حالة من الغضب الشديد سادت بين مئات المواطنين بقرى شرق مركز ديرمواس جنوبالمنيا، عقب اكتشافهم التلاعب بمقابرهم واختفاء الجثث منها، وبيع تلك المقابر لأشخاص آخرين دون علمهم، بواسطة شقيقين يعملان بتلك المنطقة ويتوليان مسؤولية حفر المقبرة، أو كما يطلق عليها بسطاء الأهالي «الفساقي». بدأت المشكلة تتفاقم، بحسب ذكر أهالي قرية جلال الشرقية، عندما ذهبوا لدفن أحد المتوفين بمقابرهم التي تقع بقرية التل الشرقي، لكنهم فوجئوا بمنعهم من قِبَل أحد الأشخاص، بحجة أن المقبرة قد بيعت له من الحفار المسؤول عن تلك المنطقة، رغم أنهم يدفنون فيها منذ عشرات السنين، مع اختفاء رفات الأموات من داخلها. وقال وليد سيد، مدرس وأحد أهالي القرية المتضررين: أهالي قرى جلال الشرقية والجزيرة ومعصرة ملوي وعزب سيسكو وسمهان والجزيرة اعتادو الدفن بمقابر التل الشرقي منذ أكثر من 100 عام، إذ تفتقد تلك القرى وجود مقابر بذمامها، ويتم حفر المقابر بقرية التل الشرقي، وفقًا للأعراف المتعارف عليها مع الحفارين المسؤولين هناك، حيث يوفر مساحة صغيرة ويتم حفرها وكتابة الاسم عليها، مقابل مبالغ مالية متفق عليها تصل إلى 1200 جنيه للمقبرة الواحدة. وأضاف سيد ل«البديل» أنه منذ 4 سنوات تقريبًا، فوجئنا ببيع الشقيقين المسؤولين عن حفر المقابر هناك، جمال، أحمد ع ا، مقابرنا لأشخاص آخرين دون علمنا، بدأت المشكلة عندما ذهبت لدفن خالي، وأخبرنا شخص ما بأن تلك المقبرة خاصة به، وبعد مشاجرات تم دفن المتوفى بأحد مقابر العائلة، لكن كانت المفاجأة الأكبر اختفاء رفات الموتى من المقبرة القديمة التي بيعت للشخص الآخر على أنها جديدة. وأكد سيد أنه تم تحذير الشقيقين من التلاعب بالمقابر وجثث الموتى، وعدم ارتكاب تلك الوقائع مرة أخرى، بعد عقد جلسة صلح معهم وأخذ تعهدات عليهم، إلَّا أن الأزمة تزايدت خلال الأعوام الأخيرة ويوجد أكثر من 180 شخصًا تعرضوا لبيع مقابرهم دون أن يجدوا رفات موتاهم بعد، ناهيك عن حصول الحفارين على أموال لإنشاء مقابر أخرى ولم يتسلمها الأهالي، رغم مرور أكثر من 3 سنوات. في السياق ذاته قال عبد الوهاب عمر، فلاح من أبناء القرية، إنه تعرض للنصب من الحفارين الاثنين، حيث أخذا منها ألفين و500 جنيه مقابل مقبرتين، ورغم مرور عدة سنوات لم أستلمهما، مضيفًا أن مشاجرات عديدة وقعت بين أهالي القرى وبعضها بعضًا؛ بسبب هؤلاء الحفارين وتغيير أسماء الأشخاص من المقابر وإخلائها وبيعها عدة مرات، حسب قوله. واستنكر عمر غياب المحليات عن تلك الأزمة، مشيرًا إلى أن تلك المقابر يتم شراؤها بشكل عرفي من هؤلاء الحفارين منذ أجدادهم دون توثيقها لدى أي من الجهات الحكومية والسبب في ذلك عدم وجود تشريع يقضي بتسجيلها لدى أي من الجهات الحكومية، الأمر الذي تسبب مؤخرًا في ضياع حرمة موتاهم واختفاء الجثث من المقابر وإنكار الحفارين لذلك. بينما أكد حمادة عبد السميع، أن أهالي القرى قد تقدموا بعشرات الشكاوى إلى الوحدة المحلية لديرمواس لتخصيص منطقة وتحويلها لمقابر لخدمة أكثر من 5 قرى، وجاء الرد حينها بتخصيص 6 أفدنة لإنشاء تلك المقابر بعد موافقة هيئة الآثار، لكن لم يتم التنفيذ حتى الآن، مما تسبب في تلاعب الحفارين بجثث موتاهم. وأردف عبد السميع: كلما سألنا الحفارين عن مصير رفات أهالينا قالوا «أكلتها الأرض» مؤكدًا أن العظام تظل كما هي عشرات السنين، وأن ما يحدث لأهالي القرى هو نصب وتجارة بالموتى. وتقدم لطفي محمد عبد المجيد، أحد أهالي القرية، بدعوة قضائية تحمل رقم 92 أحوال ديرمواس، واتهم فيها الشقيقين الحفارين، ببيع مقبرته لثلاثة أشخاص، وأشار خلال دعوته إلى أن المقبرة كان مدفون بها اثنين من أبنائه، ولم يتم العثور على رفاتهما حتى الآن، مناشدًا محافظ المنيا عصام الدين البديوي، بالتدخل وسرعة تخصيص منطقة مقابر، أسوة بباقي مراكز المحافظة وتسجل للمواطنين بعقود لدى الوحدات المحلية.