في وقت تعلو فيه صوت الخلافات الأردنيةالإيرانية حول الملف السوري، لا سيما مع اتهامات دمشق لعمّان بتنظيم تدريبات عسكرية على الحدود السورية تمهد لانطلاق تدخل غربي في سوريا عبر البوابة الأردنية، توجه ملك الأردن عبد الله الثاني، إلى العاصمة العُمانية مسقط، أمس الأحد، للقاء السلطان قابوس بن سعيد، في زيارة يرى محللون أنها لا تبتعد عن التطورات الدائرة في المنطقة، خاصة في الملف السوري والعلاقات مع إيران. والتقى السلطان قابوس بالعاهل الأردني الأحد، حيث استعرض الجانبان خلال اللقاء العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات، إضافة إلى بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك، بحسب وكالات الأنباء. تأتي زيارة ملك الأردن في خضم توتر العلاقة بين الأردنوإيران الناتج عن حرب كلامية إاندلعت بين كبار مسؤولي البلدين، وترجح أوساط سياسية عربية أن تكون لزيارة العاهل الأردنيلمسقط صلة بالتصعيد الجاري بين طهران وعمّان، خاصة أن مسقط ترتبط بعلاقات استراتيجية مع البلدين. اشتعلت الحرب الكلامية بين إيرانوالأردن في الأسابيع القليلة الماضية بعد تصريح للملك عبد الله الثاني، انتقد فيه دور طهران في المنطقة، الأمر الذي فاجأ الكثيرين في إيران، ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، تلك التصريحات بأنها "سخيفة وغير مدروسة وتعكس ببساطة جهله ونظرته السطحية تجاه تطورات المنطقة"، وعلى وجه السرعة، استدعت وزارة الخارجية الأردنية السفير الإيراني في عمان مجتبى فردوسي بور، وأبلغته احتجاجا شديد اللهجة على انتقادات إيران التي أعقبت تصريحات الملك عبد الله الثاني. يبني المتوقعون لدور عماني في حلحلة الأزمة الناشئة بين الأردنوإيران رؤيتهم على ما تتمتع به سلطنة عمان من علاقات جيدة بكافة الدول المحيطة والتي ترشحها للعب دور الوسيط في كافة الأزمات، إذ تعودت عُمان على النأى بنفسها عن أي تجاذب سياسي، وتتخذ منهجا محايدا في علاقاتها الدولية عامة، كما نأت بنفسها عن الانضمام لأي تحالفات خاصة بالأزمة السورية أو الأزمة اليمنية، ولها علاقات متوازنة مع كافة الأطراف، إضافة إلى نجاح وساطتها سابقا في الكثير من القضايا والملفات الشائكة، سواء في الأزمة السورية، أو الاتفاق النووي الإيراني، ودورها في المفاوضات الدبلوماسية للإفراج عن أمريكيين وبريطانيين في اليمن. وترتبط عمان مع الأردن بعلاقة تاريخية تعززت في السنوات الأخيرة عبر عقد العشرات من الاتفاقيات في مختلف المجالات، وآخرها اتفاقية الإعفاء المتبادل من تأشيرة دخول المواطنين التي وقع عليها الجانبان، ووصف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، العلاقات العمانيةالأردنية ب"الأخوية والوثيقة". في المقابل، تحتفظ سلطنة عمان بعلاقات وثيقة مع إيران، وتعتبر الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي تنأي بنفسها عن الصراع معها، ولعبت مسقط دورا بارزا في المباحثات بين طهران وواشنطن التي انتهت بتوقيع الاتفاق النووي في العام 2015. وفي ضوء ذلك يري المتابعون أن زيارة الملك الأردنيلعمان مرتبطة برغبته في تخفيف حدة التوتر مع إيران، إضافة إلى مناقشة تطورات الملف السوري ومخاوف الحكومة السورية من أن يكون هناك عمل معاد يتم التنظيم له من داخل الأردن، وأكد الملك الأردني مؤخرًا من أن الجيش الأردني لن يتدخل عسكريا جنوبسوريا، مضيفًا "نحن مستمرون بسياستنا في الدفاع في العمق دون الحاجة لدور الجيش الأردني داخل سوريا"، مؤكدا أن ذلك موقف ثابت وأن الهدف هو العصابات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم "داعش".