ألقى قرار السعودية والإماراتوالبحرين ومصر بقطع العلاقات مع قطر بظلاله على الأوضاع الداخلية في الدولة التي باتت مُحاصرة من جيرانها في منطقة الخليج، حيث ظهرت تأثيرات القرار سريعًا ليس على المستوى السياسي فقط، بل على المستوى الاقتصادي أيضًا، فظهر التأثر الفوري على بعض القطاعات وعلى رأسها البورصة والنفط، فيما يتوقع المحللون أن تظهر تداعيات أخرى أكثر خطورة على الدولة الصغيرة قد تجعلها على حافة العزلة والانهيار. قطع العلاقات أعلنت مصر والسعودية والبحرينوالإمارات قطع علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية بدولة قطر، اعتراضًا على دعمها للجماعات الإرهابية، والترويج للأفكار المتطرفة، وتدخلها في الشؤون الداخلية، حيث كانت البحرين في طليعة الدول التي أعلنت قطع علاقتها مع قطر، فجر اليوم الاثنين، ثم توالت البيانات من السعودية والإمارات ومصر، الأمر الذي يشير إلى وجود توجه وإجماع عربي على عزل الدوحة ومعاقبتها اقتصاديًّا وسياسيًّا. الدول الخليجية ومصر لم يكتفوا بقطع العلاقات الدبلوماسية فقط، حيث نص البيان السعودي على إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، كما يمنع على المواطنين السعوديين السفر إلى دولة قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها، وعلى المقيمين والزائرين منهم المغادرة خلال مدة لا تتجاوز 14 يومًا، كما يمنع لأسباب أمنية احترازية دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى المملكة العربية السعودية، ويمهل المقيمون والزائرون منهم مدة 14 يومًا للمغادرة. بيان البحرين لم يختلف كثيرًا عن السعودية، حيث نص على أن تمهل المنامة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد، مع استكمال تطبيق الإجراءات اللازمة، إضافة إلى غلق الأجواء أمام حركة الطيران وإقفال الموانئ والمياه الإقليمية أمام الملاحة من وإلى قطر خلال 24 ساعة من إعلان البيان. وأمهلت أيضًا الإمارات البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد، فيما أعلنت مصر أنها ستغلق أجواءها وموانئها البحرية أمام كافة وسائل النقل القطرية؛ حرصًا على الأمن القومي المصري، وستتقدم بالإجراءات اللازمة لمخاطبة الدول الصديقة والشقيقة والشركات العربية والدولية للعمل بذات الإجراء الخاص. تأثير القرار داخليًّا جاءت البورصة على رأس المتأثرين بالقرار، حيث هوت سوق الأسهم القطرية اليوم الاثنين، ونزل مؤشر البورصة 7.6 في المائة في الساعة الأولى من التعاملات، وكانت بعض الأسهم القيادية في السوق هي الأكثر تضررًا، حيث هوى سهم فودافون قطر الأكثر تداولًا بالحد الأقصى المسموح به يوميًّا والبالغ عشرة في المائة، فيما هبط سهم بنك قطر الوطني، أكبر مصرف في البلاد، 5.7 في المائة، كما ارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية القطرية إلى أعلى مستوياتها في شهرين، وارتفعت عقود مبادلة مخاطر الائتمان القطرية لخمس سنوات نقطتي أساس عن إغلاق الجمعة، لتصل إلى 61 نقطة أساس مسجلة أعلى مستوى لها منذ أوائل إبريل. النفط أيضًا كان من أول المتأثرين، حيث ارتفعت أسعار النفط نحو 1 في المائة، وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 48 سنتًا أو ما يعادل 1 في المائة إلى 50.43 دولار للبرميل، وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 48 سنتًا أو ما يعادل 1 في المائة إلي 48.14 دولار للبرميل. أما بالنسبة للوقود، فالبحرين تتبوأ المرتبة الأولى في تصدير الوقود إلى قطر، وتتبعها الإمارات بإجمالي نحو 200 مليون دولار، فيما تحتل الإمارات صدارة الدول المصدرة للمعادن إلى قطر، بإجمالي سنوي يفوق النصف مليار دولار. توقف الخطوط الجوية بين قطر والدول الأربع يعني انحصار السياحة إلى حد كبير، حيث استقبل مطار الدوحة 37.3 مليون مسافر عام 2016، بزيادة نحو 7 ملايين مسافر عن عام 2015، فقد أصبح محظورًا على الطائرات القطرية أن تحط أو تمر من مطارات الدول الأربعة، وأصبح منفذ قطر الوحيد إلى أوروبا هو إيران ثم تركيا، الأمر الذي سيكلفها ملايين الدولارات كخسائر مترتبة على زيادة زمن الرحلة وزيادة مدة التشغيل وتكاليف الوقود، وهو ما قد يترتب عليه انصراف الركاب عن الخطوط الجوية القطرية، وتوجههم لشركات طيران أجنبية، مما يكبد الخطوط الجوية القطرية خسائر فادحة بالمليارات إذا استمرت الأزمة لفترة طويلة. إغلاق المواني والمنافذ البرية يعتبر المؤثر الأكبر على الاقتصاد القطري، خاصة فيما يخص السعودية، فقطر لا تملك أي حدود برية إلا مع السعودية فقط من خلال معبر أبو سمرة الحدودي، الأمر الذي يعني أن إغلاقه يمثل تعطيل الكثير من المصالح القطرية مع جارتها السعودية، ومع بقية دول الخليج العربية التي ينفذ القطريون إليها من خلال السعودية، حيث تشير الأرقام إلى أن معبر أبو سمرة الحدودي بين قطر والسعودية استقبل أكثر من 326 ألف زائر خلال الفترة من 10 يناير إلى 5 فبراير الماضي، كما يشهد المعبر يوميًّا عبور ما بين 600-800 شاحنة. من ناحية أخرى فإن إغلاق المنافذ البرية من شأنه أن يؤثر على حلم استضافة قطر لمونديال عام 2022، حيث من المتوقع أن يقابله بعض العراقيل، خاصة أن قطر تعتمد على الحدود البرية السعودية فى استيراد غالبية متطلبات البناء الضخمة التى يحتاجها المشروع. التجارة البرية أيضًا ستصاب بالشلل الكامل، فالسعودية والإمارات من أهم الشركاء التجاريين لقطر، فقد تخطى حجم التبادل التجاري بين السعودية وقطر حدود ال7 مليارات ريال سنويًّا، كما تعد المملكة الشريك التجاري الثاني لقطر بعد الإمارات، وقد أظهرت بيانات السجل التجاري القطري أن السوق القطري يضم 315 شركة سعودية بملكية كاملة ورؤوس أموال تبلغ 1.234 مليار ريال قطري، إضافة إلى 303 شركات مشتركة برأس مال قطري إلى جانب سعودي يبلغ 1.252 مليار ريال قطري، ناهيك عن أن حجم الاستثمارات السعودية في قطر وصل نحو 108 ملايين دولار خلال الفترة بين 2003 و2015. تبرز أهمية الدولتين بشكل خاص فى ملف تجارة الغذاء، فبحسب بيانات عام 2015 تأتى الدولتان فى المرتبة الأولى والثانية من حيث الدول المصدرة للمواد الغذائية إلى قطر وبإجمالى 310 ملايين دولار، كما تأتى السعودية فى المرتبة الأولى، والإمارات فى الخامسة للمصدرين للمواشي لقطر، بإجمالى 416 مليون دولار، وفى تجارة الخضراوات تأتى الإمارات فى المرتبة الثانية والسعودية فى الرابعة من حيث المصدرون، وبإجمالى 178 مليون دولار سنويًّا.