انتهت الأزمة العاصفة التي مرت على الحكومة الفرنسية في الفترة الأخيرة، لا سيما داخل حقيبة الجيش، بعدما أعلن رئيس أركان الجيش الفرنسي بيار دو فيلييه استقالته، إثر رفضه سياسات الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون الداعية إلى تخفيض ميزانية القوات المسلحة. وجاء إعلان رئيس أركان الجيش الفرنسي استقالته بعد أسبوع من انتقادات وجهها إليه الرئيس الفرنسي حول ميزانية الجيش، وكتب الجنرال دو فيلييه في بيان «في الظروف الحالية، لا أعتقد أنني قادر على الحفاظ على استمرارية نموذج الجيش الذي أؤمن به لضمان حماية فرنسا والفرنسيين اليوم وغدًا، ولدعم طموحات بلادنا». ويبدو أن رئيس الأركان يتحدث عن مشاركات الجيش الفرنسي الكثيرة في الخارج، فمنذ خمسة أعوام وهو يشارك في عدد من العمليات العسكرية في الداخل والخارج، وهي: عملية "الحارس" و"سيرفال" في مالي، ثم "برخان" في الساحل الإفريقي، وكذلك مشاركته في العمليات ضد تنظيم "داعش" بسوريا والعراق ضمن التحالف الدولي. وما أثار بلبلة في الأوساط العسكرية الفرنسية اليومين الماضيين هو بقاء رئيس الأركان في منصبه، رغم توجيه ماكرون إنذارات عدة إليه، حيث قال له، عندما تردد أن الجنرال بيير دو فيلييه أبلغ لجنة برلمانية بأنه لن يسمح للحكومة بأن "تعبث معه" فيما يتعلق بخفض الإنفاق مستخدمًا لفظًا نابيًا، إنه ليس أمام رئيس الأركان سوى الموافقة على ما يقول. وقال ماكرون، الذي يشغل أيضًا منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة؛ بوصفه رئيسًا للبلاد، لصحيفة لو جورنال دو ديمونش "إذا وقع خلاف بين رئيس أركان الجيش والرئيس.. يذهب رئيس الأركان"، وكان ماكرون ذكر يوم الخميس أنه لن يتهاون مع المعارضة العلنية من قبل الجيش، مؤكدًا أنه لا بد أن يعرف رئيس الأركان "تسلسل القيادة وكيف تعمل". وما كان يغضب ماكرون كثيرًا انتقاده داخليًّا من قبل شخصية سيادية لاقتطاعات معلنة في ميزانية الجيش، وقال دو فيلييه «حرصت منذ تعييني على الحفاظ على نموذج لجيش يضمن التناسب بين التهديدات التي تحيط بفرنسا وأوروبا وبين مهام جيوشنا التي تتزايد باستمرار والسبل والميزانيات الضرورية لتنفيذها»، مذكرًا بأنه كان يتولى منصب رئاسة الأركان منذ ثلاث سنوات ونصف السنة. وكان الخلاف الحاد بين الرجلين اندلع الأسبوع الماضي بعد شهرين فقط على انتخاب ماكرون، بينما كانت فرنسا تستعد للعرض العسكري لاحتفالات يوم الباستيل (اليوم الوطني لفرنسا) في 14 يوليو الذي حضره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كضيف شرف، فيما رصدت معلومات عن حجم الأموال التي سيقتطعها البرلمان الفرنسي من ميزانية الجيش، والتي حددها ب850 مليون يورو (979.46 مليون دولار) في إطار جهوده لخفض نفقات الدولة. واعتبر الرئيس الفرنسي أن الخلاف مع رئيس الأركان اختبار مبكر لقدرته على تخطي الأزمات واقناع من تحته ببرنامجه السياسي والاقتصادي، الذي يؤمن بضرورة خفض ميزانية الدفاع لعام 2017؛ لضمان أن تتمكن باريس من الوفاء بتعهدات قطعتها بخفض العجز في الميزانية لأقل من ثلاثة في المائة من الدخل القومي، وهو المستوى الذي حدده الاتحاد الأوروبي. الأمر الغريب و ما أثار الجدل أنه بعد تقديم بيار دو فيلييه استقالته، أعلن ماكرون مرة أخرى عزمه رفع ميزانية وزارة الدفاع تدريجيًّا، بعد تعيين رئيس أركان جديد، الأمر الذي يوحي بأن سياسات الجانبين كانت غير متوافقة، وأن طلبات الرئيس الفرنسي بتخفيض الميزانية وما عقبها من استقالة لرئيس الأركان ليست هي السبب الوحيد للخلاف الواسع بين الطرفين. وأفاد المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، كريستوف كاستانير، أمس أنه من المتوقع أن يتم تعيين رئيس أركان خلال ال24 ساعة القادمة، ونقل المتحدث عن ماكرون قوله، خلال اجتماع وزاري، إنه يعتزم رفع ميزانية الدفاع بنسبة 2% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2025.