بمجرد أن تلقى مشعل بن حمد آل ثاني، سفير قطر في واشنطن، أنباء عن أن السعودية والإمارات والبحرين قطعت علاقتها بدولته الصغيرة المصدرة للغاز، ما أدى إلى انشاق بين حلفاء الولاياتالمتحدة في الخليج، لم يتوقف عن مكالماته الهاتفية في وقت متأخر لوزارة الخارجية الأمريكية. وقال السفير إنه منذ ذلك الحين على اتصال مستمر بالوزارة، وقد طمأنه دبلوماسيون أمريكيون بأن العلاقات بين الولاياتالمتحدةوقطر التي تستضيف قاعدة جوية أمريكية ضخمة لا تزال قوية. يحاول المسؤولون في واشنطن إيجاد حل للفوضى التي يقوم بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في هذه الأزمة، حيث يلقي بعض المحللين اللوم عليه. ومن جانبه يقول بروس ريدل (يعمل بوكالة الاستخبارات المركزية منذ 30 عامًا، ومستشار لأربعة رؤساء أمريكيين في منطقة الشرق الأوسط): ترامب غير مسؤول عن الانقسام، كما أن حزبه لم يكن على علم بأن السعودية ستنقلب ضد قطر، حيث إن الفعل السعودي جاء نتيجة جرأة متزايدة من زيارة ترامب للرياض في الشهر الماضي. وخلال هذه الرحلة دعا ترامب إلى تحالف واسع النطاق ضد الإرهاب، ولكنه الآن يواجه انقسامًا عميقًا بين حلفائه في المنطقة، بعدما تحركت السعودية والإمارات والبحرين ومصر لعزل قطر وطرد مواطنيها ودبلوماسيها، وإغلاق المجال الجوي أمامها، بالإضافة إلى الحدود البرية وبدء الحصار الاقتصادي. يخشى السعوديون وغيرهم من رفض قطر حظر جماعة الإخوان التي تسعى إلى تشكيل صيغة سياسية للإسلام، كما وجهت لها اتهامات بتمويل الجماعات الإرهابية في سوريا ومصر وليبيا وأماكن أخرى. وقال ريدل: ما فعله السعوديون بكل بساطة هو أنهم لعبوا على نقاط ضعف ترامب، وحاصروه بالمال والذهب، ولم يسمحوا لوسائل الإعلام الأمريكية بالاقتراب منه لمدة يومين. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن خطط الحلفاء تجاه قطر كانت سرية، ولم تكن الولاياتالمتحدة على علم بهذه الخطوة. يبدو أن الآلية الدبلوماسية الأمريكية تدخلت سريعًا، إذ في يوم الاثنين، حث وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، على وحدة الحلفاء، مؤكدًا أن الدول كافة بما فيها قطر ملتزمة بمحاربة تنظيم داعش. كما أكدت المتحدثة باسم ترامب على أنه يحث على حل الأزمة، إلا أن ترامب وفي صباح اليوم التالي احتفل بالخلافات بين قطر والخليج من خلال تغريدة على موقع تويتر، موضحًا أن التحرك ضد قطر انتصار لجهوده لوقف تمويل الإرهاب. وقال روبرت مالي، رئيس سابق لمعهد سياسة الشرق الأوسط في عهد إدارة باراك أوباما، والآن عضو في مجموعة الأزمات الدولية: تغريدات ترامب كانت غير دبلوماسية وغير دقيقة، كما أن السيد آل ثاني فوجئ بها وكذلك موظفو وزارة الخارجية، حيث تحول ترامب 180 درجة بين ليلة وضحاها. تحدث ترامب في نفس الليلة مع العاهل السعودي، مؤكدًا وحدة الخليج، وبعدها تحدث مع أمير قطر، وحثه على إجراء محادثات، وبحلول يوم الخميس قالت قطر إن ترامب كان حاسمًا في حل الأزمة. وفي يوم الجمعة دعا تيلرسون السعوديين وحلفاءهم إلى إنهاء الحصار المفروض على قطر، والذي قال إنه يفرض صعوبات، ويعرقل الجهود العسكرية الأمريكية في الجملةعلى داعش. التغيير الأكثر أهمية في موقف ترامب هو دعوته في الأيام القليلة الماضية إلى التفاوض حول تسوية، حيث يوضح مالي أن الرئيس يتصرف وفقًا لغرائزه، وبعد ذلك تتطور وجهات نظره بناء على ما قاله. ولفت مالي إلى أن الأزمة القطرية أرسلت رسائل مختلطة، وتصرفات ترامب القادمة لا تزال غير متوقعة، فهو يتعامل معك على أنك عدو اليوم وفي الغد صديق. تغريدات ترامب أبرزت الازدواجية التي عصفت بالمشاركة الأمريكية في أزمة قطر. وقال لوري بلوتكين بوغاردت، المحلل السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية في معهد واشنطن: عندما يتعلق الأمر بالسياسة تجاه الدوحة، يتعين على الولاياتالمتحدة أن تقرر ما إذا كانت تريد تعزيز هذه العلاقات أو إحباطها. المقال الأصلى: اضغط هنا