في كل يوم يثبت التحالف الكردي الأمريكي أن مطامعه في العراق متزايدة ولا حدود لها، وأن حجة محاربة تنظيم داعش الإرهابي التي بُني عليها هذا التحالف تخفي وراءها الكثير من علامات الاستفهام التي تضر معظمها العراق حكومةً وشعبًا. الأكراد والصفقات المشبوهة على مدار السنوات التي ترأس بها الحزب الديمقراطي إقليم كردستان، دخل الأكراد في صراعات ومهاترات إن كانت داخلية أو خارجية وحتى مع بغداد، لا سيما فيما يخص اقتصاد الإقليم ووارداته والحصص المقررة سنويًا في الموازنة، ليصل الحال داخل إقليم كردستان إلى توترٍ ما بين الأحزاب الكبيرة ومناوشات وتصعيد سياسي، حيث اتهم الاتحاد الوطني الكردستاني حزب بارزاني بأنه سبب تراجع الإقليم اقتصاديًا، وطالبه عن كشف مصادر تمويله لأنه مسيطر بشكل متشعب على كل مفاصل كردستان والهيمنة على مقاليد السلطة. حركة التغيير الكردية طالبت بمحاكمة رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني، لهدره ثروات الشعب الكردي على خلفية إبرام عقد نفطي طويل الأمد مع شركة "روس نفط" الروسية ولمدة 20 عاما، واعتبرت حركة التغيير هذه الأفعال خيانة وطنية لا تغتفر، ومغامرة بمصير كردستان، وهذا التصعيد ليس بالجديد، فمنذ عام 2013، طالبت الأحزاب الكردية عائلة برزاني بالتنحي عن السلطة وإفساح المجال لغيرهم في رئاسة كردستان، ويبدو أن نقطة الخلاف الرئيسية هي مقاليد السلطة التي دفعت بهم للمناكفات والاتهامات، ويبدو أنها ستصل للمحاكمات. وعلى مستوى الحكومة الاتحادية في العراق، ففي الوقت الذي أكد فيه مستشار الأمن الاقتصادي في وزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان بيوار خنسي، اليوم الثلاثاء، أن الاتفاق النفطي الأخير بين حكومة إقليم كردستان وروسيا هو اتفاق قانوني وحق من حقوق الإقليم، أكدت لجنة النفط الطاقة النيابية في البرلمان العراقي عدم شرعية أي اتفاق نفطي مع أية دولة دون موافقة الحكومة الاتحادية، داعيا الأخيرة إلى اتخاذ الإجراء المناسب بحق من لم يلتزم بفقرات ومواد الدستور العراقي. وقال عضو اللجنة حسين العواد إن "أي اتفاق نفطي مع أية دولة غير مشروع دون موافقة الحكومة الاتحادية على اعتبار أنها الطرف الوحيد الذي يحق له توقيع أي اتفاق نفطي دولي، مشيرا إلى أنه وبحسب الدستور العراقي فلا يحق لأي إقليم أو محافظة أن تجري اتفاقات نفطية ما لم يوجد هناك أي تخويل لها من قبل الحكومة الاتحادية"، وأضاف العواد أن "على الحكومة الاتحادية الاعتراض على الاتفاق الروسي الكردي وإبلاغ السفارة الروسية بعدم الرضا وتذكير الجانب الروسي بالعلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية بين موسكووبغداد والتلويح بمبدأ التعامل بالمثل في حال تم تطبيق ذلك الاتفاق أو أي اتفاق آخر دون موافقة بغداد". أمريكا وتجارة السلاح مخطط أمريكا في السيطرة على الحدود العراقية سواء مع سوريا أو مع الأردن بانت معالمه وباتت واضحة من تحركاتها وطريقة رسمها لمسارات قواتها، فهي اليوم تعمل جاهدة من أجل السيطرة على تلك المنطقة لما لها من أهمية استراتيجية إن أعيد افتتاحها أمام المدنيين، فالطريق السريع رقم 1 الممتد من بغداد إلى الأردن ووفقُا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإنه قد منح عقد إدارته واستثماره لشركة الخدمات العسكرية "كونس تيلس"، ما يعني أن جبايته ستكون بمبالغ طائلة، إضافة إلى أن الشركات الأمنية والمعروف عنها أنها باب من أبواب المافيا، ستعمل أيضًا في تجارة الأسلحة عبر هذا الطريق، الذي هو في الأصل كان الطريق الأول في المنطقة لتجارة الأسلحة القادمة من السعودية إلى العراقوالأردنوسوريا، حيث سيكون لتجار الأسلحة ارتباط بتلك الشركة الأمنية التي تعمل على جني الأموال والعودة بها إلى واشنطن، وهو ما كشفت عنه صحيفة "مورننج ستار" البريطانية، والتي بينت أن شركة "أوليف جروب" التابعة لشركة "كونس تيلس" هي من ستتولى حماية الطريق، فيما ستقدم شركة "أكاديمي" مرافقين مسلحين لحماية قوافل السيارات التي تسير على الطريق الدولي من العراق إلى الأردن. شركة أكاديمي هي "بلاك ووتر" ذاتها إلا أنها عادت إلى العراق بتسمية جديدة من أجل عدم إثارة المجزرة السابقة لها بحق العراقيين في ساحة النسور عام 2007، والتي أدت إلى استشهاد 17 عراقيًا. أما الطريق المؤدي إلى سوريا فهو محتل بقوات أمريكية، ففي معبر التنف السوري تتواجد تلك القوات، وهي الآن تدرب عناصر كردية وعربية وتهيئهم للشروع بعملية من أجل السيطرة على دير الزور الغنية بالنفط. تواجد أمريكا في هذه المنطقة جاء من أجل مكاسب ومغانم لها في المنطقة، وأيضًا من أجل العمل على إيجاد مركز نفوذ لها على تخوم الحدود بين تلك البلدان الثلاثة.