ثلاثة أسابيع تحتدم فيها الحملات الانتخابية البرلمانية في الجزائر، قبل أن يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في الرابع من مايو المقبل. الانتخابات التشريعية يتوقع أن تجري هذه المرة في ظروف مغايرة لكل المحطات الانتخابية السابقة. وانطلقت الأحد الماضي بالجزائر الحملة الانتخابية لسادس استحقاق برلماني منذ تبني الجزائر التعددية الحزبية، والتي سبقتها دعوات وبرامج توعية رسمية وحزبية؛ لحث الناخبين على المشاركة. التطورات الجديدة في الانتخابات البرلمانية الانتخابات التشريعية الجزائرية المقبلة ستكون أول انتخابات بعد تعديل دستور البلاد، الذي جرى في 7 فبراير من العام الماضي، وهي الانتخابات التشريعية الأولى أيضًا في ظل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والتي أنشئت بناءً على ذلك التعديل الدستوري، وينظر إليها كضامن لنزاهة الانتخابات. الانتخابات الجزائرية طرأت عليها مجموعة من التغييرات مؤخرًا، فمنذ سنوات تم استبعاد الجيش الجزائري وكامل المنظومة المسلحة من التصويت للانتخابات من داخل الثكنات العسكرية، فمن قبل كانت الانتخابات تتم في الثكنات العسكرية، وكان الجيش يشارك في الانتخابات من خلال التصويت داخلها، فقد سبق تعديل قانون الانتخابات الرئاسية التي جرت في إبريل 2004 تصويت البرلمان الجزائري على تعديل في قانون الانتخابات يتضمن ثلاثة بنود جديدة تتعلق بإلغاء التصويت في المكاتب الخاصة التي كانت مخصصة لتصويت أفراد الجيش والشرطة والهيئات شبه العسكرية داخل الثكنات ومحافظات الشرطة ومختلف أماكن العمل الخاصة بأفراد الأسلاك النظامية. وبعد إقرار ذلك التعديل، بات أفراد الهيئات النظامية يصوّتون بأنفسهم في بلداتهم أو مقرات تسجيلهم في مكاتب التصويت ككل الناخبين، أو توكيل أفراد عائلاتهم للتصويت مكانهم يوم الاقتراع العام. في الوقت الراهن قد يضطلع الجيش الجزائري عبر وزارة الدفاع ببعض المهام الأمنية في الانتخابات المقبلة، حيث أفاد مصدر أمني بأن الحكومة الجزائرية اتخذت قرارًا بتجنيد 100 ألف رجل أمن، في إطار مخطط شامل لتأمين عملية الاقتراع على الانتخابات البرلمانية، حيث تقرر تجنيد 70 ألفًا من عناصر الشرطة و30 ألفًا من عناصر الدرك الوطني، وهي قوة أمنية شبه عسكرية تتبع وزارة الدفاع الوطني؛ لتأمين الانتخابات. الجدير بالذكر أنه في عام 2007 قرر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أن الجيش ليس معنيًّا بحماية الانتخابات، حيث عملت وحدات عسكرية طيلة سنوات الأزمة الأمنية بين عامي 1992 و2004 على تأمين الانتخابات في بعض المواقع النائية. الانتخابات البرلمانية في أرقام يشارك في الانتخابات التشريعية 57 حزبًا سياسيًّا منها المعارضة والمُوالية، إضافة إلى كيانات صغيرة، ويتنافس 12591 مرشحًا على 462 مقعدًا، يتألف منها البرلمان الجزائري المسمى ب"المجلس الشعبي الوطني"، أي أن كل مقعد برلماني يتنافس عليه ما يقرب من 27 مرشحًا. وقد تجاوز عدد الناخبين المسجلين 23 مليون شخص، موزعين على أكثر من 53 ألف مكتب اقتراع في كامل أنحاء البلاد. موقف الأحزاب المعارضة والمؤيدة من الانتخابات يبدو أن تعديل الدستور، خاصةً بما قرره للمعارضة من هامش أوسع في الحياة السياسية، قد منح مبكرًا الموعد الانتخابي زخمًا سياسيًّا ظاهرًا، من خلال المشاركة الواسعة وخارطة التحالفات التي تهيئ ربما لمنافسة حادة في هذه الانتخابات. ففي جبهة المعارضة ولأول مرة تشارك كل الأحزاب الإسلامية بلا استثناء عبر تكتلين، أولهما بمسمى "الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء"، وثانيهما يسمى "تحالف حركة مجتمع السلم". فيما يتنافس حزبا "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" على كسب أكبر نفوذ في منطقة القبائل. أما معسكر الموالاة الذي تعزز بحزبين جديدين وهما "تجمع أمل الجزائر" وحزب "الحركة الشعبية الجزائرية" فيخوض معركة البقاء في السلطة من خلال حزبيه الأساسيين "جبهة التحرير الوطني" صاحب الأغلبية في البرلمان الحالي، والذي يعاني من صراعات داخلية، و"التجمع الوطني الديمقراطي". مقاطعة بعض الأحزاب يبدو أن أجواء السباق الانتخابي في الجزائر لا تخلو من بعض المنغصات أيضًا، على رأسها مقاطعة شخصيات وأحزاب للاقتراع، بينها حزب "جيل جديد" وحزب "طلائع الحريات" بقيادة رئيس الحكومة السابق، علي بن فليس، فضلًا عن الوضع الصحي للرئيس الجزائري،وتدني أسعار النفط في الأسواق العالمية. أهمية هذه الانتخابات تظل أهمية هذه الانتخابات في رسم ملامح المرحلة المقبلة، بما فيها رئاسيات 2019، مرتهنة بأن تعكس تلك الانتخابات فعلًا مرحلة ما بعد إعادة هيكلة جهاز المخابرات وإقالة رئيسه، الفريق، محمد مدين، والمعروف ب"الجنرال توفيق"، وهو الجهاز المتهم بتدخله دومًا في المشهد السياسي الجزائري. ويبدو أن الولاياتالمتحدة تعطي أهمية لهذه الانتخابات، حيث حل وفد من الكونجرس الأمريكي بالجزائر، بحضور السفيرة الأمريكية في الجزائر جوان بولاشيك، وذلك عشية انطلاق الحملة الانتخابية. الزيارة الأمريكية تهدف إلى الوقوف على نسبة شفافية الاستحقاق المقبل، والاطلاع عن قرب على التحضيرات الأولية لهذا الموعد، وسيناقش الكونجرس الأمريكي ملف الاستحقاقات المقبلة، وكل التطورات التي تشهدها الساحتان السياسية والاقتصادية في البلاد.