تطورات يشهدها الملف الليبي في الأيام القليلة المقبلة، تعيده إلى واجهة الأحداث في الشرق الأوسط، فبعد ترتيب لقاء يجمع رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج والقائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر في فرنسا، يبدو أننا أمام تحركات دولية جديدة، يقودها الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون، في وقت اشتدت فيه حدة الأزمة بسبب تباين مواقف الخصوم السياسيين، إلا أنه بدا واضحًا أن الحوار يلوح كحل وحيد قادر على تهدئة أجواء التنافس والصراع على النفوذ بين أطراف تبسط سيطرتها على المنطقة الشرقية وأخرى تتمتع بنفوذ في المنطقة الغربية. ويعتزم فائز السراج وخليفة حفتر عقد مباحثات الثلاثاء في باريس، حيث وصل قائد الجيش الليبي إلى فرنسا، بينما يُنتظر وصول رئيس الحكومة الليبية، في وقت يأمل فيه أن ينهي الحوار الاقتتال بين الخصوم الذي يهمين على البلاد منذ سقوط معمر القذافي عام 2011. وكان حفتر والسراج قد أجريا مباحثات في مايو في الإمارات للمرة الأولى من أكثر من عام ونصف، وتناولت مباحثاتهما اتفاقًا تدعمه الأممالمتحدة ، ورغم أن مراقبين قالوا بعد لقاء أبوظبي إن الوضع في ليبيا يتجه نحو حل قريب للأزمة، إلا أن تطورات المشهد في الفترة الأخيرة أعادت الصراع إلى نقطة التنافس بين قوى الشرق والغرب الليبية. ويقول مراقبون إن تطورات الصراع السياسي الليبي في الآونة الأخيرة تفرض ضرورة لقاء الخصوم مجددًا حول طاولة حوار؛ بهدف إيجاد أرضية مشتركة لحل الأزمة التي تعيشها البلاد، ورغم العوائق والتحديات التي تقابل نجاح هذه المبادرة الفرنسية، إلا أن اللقاء في حد ذاته يعتبر خطوة جديدة على طريق وقف التصعيد العسكري بين الطرفين، لا سيما وأنه يلعب دورًا في تقريب وجهات النظر. وحسبما خرج من معلومات عن اللقاء فإن المحادثات التي ستجري برعاية فرنسية تهدف التوصل الى حل ينهي أزمة سياسية تعيشها ليبيا منذ سنوات، رغم تعدد المبادرات المطروحة باستمرار من قبل قوى إقليمية ودولية لحل الأزمة السياسية في ليبيا، والتي عجزت عن تحقيق نتائج ملموسة. في المقابل تباينت ردود فعل السياسيين والنخبة في الفترة الأخيرة، حول المبادرات المقدمة للأزمة السياسية، حيث دعا رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج الأسبوع الماضي إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في مارس 2018 ، كما تضمنت مبادرته الإعلان عن وقف جميع أعمال القتال، باستثناء ما يخص مكافحة الإرهاب، وشملت تشكيل لجان مشتركة من مجلس النواب ومجلس الدولة، للشروع في دمج مؤسسات الدولة المنقسمة وضمان توفير الخدمات للمواطنين وفصل الصراع السياسي عن توفير الخدمات. ودعا السراج من خلال خارطة الطريق التي قدمها إلى إنشاء المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية، ودراسة آليات تطبيق العدالة الانتقالية، وجبر الضرر والعفو العام، بالإضافة إلى إنشاء لجان للمصالحة بين المدن. لكن قوبلت مبادرة السراج بالرفض من قبل رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح المتحالف مع حفتر، من جهة أخرى قدم قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، مبادرة مصالحة بين قبائل الجنوب، ولكن مبادرة الأخير طرحت الكثير من الأسئلة، أهمها: هل ستكون بديلة عن ملف العدالة الانتقالية، أم أنها مصالحة عرفية بين القبائل فقط؟ وأدى تباين المواقف إلى تنافس جديد محتدم بين القوات التي تبسط نفوذها على الشرق وأخرى في الغرب، حيث منح حفتر المجلس الرئاسي مهلة ستة أشهر لتحسين الأوضاع الاجتماعية والأمنية في ليبيا، مهددًا باقتحام طرابلس، وقال أواخر يونيو الماضي إن «صبر الجيش نفد، هناك الآن مدة ستة أشهر، وإذا شعرنا بأي تراخٍ وتَرَدٍّ أكثر في أوضاع الناس، فالجيش سيتخذ خطوة في أي وقت، ولن نستمع بعدها لأي أحد»، فيما قال متابعون إن مبادرة السراج ليست سوى رد على تصريحات حفتر الأخيرة عن المجلس الرئاسي.