لعب غلاء الأسعار وسوء الأحوال المعيشية لكثير من المواطنين دورًا كبيرًا في ضعف الإقبال على صكوك الأضاحي بغالبية المحافظات، مقارنة بالأعوام الماضية، ويبلغ سعر الصك الواحد هذا العام نحو 1500 جنيهًا، فيما يفضل الكثيرون التعاون بينهم لشراء الأضحيات خاصة من الخراف متوسطة الثمن، وتوزيعها بمعرفتهم، وبصفة عامة شهدت المحافظات إقبالًا ضعيفًا على أسواق المواشي لشراء الأضحيات. ففي محافظة بورسعيد، شهدت الأسواق إقبالا محدودا على شراء صكوك الأضاحي التابعة لوزارة الاوقاف، فلم تزد الصكوك التي بيعت حتى الآن على 121 صكا، رغم مناشدة المحافظة للقادرين وتشجيعهم على الشراء، ومرور مندوبين من مديريات الأوقاف على المحلات التجارية بشوارع بورسعيد بصحبة مندوبين من المحافظة والشرطة لإقناع التجار بشراء الصكوك التي تعود على الفقراء الأكثر احتياجًا. وقال محمد رضوان، أحد التجار بالسوق التجاري، إنه اشترى صك الأضحية بقيمة 1500 جنيه بعد أن زاره مندوبون من مديرية أوقاف المحافظة معهم أحد موظفي الحي وفرد شرطة لتشجيعه على شراء صك أضحية للتبرع به للفقراء، رغم عدم رضائه عن الطريقة التى تستخدمها المحافظة لجمع صكوك الأضاحي، مشيرًا إلى أن الوضع الاقتصادي صعب جدًا على التجار بسبب ضعف حركة البيع والشراء، وأن غلاء الأسعار دفع الغالبية الى عدم التضحية. وفي شمال سيناء، تم تشكيل لجنة من قبل المحافظة وقوات الأمن والأوقاف للمرور على مشايخ القبائل وكبار العائلات والتجار لجمع تبرعاتهم الخاصة بصكوك الأضاحي لإعادة توزيعها في التجمعات البدوية المنتشرة في الوديان والمناطق الفقيرة بمختلف أنحاء المحافظة، ورافق اللجنة قوات من الأمن نظرًا للأوضاع الصعبة في المحافظة، وجمعت اللجنة منذ بداية طرح صكوك الأضاحي بشمال سيناء حتى الآن ما يقرب من 100 صك، ويتوقع أن تصل إلى 150 صكا حتى حلول عيد الأضحى. أما محافظة جنوبسيناء، دفع الارتفاع الجنوني لأسعار الأضاحي إلى هجر أسواق المواشي المنتشرة في جميع المدن، والتى كانت تشهد رواجا في مثل هذه الأيام، وتراوحت أسعار الخراف فيها من 5 إلى 8 آلاف جنيه، والأغنام من 2500 إلى 5 آلاف جنيه، بينما تراجع الموردون عن توريد العجول نظرًا للظروف الأمنية، والبقاء بالأكمنة لعدة أيام، وكذلك لغلاء الأسعار، إضافة إلى تفضيل الأهالي تناول لحوم الخراف والماعز في عيد الأضحى. وتشهد أسواق المواشي في محافظة السويس حالة من الركود على غير المعتاد بسبب غلاء الأسعار، وقرار المحافظة بمنع إقامة أي شوادر للأغنام وقيام الحي بجولات يومية على أماكن الشوادر المعروفة والمنتشرة بالمحافظة، ورغم ذلك مازالت بعض الشوادر تعمل مثل شادر منطقة الدمراني بحي الأربعين، وشادر منطقة الهويس بحي الأربعين، وشادر منطقة عرب المعمل بحي عتاقة، فيما يتجول أعراب الراعية بمواشيهم في كل الأنحاء لعرضها للبيع. وتلعب العائلات والقبليات دورًا في قلة الإقبال على صكوك الأضاحي بمحافظة المنيا، حيث من المعتاد أن تقوم كبار العائلات خاصة بالقرى، بذبح كميات كبيرة من الأضحيات وتوزيعها من خلال كشوف بأسماء المحتاجين تابعة للجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، ما يجعل فرص شراء الصكوك ضعيفة للغاية. وأكد مصدر بمديرية أوقاف المنيا، أن هذا العام هو الأضعف من حيث شراء صكوك الأضاحي مقارنة بالأعوام الماضية، وأن هناك بعض المراكز لم تتجاوز الصكوك التي بيعت بها العشرة صكوك فقط، مرجعا ذلك إلى تقاليد أبناء المحافظة بالذبح والتوزيع بأنفسهم، أو من خلال المشاركة في شراء أضحية واحدة لمتوسطي الدخل وتوصيلها إلى الفقراء والمحتاجين في المناطق النائية والعشوائية. في ذات السياق تضاربت تصريحات المسؤولين بمديرية أوقاف سوهاج حول صكوك عيد الأضحى، التي أعلنت وزارة الأوقاف عن توافرها في المساجد، وقال الشيخ علي طيفور، وكيل الوزارة إنه وصل للمديرية 325 صكًا للأضاحي، تم توزيعها على إدارات الأوقاف الرئيسية بالمراكز والقرى. وعانت مراكز وقرى محافظة أسيوط من ركود عملية شراء صكوك الأضحية من الأوقاف، أو عمليات بيع وشراء أضاحى العيد، نتيجة لارتفاع أسعار الخراف والعجول والبقر، قبل أيام قليلة من عيد الأضحى، فلجأ المواطنون لسوق الماعز باعتباره الأرخص، وحلًا لمشكلة الأسعار قررت المحافظة طرح 50 طن لحوم مبردة بسعر 61 جنيها للكيلو، و50 طن فراخ برازيلى بسعر 31 جنيها للكيلو و55 رأس جاموس إناث مسموح بذبحها بسعر 85 جنيها للكيلو بمنافذ مشروع الثروة الحيوانية وسيارات البيع المتنقلة بمختلف أنحاء ومراكز المحافظة وذلك بالتنسيق مع مشروع الثروة الحيوانية بالمحافظة ومديرية التموين. وقال الدكتور عبدالناصر نسيم، وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، إن المديرية نجحت فى تفعيل صكوك الأضاحي لهذا العام، من خلال تعريف المواطنين بأهمية المشروع الذي أطلقته الوزارة لمساعدة الفقراء والمحتاجين، إلا أن الأعداد التي قامت بشراء الصكوك حتى الآن قليلة، مقارنة بالأعوام الماضية. وفي محافظة الفيوم، قال الشيخ حسني أبو حبيب، وكيل مديرية أوقاف الفيوم إن المديرية تقوم بموجب توكيل المتبرع "المضحي" بجمع المال عن طريق المديرية نفسها أو من خلال أئمة المساجد الكبرى بالمحافظة، بموجب إيصال رسمي معتمد, إيمانًا بتعظيم دور الصدقة, وترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي, لافتًا إلى أن مبلغ الصك كاملًا يذهب في مصرفه الشرعي للأسر الأكثر احتياجًا دون أي خصومات أو مصاريف إدارية تحت أي بند لأي من القائمين على مشروع الصكوك. وأوضح أبو حبيب ل"البديل" أن نسبة الإقبال هذا العام ضعيفة عن العام السابق، ربما بسبب الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار, وقد تم جمع قرابة 30 صكا حتى الآن مرشحة للزيادة, ويستمر جمع الصكوك حتى يوم عرفة, ثم تتولى مديرية التموين شراء الأضاحي, والإشراف على عملية الذبح, والتوزيع بالتعاون مع التضامن الاجتماعي والمسجل لديها قطاع كبير من الأسر الفقيرة بواقع كيلو جرام للأسرة المكونة من 3 أفراد و2 كيلو للأسرة التي تضم 4 أفراد فأكثر خلال أيام العيد، وقالت "سيدة.ع" أرملة وتعول 3 فتيات، إن الجمعيات الأهلية هي التي تقوم بتوزيع اللحوم على الأسر البسيطة ثاني أو ثالث أيام العيد. لم تختلف الأوضاع كثيرًا في مراكز وقرى محافظات الدلتا، والتي عانت من ركود عمليات بيع وشراء أضاحي العيد نتيجة لارتفاع الأسعار، عن الأعوام الماضية ما أدى إلى لجوء المواطنين للتعاون فيما بينهم وشراء أضحية واحدة بشكل جماعي تشاركي، حتى لا يفوتهم ثواب الأضحية، وكي لا تحرم أسرهم من فرحة العيد. وذهب فريق آخر إلى شراء صكوك الأضاحي من الجمعيات الأهلية الخيرية وعلى رأسها جمعية الأورمان المنتشرة على نطاق واسع بمحافظات الدلتا، والتي وفرت خدمة توزيع اللحوم على الفقراء والمحتاجين نيابة عنهم، كما أعلن عدد من الجمعيات توزيع اللحوم والملابس والأغذية والمساعدات. وفي محافظة البحيرة تراجع الإقبال بشكل ملحوظ على صكوك الأضحيات، مقارنة بالعام الماضى وذلك بسبب الزيادة الكبيرة التى شهدتها الصكوك بسبب تعويم الجنيه وارتفاع الأسعار بشكل عام، وتعتبر البحيرة واحدة من المحافظات الريفية التي لا تنتعش فيها صكوك الأضاحى سوى في عدد من مدنها مثل دمنهور وكفر الدوار ورشيد. وأكد أحمد سليمان، مهندس، أنه لجأ العام الماضي إلى صك الأضحية لتوفير الوقت والجهد، وأيضا للتكلفة الأقل من شراء خروف، مشيرًا إلى أنه فوجئ هذا العام بزيادة تصل إلى 40%، وهذا يمثل له صعوبة كبيرة على حد قوله. وأشار أحمد عفيشة، جزار بمركز شبراخيت، إلى أن صكوك الأضاحي لا وجود لها في غالبية قرى البحيرة، وأنه رغم ارتفاع أسعار الخراف والماشية فإن الإقبال على صك الأضحية ضعيف جدا. محافظة الإسكندرية جاءت في المركز الأول من حيث بيع الأضاحي هذا العام، وقال الشيخ محمد العجمي، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، إنه تم صرف 670 صك أضحية، موضحًا أن المحافظة هي الأولى في بيع الصكوك على مستوى الجمهورية، وتخطى بيع الصكوك المليون جنيه. وتابع العجمي: العام الماضي تم شراء 1300 بقرة وتم توزيع أكثر من 200 ألف كيلو من اللحوم على المستحقين، ولم يرتبط إخراجها بوقت معين، حيث إن دار الإفتاء تجيز توزيع لحوم الأضاحي طول أيام السنة.