كشف مشروع موازنة الولاياتالمتحدة لعام 2018، الذي أرسلته الإدارة الأمريكية إلى الكونجرس، الاثنين الماضي، زيف ادعاءات ديمقراطية وسلام الرئيس دونالد ترامب؛ بعدما تضمنت تخصيص 639 مليار دولار للمؤسسة العسكرية "البنتاجون"، بزيادة قدرها 52 مليار دولار عن العام المالي الجاري، ما يشير إلى احتمالية زيادة التدخلات العسكرية الأمريكية في شؤون الدول الأخرى. بنود الموازنة الجديدة أطلقت الإدارة الأمريكية مشروع موازنة جديد للعام المالي المقبل، الذي يبدأ 1 أكتوبر عام 2017، بحجم 4.1 تريليون دولار، وتم إرساله إلى الكونجرس، وتضمن تخصيص 639 مليار دولار للمؤسسة العسكرية، بزيادة قدرها 52 مليار دولار عن العام الجاري، بالإضافة إلى 65 مليار دولار لعمليات لمكافحة الإرهاب في الخارج، بجانب ملياري دولار لبرنامج الدفاع الذي يتم تنفيذه من قبل وكالات أخرى غير البنتاجون، أي للنفقات السرّية على الأمن، التي يتم تضمينها عادة في ميزانية الدفاع. وتقترح الإدارة الأمريكية في مشروعها، زيادة الإنفاق على برامج الأمن النووي في العام 2018، ضمن المبلغ المخصص لوزارة الطاقة المقدر ب28 مليار دولار، أي إضافة مبلغ 1.4 مليار دولار، لتكون الزيادة 11%، مقارنة بالسنة المالية الجارية؛ لتعزيز القدرات النووية في البلاد. زيادة الإنفاق العسكري لن يقتصر على الأمن الخارجي فقط، بل تعتزم الإدارة الأمريكية زيادة ميزانية 2018 لوزارة الأمن الداخلي بنحو 7% مقارنة بالعام المالي الحالي، فوفقًا للمشروع الجديد، تصل ميزانية وزارة الأمن الوطني إلى 44.1 مليار دولار، بزيادة 2.8 مليار أكثر من ميزانيتها في 2017. ويشمل مشروع الميزانية المقترح، مخصصات لأمن حدود الولاياتالمتحدة، منها استثمار مبلغ 2.6 مليار دولار في البنية التحتية والتكنولوجيا التكتيكية، من ضمنها تخطيط وبناء جدار على طول الحدود الجنوبية (الجدار العازل على الحدود الأمريكية المكسيكية)، كما يقترح مشروع الميزانية مبلغ 1.5 مليار دولار، لزيادة التكاليف المرتبطة باحتجاز وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، كما سيتم إنفاق 1.5 مليار دولار على أمن أنظمة الكمبيوتر الأمريكية. في مقابل زيادات الأمن الداخلي والنووي، اقترحت الإدارة تعويضها بتخفيض ميزانية وزارة الخارجية بنسبة 29%، حيث سيصبح مجموع ميزانية وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة المالية في البرامج الدولية من مشروع الموازنة 27.1 مليار دولار، مقابل 38 مليار دولار في السنة المالية 2017، كما أن الخفض سيشمل المساعدات الدولية، حيث أظهرت مواد إعداد مشروع الميزانية الجديد نية ترامب خفض الإنفاق على المنظمات الدولية بحجم كبير يصل إلى 900 مليون دولار، أي بنسبة 37 %، مقارنة بالفترة السابقة، حيث أنفقت واشنطن على المنظمات الدولية ما يقرب من 1.446 مليار دولار في عام 2016، و1.443 مليار دولار في عام 2017. تتضمن الموازنة أيضًا اقتطاعات هائلة في الضمان الاجتماعي وتغييرات في برامج مكافحة الفقر، حيث تنص على تخفيض موازنة البرامج الاجتماعية الحكومية، بقيمة إجمالية 3.6 تريليون دولار، على مدى الأعوام العشرة المقبلة، وتشمل الاقتطاعات برامج عدة، خصوصًا مكافحة الفقر، الذي سيخفض منه 274 مليار دولار، و193 مليار دولار من برنامج قسائم الطعام المجانية للفقراء، وتحد الميزانية من تمويل برامج الرعاية الصحية للفقراء بقيمة 1.4 تريليون دولار. مشروع الموازنة الجديد، رأى فيها العديد من المراقبين، احتمالية إطلاق سباق تسليحي جديد في العالم، يضاف إلى السباقات التي أطلقتها وتطلقها الولاياتالمتحدة في جميع دول العالم، على رأسها "الخليجية" التي تتعطش للأسلحة من أجل خوض الحروب بالوكالة في الدول المُعادية لحلفائها الأمريكان والصهاينة وبضوء أخضر منهم، وفي الوقت نفسه، رجح العديد من المراقبين أن يرفض الكونجرس مشروع الموازنة على حالها، فعادة تضع الإدارة الأمريكية الميزانية كإعلان عن خطتها السياسية والاقتصادية، لكنها تخضع بعدها لتغييرات جذرية من قبل مجلسي النواب والشيوخ. وانتقدت المرشحة الرئاسية الخاسرة في الانتخابات الماضية، هيلاري كلينتون، الموازنة المقترحة بشدة، حيث اعتبرت أنها وصلت إلى مستويات لا يمكن تصورها من القسوة والشدة، وأضافت: الإدارة الحالية، تشن هجومًا جائرًا على احتياجات الأطفال والمعوقين والنساء وكبار السن، الفقر ليس جريمة وليس عيبًا أخلاقيًا.