في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات والمشتقات البترولية، قرر أهالي عزبة مرسي، التابعة لمركز طامية بالفيوم، مقاطعتهم المواد البترولية كافة في حياتهم اليومية، والعود لاستخدام المواد البدائية التي ترجع لعصور ما قبل الحداثة؛ مثل المحراث البلدي والمنقد والكانون والفرن البلدي. ويقول حسن محمد، أحد أبناء القرية: ارتفعت الأسعار في الفترة الأخيرة بشكل لا يمكن مواجهته، فالشعور بعدم مقدرتنا على تحمل تكاليف زراعة الأرض والمصاريف على المحاصيل جعلنا نفكر في استعادة زمن أجدادنا بأدواتهم، وحرث الأرض بالمحراث البلدي، الذي يتم تعليقه في رقبة بقرتين، معصوبتي العينين ومدربتين على طرق الحرث والمشي والدوران والالتفاف يمينًا ويسارًا، من خلال حبل يربط على أُذن كل بقرة، ويتكلف الفدان حرث وتقطيع في حدود 150 جنيهًا، في حين أن تكلفة الجرار الزراعي في الحرث تتخطى ال500 جنيه. وأضاف أن الدورة الواحدة لحرث المحراث البلدي بمثابة ثلاث دورات لمحراث الجرار الزراعي، بخلاف أن المحراث البلدي يحافظ على خصوبة التربة وعدم دكها، وهناك أماكن ضيقة لا يستطيع الجرار الوصول إليها، بينما يمر بها المحراث البلدي، وهو ما قمنا به فتحسن الحال بشكل ملحوظ. وأكد حمادة أبو شنب أننا لم نعد نستخدم اسطوانات الغاز في منازلنا، واستعضنا عنها باستخدام الكانون والمنقد في تجهيز وطهي الأطعمة وتسخين المياه، ونستخدم الفرن البلدي في تجهيز الخبز والحلويات أيضًا، فأفضل الأطعمة نأكلها من هذه الأدوات البدائية والطبيعية، بعيدًا عن نار الأسعار التي اكتوى بها الجميع، فنحن هنا في تلك العزبة نحاول بقدر الإمكان التغلب على غلاء المعيشة بدلًا من ذل الحكومة، بعدما تأكدنا أن المسؤول لا يعتني بالفقراء والمزارعين. وأشار رمضان عبد الحميد إلى أننا في القرية نستعين بالمحراث البلدي لأنه يحافظ على خصوبة الأرض ويقضي على الحشائش وأقل تكلفة مقارنة بالأسعار في تلك الأيام، ونحن كمزارعون عاجزون عن زراعة الأرض بالأساليب الحديثة، وبدلًا من البوار عدنا إلى استخدام أدوات الزراعة البدائية، رغم أن استخدام الماشية والأبقار مُتعب جدًّا، ويحتاج إلى شخص يسير خلفها، فهذا تعب أيضا ومشقة، لكن هذا هو البديل الصعب، «نعمل إيه وهى الحياة تعب في تعب». «البلدي لا يعلى عليه» رددتها أحلام محمد، سيدة من أبناء القرية، واسترسلت: «اسطوانة الغاز وصلت ل50 جنيهًا، ماله عيش الفرن البلدي، أطعم بكتير من عيش المخابز الأفرنجي اللي بيستخدم فيه الغاز والسولار، أطعم أكل اللي مستوي علي الحطب والكانون، أحلي كوب شاي تشربه من المنقد، الخير في الأرض من السماد الطبيعي، الماشية بدأت تطرح خير أكتر بنعمل منه السمن البلدي والجبن، رغم ان شبابنا كانوا متعودين على الدلع والرفاهية، إلَّا إن الأصل فينا الفِلاحة والعيشة البسيطة، اللي كلها خير.