رئيس حي حلوان: طرح مشروع التطوير للمسابقة العالمية لبدء التنفيذ خلال شهور نائب حلوان: تأجيره للشركات الخاصة الحل الوحيد لإنقاذه تحول مركز حلوان الكبريتي للطب الطبيعي والروماتيزم والمعروف باسم «كابريتاج حلوان» أحد أشهر مراكز السياحة العلاجية في مصر، إلى أطلال ومبنى مهجور يحوي أكوامًا من القمامة ووكرًا لتعاطي المخدرات، بعدما ضربه الإهمال وشوهته الأيادي القبيحة طيلة السنوات الأخيرة، حتى أغلق أبوابه في وجه الزائرين البسطاء الذين كانوا يحتاجوا لجلسات طبية بأقل التكاليف. كشفت «البديل» خلال جولة لا تخلو من مغامرة الوضع الذي آل إليه مركز حلوان الكبريتي، أكوام القمامة عند مدخل الكابرتاج الرئيسي، ومن خلفها ذلك السور المغلق بالقفل الحديدي الذي تآكل من الصدأ منذ سنوات، ولم يتبق من أسوار الكابرتاج المهملة سوى لافتات دعائية لأعضاء مجلس النواب، وأرقام هواتف للدروس الخصوصية، بعد تخطي البوابة الحديدية تهاجمك الحشرات الزاحفة المختبئة بين أكوام القمامة وأوراق الأشجار الذابلة على الأرض، وتجد الكابرتاج بعد تحوله إلى بناية مهجورة مخيفة، السلالم الجرانيتية البيضاء في المدخل، تهدمت وتحولت إلى حجارة مهشمة، وبهو الكابرتاج الذي كان يبتهج بالأعمدة الخضراء الجميلة تحول إلى سواد بفعل الأتربة والسخام والإهمال. أما حمامات الساحة فخوت تمامًا وأصبحت مأوى للقمامة، ولم يتبق منها سوى حرائق للقمامة ورائحة كريهة وحشرات ضارة، أما منطقة الشاليهات والاستراحات التي كانت تتيح الفرصة للمرضى أن يأخذوا قسطًا وافرًا من الراحة عقب العلاج هم وأسرهم، تحولت إلى غرف مهجورة مرعبة تملأها السرنجات التى يتعاطي بها المدمنون المخدر. يقول على السيد، على المعاش، إنه حزين على الخراب الذي أصبح عليه الكابرتاج، حيث كان يضج يوميًّا بالزوار من أهالي حلوان والمحافظات المختلفة، موضحًا أن الكابرتاج لم يكن فسحة يومية للاستحمام، بل كان مشفى علاجيًّا باستخدام الطرق الطبية الطبيعية، موضحًا أنه قضى أكثر من 3 شهور للعلاج من الآلام المفاصل والروماتيزم بالكابرتاج، عن طريق المياه الكبريتية والتدليك بالطمي والشع الطبي، ولم يتجاوز سعر الجلسة وقتها 7 جنيهات. بينما تقول الحاجة فوقية إمام، 50 عامًا، إنها تشعر بالألم والحسرة عند مروها يوميًّا على الكابرتاج القريب من منزلها، لتحوله إلى أطلال بعدما كان يزوره الآلاف سنويًّا من جميع أنحاء مصر وخارجها للاستشفاء. وأضافت أنها نصحت صديقتها التونسية منذ 20 عامًا للمجيء للكابرتاج بعدما أصيبت بمرض جلدي نادر، وبالفعل نجح الأطباء في المركز بمعالجتها، وعندما عادت إلى بلدها كانت أهم مصدر للدعاية للمركز، متسائلة: من المسؤول عن الإهمال الذي وصل إليه الكابرتاج؟ مطالبة الحي والمحافظة بسرعة تطويره. ومن جانبه يقول سمير عبد الملاك، 55 عامًا: الكابرتاح كان مزارًا للبشوات والطبقة الراقية قبل ثورة 1952، وكان يضج بالحضارة والرقي والجمال، ولكنه أصبح الآن بعد إهماله منذ فترة الستينيات حتى بلغ قمة الإهمال خلال العشر سنوات الأخيرة، ليصبح مغلقًا تمامًا، وحلم حياتي أن يعود ثانية لخدمة الأهالي الذين يأنون من ارتفاع أسعار العلاج الطبيعي بالمراكز الخاصة. وأضاف أن الكابرتاج لم يكن مكانًا للاستحمام فقط بل بيتًا للراحة والاستجمام والحصول على خدمة طبية جيدة باقل الأسعار، معربًا عن أنه عام 1986 كان يعاني من آلام بالعظام، ونصحه الأطباء بزيارة الكابرتاج، وبالفعل استخدم الحمام الكبريتي وجلسات المساج والطمي الكبريتي والشمع الطبي، ومع الوقت شعرت بالراحة، خاصة أنني ابتعدت عن الأدوية الكيميائية التي تسبب أضرارًا جسيمة للكبد والكلى. من جانيه قال محمد حسين، حركة تمرد حلوان: الكابرتاج تم إهماله بشكل جسيم خلال السنوات العشر الأخيرة حتى تحول من متنفس ومزار علاجي وسياحي وترفيهي للسكان برسوم دخول بسيطة، إلى خرابة ووكر للبطلجية ومتعاطي المخدرات والأعمال المنافية للآداب، مضيفًا أنه بعد ثورة 30 يونيو طالبنا أكثر من مسؤول بالحي والمحافظة بإعادة فتح الكابرتاج وتطويره. وأضاف في تصريحات خاصة ل«البديل» أن الكابرتاج يعتبر مصدرًا مهمًّا للدخل القومي، حيث كان يزوره القاصي والداني وليس أهالي حلوان فقط؛ نظرًا لجودة المياه الكبريتية الموجودة به وأهميتها في العلاج الطبيعي والاستشفاء من أمراض العظام، مؤكدًا أن تطويره سيعود بفائدة اقتصادية على الدولة. وبسؤاله عن طلب نائب حلوان بخصخصة الكابرتاج، يقول حسين: الخصخصة إجراء اقتصادي سيئ السمعة ومرفوض،، مضيفًا أن النائب يقترح أفكارًا من برج عاج لا تمثل أهالي حلوان البسطاء، حيث يطالبهم بأعبباء مضاعفة بعد طرحه للخصخصة وشركات القطاع الخاص الاستثمارية الهادفة للربح فقط. وأكد حسين أن تطوير الكابرتاج مسؤولية الدولة، متسائلًا: أين دور وزارة الاآثار للحفاظ على هذا الأثر التاريخي، وأين دور وزارة السياحة للترويج له، وأين دور وزارة الصحة للاستفادة من المياه العلاجية للمواطنين؟ مضيفًا أن العمل بطريقة الجزر المنعزلة تضيع فرصة النهوض بالكابرتاج. من جانبه يوضح رضا البلتاجي، عضو مجلس النواب عن حلون، أنه لم يطالب بخصخصة الكابرتاج بقدر المطالبة بتأجيره من المحافظة لصالح شركات عالمية متخصصة في السياحة والترفيه، بدلًا من بقائه كيانًا مهملًا وثروة مهدرة دون استغلاله. وأضاف فى تصريحاته الخاصة ل«البديل» أن مساحته تبلغ أكثر من 25 فدانًا، ويضم أكثر من نشاط، ليس فقط السباحة والترفية بل العلاج الطبيعي من خلال المياه الكبريتية، ومن ثم إعادة تطويره وهيكلته تتكلف ملايين من الجنيهات، وهو ما لا تستطيع الدولة تحمله لضعف الموارد، ومن ثم يجب استغلاله بطريقة علمية من خلال إحدى الشركات الخاصة التي توفر فرص عمل لشباب حلوان من سائقين وأطباء وعمال وتمريض وغيرهم. وبسؤاله عن مخاوف ارتفاع تكلفة العلاج بعد التأجير للشركات الخاصة، قال البلتاجي: يمكن دراسة تخصيص قسم للعلاج الاقتصادي آنذاك، مؤكدًا أن التأجير لن يكون بعقود مفتوحة بل لسنوات تتراوح من 15 إلى 20 سنة يتم تجديدها حال نجاح التجربة، مؤكدًا أنه يجب التفكير بطريقة عملية وليست رومانسية، فالسوق تخضع لسياسات العرض والطلب، وما لفائدة من ترك الكابرتاج مزارًا تراثيًّا لكنه خرابة، خوفًا من تأجيره للشركات الخاصة؟! وأكد أن اقتراحه تمت الموافقة عليه في لجنة الاقتراحات والشكاوى، وينتظر العرض على الجلسة العامة للحصول على أغلبية بالموافقة خلال الأسابيع المقبلة، ثم إرسال المقترح إلى مجلس الوزارء لاتخاذ قرارات التنفيذ. بينما يقول صادق عبد المعبود، رئيس حي حلوان والمسؤول عن إدارة مشروع التطوير للكابرتاج: اقتراح النائب رضا البلتاجي ليس جديدًا، بل إن حي حلوان اجتمع مع محافظ القاهرة منذ سبعة شهور ماضية لبحث عملية تطوير الكابرتاج ورفع كفاءته من جديد ليصبح كسابق عهده قبلة سياحية وعلاجية، وبالفعل نجحت المكاتب الاستشارية التي تعاونت معها المحافظة في الانتهاء من تصور لعملية التطوير. وأضاف في تصريحات خاصة ل«البديل» أن اللواء عاطف عبد الحميد، محافظ القاهرة، استعان بهذا التصور من خلال presentationتوضيحية، وعرضها على الخبراء الحاضرين بمؤتمر شرم الشيخ للسياحة العلاجية، الذي عقد في مارس الماضي, ولقي أعجابًا كثيرًا من رجال الأعمال الحاضرين وأعلنوا تبني خطة التطوير. وأكد صادق أن محافظ القاهرة تقدم بمذكرة بعد عودته من مؤتمر السياحة العلاجية لرئيس لوزراء، وبالفعل قرر تشكيل لجنة اقتصادية وزارية يرأسها محافظ القاهرة لتنفيذ خطة تطوير الكابرتاج، بالتعاون مع الوزارات المعنية؛ كالآثار والصحة والسياحة والبيئة، من المنتظر انعقاد أولى اجتماعات هذه اللجنة خلال الأيام المقبلة. وأوضح عبد المعبود أن خطة التطوير تستهدف تحويل الكابرتاج إلى منتجع طبي سياحي عالمي متكامل للاستشفاء يعيد حلوان إلى سابق عهدها كواحدة من أقدم وأشهر المدن ذات السياحة العلاجية، حيث يضم 38 حجرة للعلاج بالمياه الكبريتية وغرفًا للاستراحة و10 شاليهات لإقامة المرضى على بعد خطوات من أماكن العلاج، وجميعها محاطة بحدائق جميلة لتوفير مكان جيد لإقامة المرضى. وأشار إلى أن التطوير يشمل المباني القائمة حاليًا ورفع كفاءتها، وتطوير الحمامات الكبريتية مع توسعة مدروسة للمركز الطبي وزيادة عدد الشاليهات لجذب المترددين، وإقامة مركز الكابريتاج الجديد للاستشفاء البيئي، وكذلك عمل وحدات مستحدثة طبقًا للتقنية العالمية للطب الرياضي داخل الموقع، بإضافة أجزاء من المساحات الفضاء المحيطة للمشروع، مع إضافة تخصصات علاجية جديدة تحت إشراف وزارة الصحة. واختتم عبد المعبود تصريحاته بأن عملية التطوير تحتاج إلى أموال طائلة، لذا يجب طرحه على الخريطة الاستثمارية للمحافظة للبدء في التنفيذ، من خلال إعداد مسابقة عالمية لتطوير منطقة الكابريتاج بالكامل، يتم تنفيذها من خلال المشاركة مع القطاع الخاص، مع الالتزام بجدول زمني محدد للانتهاء من مشروع التطوير في أقرب وقت ممكن.