فاز المرشح الوسطي المستقل، إيمانويل ماكرون، في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بهزيمة منافسته من اليمين المتطرف مارين لوبان. وفاز وزير الاقتصاد الاشتراكي السابق، 39 عاما، بنسبة 65% إلى 35%، ليصبح أصغر رئيس فرنسي على الإطلاق، وقال ماكرون إن صفحة جديدة تحولت في التاريخ الفرنسي.. وأريد أن أكون صفحة من الأمل وتجدد الثقة. ذهب مواطنو فرنسا إلى صناديق الاقتراع في أبريل ومايو للتصويت في واحدة من أكثر الانتخابات الأوروبية حسما في عام 2017، ويعتبر تصويت فرنسا لرئيس جديد حدثا حاسما لمستقبل التكامل الأوروبي، وارتباط العلاقات مع الشرق الأوسط. غادر ماكرون، وهو مصرفي استثماري، كان مجهولا منذ ثلاث سنوات، الحكومة الاشتراكية للرئيس السابق فرانسوا هولاند في أغسطس، وشكل حركة "إن مارش" السياسية، ويقال إنها ليست من اليسار أو اليمين، واجتذبت 250 ألف عضو. ويريد ماكرون دفع إصلاحات السوق والعمل لجعل فرنسا أكثر قدرة على المنافسة وتعميق علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وقال في خطاب النصر: "سأدافع عن أوروبا.. إنها حضارتنا وهي على المحك.. سأعمل على إعادة بناء العلاقات بين أوروبا ومواطنيها". وضع انتصار ماكرون في فرنسا نهاية الشعبوية اليمينية المتطرفة التي اجتاحت العالم الغربي خلال العام الماضي، وأدت إلى تصويت بريكسيت وانتصار دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقال عزيز كامل، وهو مدير اقتصادي فرنسي لبناني: "انتصار لوبان كان سيصبح كارثيا.. الفرنسيون شعب منفتح جدا، وأنا لست مندهشا من نتائج الانتخابات". حافظت مارين لوبان على سجلها في تحسين شكل "الجبهة الوطنية" في كل انتخابات منذ أن أصبحت رئيسها في عام 2011، واعترفت سابقا في باريس: يجب على الجبهة أن تجدد نفسها بشكل عميق من أجل الارتقاء إلى الفرصة التاريخية والتقاء توقعات الشعب الفرنسي. وبفضل ما يقدر ب35% من الأصوات، حصلت على أكبر حصة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، وقد تحقق الجبهة الوطنية انتصارات لم يسبق لها مثيل في الانتخابات البرلمانية الفرنسية في الشهر المقبل، وربما أكبر منها في الأشهر والسنوات المقبلة. واتخذت لوبان موقفا صعبا بشأن الهجرة إلى جانب سلسلة من الإجراءات لمعالجة التهديد الإرهابي بما في ذلك رفع الجنسية الفرنسية من المواطنين المزدوجين واستعادة الخدمة العسكرية والحفاظ على حالة الطوارئ المثيرة للجدل التي أعلنتها الحكومة الاشتراكية في أعقاب نوفمبر 2015 بعد هجمات باريس. كما وعدت بتخفيض الهجرة الصافية إلى 10 آلاف شخص سنويا، ووقف استخدام الشركات متعددة الجنسيات للمصادر الخارجية، وتخفيض سن التقاعد. مازال من غير الواضح ما إذا كان للانتخابات تأثير كبير على العلاقات التجارية الفرنسية مع دول الشرق الأوسط، لكن الخبراء الماليين يستخدمون التصويت الفرنسي لتقدير قوة المد الشعبي الذي أدى إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي و دونالد ترامب ليصبح رئيسا للولايات المتحدة، وكلاهما كان له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي واتجاهات الاستثمار. إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لها مصلحة خاصة في الأحداث السياسية في فرنسا بسبب استثماراتها الكثيرة في البلاد، وأبرزت وكالة الأعمال الفرنسية، وهي الوكالة الوطنية الداعمة للتنمية الدولية للاقتصاد الفرنسي، نتائج قرارات الاستثمار الأجنبي في فرنسا ومساهمتها في الاقتصاد الفرنسي في تقريرها السنوي للاستثمار الأجنبي في فرنسا لعام 2016. وشكلت الإمارات العربية المتحدة 34 % من استثمارات الشرق الأوسط في عام 2016، في حين بلغت حصة كل من لبنان وقطر 18 %، وكان أكثر من نصف هذه المشاريع 55% استثمارات لأول مرة، بينما كانت هناك أيضا استثمارات في خدمات الأعمال التجارية وخدمات المستهلكين. في عام 2016، كانت استثمارات شركات الشرق الأوسط في قطاعات متنوعة، بما في ذلك البرمجيات والخدمات والضيافة والنقل والأغذية الزراعية، ولدى بلدان الشرق الأوسط نحو 380 شركة في فرنسا، حيث توظف أكثر من 24 ألف شخص. وقال مارك كاجنارد، مدير "بيزنس فرانس" الشرق الأوسط: في عام 2016، كانت 36 % من استثمارات الشرق الأوسط في فرنسا في منطقة إيل دو فرانس في باريس، ومن بين القرارات الاستثمارية الأحد عشر التي أدرجناها في الشرق الأوسط، يبقى المستثمر الرئيسي الإمارات العربية المتحدة تليها لبنان وقطر، ولكن لا تشمل هذه النتائج التدفقات المالية الكبيرة التي تستثمرها صناديق الثروة السيادية الخليجية التي تستثمر تقليديا في فرنسا. ولا تزال فرنسا وجهة رائدة للمستثمرين، وكانت دول الاتحاد الأوروبي أكبر المستثمرين في فرنسا (60% من مجموع الاستثمارات)، تليها أمريكا الشمالية (20 %) والبلدان الآسيوية (دون تغيير في 12%، مع وجود اليابان في الصدارة). وكانت الشركات الألمانية أكبر المستثمرين في فرنسا للمرة الأولى (17% مقابل 15 % في عام 2015)، مع استثمارات رئيسية في مجال الصناعة، وتتبع الشركات الأمريكية 25% من أنشطة البحث والتطوير. وتظل فرنسا مركز التصدير الأوروبي المفضل نتيجة موقعها الجغرافي الرئيسي وبنيتها الأساسية للنقل الممتازة، وقد أعربت أغلبية الشركات الأجنبية (80%) عن تفضيلها الواضح لفرنسا كمنصة للتصدير. سيكون من المثير للاهتمام أن نلاحظ تأثير انتصار ماكرون على الاقتصاد الفرنسي وعلاقاتها التجارية مع بقية العالم، لكن من غير المتوقع حدوث تغييرات كبيرة من حيث العلاقات الاستثمارية بين الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط. المقال الأصلى: اضغط هنا