؛ لمنع تدفق المياه إلى البحيرتين، ثم تعديل مسار المصرف؛ ليتجه إلى سرابيوم، ومنه إلى البيارة الثالثة التي يجري تنفيذها في سحارة سرابيوم أسفل قناة السويس إلى أراضي سيناء، ومنها إلى محطة المعالجة الثلاثية، لافتًا إلى أن كمية المياه التي سيتم نقلها من الصرف الزراعي تضاهي كمية المياه العذبة التي سيتم نقلها يوميًّا عبر سحارة سرابيوم لري الأراضي في سيناء. تعد بحيرة التمساح من أهم البحيرات الموجودة بالمجرى الملاحي لقناة السويس، وهي واحدة من أربع بحيرات مائية مالحة، تمر بها قناة السويس، ويقع على شواطئها عدد كبير من المصايف والنوادي، وهي عبارة عن حوض طبيعي مساحته حوالي 1900 فدان بمتوسط عمق 10 أمتار، وتحوي ما يقرب من 90 مليون متر مكعب من المياه المالحة، وتتصل بمسطحين مائيين، هما البركة الغربية والمجرى الملاحي لقناة السويس.