نشرت ما تسمي نفسها "ولاية سيناء" التابعة إلى تنظيم داعش الإرهابي، فيديو أمس تحت عنوان «صاعقات القلوب»، حاولت من خلاله إظهار قدرتها في قنص عساكر الجيش أثناء حمايتهم للأراضي المصرية في سيناء، وسرعان ما انتشر الفيديو كالنار في الهشيم، والمثير للاستغراب أن هناك من صب غضبه على السيسي بصفته حاكم البلاد، لما أسموه التقصير في حماية المجندين في سيناء. قبل تكوين وجهة نظر عن الفيديو ومحتواه، لابد من طرح سؤال لماذا هذا التوقيت الذي اختاره التنظيم لبث الفيديو، على الرغم من أنهم تبنوا تفجيرا منذ يومين في كنيستي مار جرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وعادة ما يبثون فيديوهات عن ما يقومون به بعد تبنيهم له. سارع التنظيم إلى بث هذا الفيديو رداً على تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قال فيها إن التنظيم الإرهابي لجأ إلى تفجير الكنائس لأن الخناق ضاق عليهم في سيناء وللتشكيك في روايته، وفي هذه الحالة يفقد المواطن المصري الثقة في القيادة العسكرية هناك بعد رؤيته للعساكر وهم يتم قنصهم، لكن بعد بحث وتدقيق في محتوى الفيديو، تجد أن معظم المادة المتواجدة به أرشيفية وليست بالجديدة وكثيراً منه مأخوذ من فيديوهات سابقة، وأقرب مثال يمكنك الرجوع إليه الفيديو الذي بثه التنظيم في أغسطس من العام الماضي بعنوان لهيب الصحراء، وستجد كثيراً منه في الإصدار الجديد للتنظيم. مما يعني أنه بعد عناء انتظار القناص بالساعات كما جاء على لسانهم بالفيديو، لم يجدوا جديدا يبثوه لنا سوا مجموعة من الفيديوهات السابقة، بجانب أن معظم عمليات القنص التي ظهرت بالفيديو لم يستشهد بها الجنود المصريون، وقاموا بالرد وإطلاق النار عليهم، وهو ما يوضح فعلياً إفلاس هذا التنظيم وضعفه على أرض سيناء. هو نفس المخطط الذي نجحوا في تنفيذه في عدد من الدول يعيدونه، لكن بشكل آخر؛ فبعد أن أوقعوا بالعراق وسوريا وأدخلوا جيوشهم في مستنقع الطائفية بحجة أن هذا الجيش علوي تارة وشيعي تارة أخرى، لم يستطيعوا تنفيذه في مصر ولسان حالهم ماذا نفعل مع دولة تجند كل أطيافها مسيحيوها قبل مسلميها. هذه المرة جاء الأمر من ناحية أخرى وهي التجنيد الإجباري وتماشياً مع المثل الشعبي «ضربتين في الرأس توجع»، تحدث التنظيم الإرهابي عن التجنيد الإجباري في فيلمه وكأنهم ملائكة رحمة يخشون على جنودنا الذي يدافعون عن أرضهم وأرض أبائهم وأرض أبنائهم من بعدهم، وكانت هذه المرة الثانية بعد أن سخرت قناة الجزيرة إمكانياتها لإخراج فيلم وثائقي تهاجم في التجنيد الإجباري في مصر فقط وتغافلت عن جميع الدول الأخرى المجاورة بما فيها جيش الاحتلال الصهيوني. وسرعان ما قامت القناة القطرية بعرض الفيديو الذي بثه التنظيم بعد أن تم ملاحقته على مواقع الإنترنت، في محاولة منها لانتشاره بشكل أوسع، مخالفة كل المواثيق الإعلامية والإنسانية في العالم أجمع. في النهاية الأمور كلها أصبحت واضحة لمن يريد أن يفهم ويعي ما يريدونه لنا، الأمر برمته يحتاج إلى التأمل والتدبر، قد يكون للسيسي هفوات وأخطاء يمكن معارضتها، لكن إذا كان ما تردده في معارضتك يخدم خندق التنظيمات الإرهابية، فأنت بحاجة إلى مراجعة مفاهيم أساسية في شكل المعارضة وأهمية الأوطان.