يؤكد قرار مجلس الأمن، الصادر الخميس الماضي، بمواصلة حظر التسليح على ليبيا، استمرار الموقف الضبابي الدولي من الملف الليبي وعدم الإجماع على وجهة نظر واحدة حيال الأزمة المتصاعدة منذ ستة أعوام. الانقسام في ليبيا تشهد ليبيا حالة من الانقسام يتكللها صراع بين عدة أطراف على الشرعية، فبينما تعتبر حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج نفسها الجهة الشرعية الوحيدة بسبب الدعم الدولي، يعتبرها البرلمان الليبي في طبرق غير شرعية بسبب عدم الموافقة عليها حتى الآن من قِبَله، فيما تستمر الحكومة المؤقته في الشرق الليبي بمهام عملها على أساس نفس الاعتبارات، في حين تقول حكومة الانقاذ الوطني في طرابلس، إنها تراجعت عن تسليم وزارات لحكومة الوفاق لمخالفتها وعودها. ويرى مراقبون أن أول أسباب تمديد مجلس الأمن العقوبات على ليبيا، بما فيها حظر الأسلحة، الانقسام الذي تشهده البلاد، والذي اعتبره المجلس يشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، وبينما شدد المجلس في بيانه على أهمية أن تمارس حكومة الوفاق الوطني الرقابة على الأسلحة وتخزينها بشكل آمن والتصدي الإرهاب، من خلال قوات أمن وطنية موحدة ومعززة تحت السلطة الحصرية لحكومة الوفاق في إطار الاتفاق السياسي الليبي، الأمر الذي يزيد من تأكيد المجلس الاعتراف بحكومة الوفاق والقوات المنبثقة عنها، ويظهر هذا البيان موقفًا غامضًا من الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر. ويشكل القرار خيبة أمل لكل الأطراف المتصارعة في ليبيا، التي تطالب الأممالمتحدة برفع حظر التسليح المفروض على ليبيا، حتى يتسنى الاستمرار في التقدم نحو مناطق تسيطر عليها تنظيمات متطرفة والانتهاء من محاربة الإرهاب. وكان الفرقاء الليبيون قد وقّعوا في ديسمبر 2015 اتفاقًا سياسيًّا في مدينة الصخيرات المغربية، لكن الاتفاق لم ينجح في إنهاء حالة الانقسام لتتحول فيما بعد حكومة الوفاق إلى طرف جديد في الأزمة، ومنذ حوالي عام لم تراوح الأزمة السياسية مكانها، ولم ينجح اللقاء الذي جمع حفتر والسراج، مطلع مايو الماضي، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي في حلحلة الجمود السياسي. ويطالب مؤيدو الجيش بقيادة حفتر بضرورة إلغاء المادة الثامنة من الاتفاق السياسي وتقليص أعضاء المجلس الرئاسي إلى رئيس ونائبين، حيث تنص هذه المادة على تحول المناصب السيادية والعسكرية إلى سلطة المجلس الرئاسي بمجرد توقيع اتفاق الصخيرات، بما في ذلك منصب القائد العام للجيش الذي يتولاه حاليًا حفتر. تضارب المواقف الدولية بشأن ليبيا وفي حين يثبت بيان مجلس الأمن أن الموقف الدولي يرى أن حكومة الوفاق هي الجهة الشرعية الوحيدة، كونها خرجت من اتفاق سياسي كانت تدعمه الأممالمتحدة في عام 2015، يبدو أن استمرار العقوبات يعكس حالة الانقسام الدولي حول ليبيا، حيث تظهر مواقف دولية متضاربة بشأن الأزمة، ففي الوقت الذي ترى فيه روسيا أن الحل في دعم الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، للقضاء على الإرهاب، يظهر الموقف الأوروبي الأمريكي اتجاه الأزمة غامضًا إلى حد بعيد وغير واضح، لاسيما بعد وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم، فبعد أن كانت الإدارة الأمريكية السابقة وحلفاؤها الغربيون يدعمون بشكل واضح الحكومات المناهضة للشرق الليبي بما فيها قوات الجيش الليبي حفتر، والذي يستمد شرعيته من مجلس النواب المنتخب عام 2014 والمعترف به دوليا، وقد نجح طيلة السنوات الماضية في دحر الجماعات المتطرفة، بدا واضحًا في الآونة الأخيرة عدم الاكتراث للملف الليبي والانشغال أكثر فأكثر بملفات آخرى، إلَّا أن نجاح الجيش الليبي في الأونة الأخيرة في معركته ضد الإرهاب دفع عدة دول، كانت إلى وقت قريب تعتبر ما يحدث في بنغازي حربًا أهلية، إلى الاعتراف بدوره في القضاء على الإرهاب، لكن ما زال الموقف العام متضاربًا. عدم حسم المعركة في الوقت ذاته يؤكد مراقبون أن التضارب الواضح في الموقف الدولي، الذي انبثق عنه قرار يؤيد استمرار حظر التسليح والعقوبات على ليبيا، يأتي على خلفية عدم حسم المعركة من أي طرف ليبي، فازال الجيش الليبي مستمرًّا في معركته ببنغازي ضد جماعات متشددة منها تنظيم داعش الإرهابي، فيما تعمل قوات الوفاق الليبية على بسط سيطرتها بشكل كامل على العاصمة طرابلس، حيث بدأ المجلس الرئاسي الأسابيع الماضية ما أسماه ب«إعادة تنظيم الجيش» دون مشاركة قوات الجيش في المنطقة الشرقية «الجيش الليبي»، مما يعكس تواصل الخلافات بين الطرفين، ويؤشر إلى مزيد من الانقسامات بين الشرق والغرب الليبي قد تصل إلى حد المواجهة العسكرية.