في لقائهما الثاني بعد استلامه الرئاسة، اختار دونالد ترامب البيت الأبيض؛ ليستقبل فيه العاهل الأردني، عبد الله الثاني، والذي كان قد حط رحاله في واشنطن الثلاثاء الماضي. وكانت على أجندتها ثلاثة موضوعات رئيسية مطروحة للنقاش، هي قضية السلام بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، والحرب على داعش في سورياوالعراق، وملف المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية للأردن. العاهل الأردني يذهب هذه المرة إلى واشنطن ليس بوصفه ملكًا للأردن فحسب، بل بوصفه رئيسًا للقمة العربية، وهو الأمر الذي قد يزيد من خطورة هذه الزيارة. الإرهاب يبدو أن النقطة الجوهرية المطروحة على جدول الأعمال الأمريكي الأردني هي الحرب على الإرهاب، فربما ينتظر الأردن في الظروف الراهنة فتح جبهة خطيرة في الحرب على الإرهاب، بالذات في مرحلة ما بعد الموصل، وما بعد معركتي الرقة ودير الزور، حيث تشير الأنباء إلى احتشاد داعش في مناطق البادية، سواء في الأنبار العراقية أو تدمر السورية، والأردن دولة حدودية مع العراقوسوريا، وبالتالي قد يتجهز الأردن لمواجهة قد تكون طويلة مع داعش، خاصة أن الأردن تعرض لهجمات إرهابية في الآونة الأخيرة استهدفت عدة مناطق فيه، كقلعة الكرك وإربد. ومن وجهة نظر الأردن فإن الحرب على الإرهاب يجب أن تكون شاملة وكونية، وألا يترك لداعش الباب مفتوحًا ليغادر من دولة، ويذهب إلى أخرى، الأمر الذي يعني أن على الأردن وأمريكا ملاحقة هذا التنظيم بالتزامن والتوازي في أماكن تواجدها، وهي وجهة النظر التي تتفق مع الأمريكية، وفي هذا السياق قال ترامب: "سنحارب أنا والملك عبد الله الثاني الإرهاب وداعش". الجانب الخفي في الزيارة يتمثل في أن الأردن متورط بشكل مباشر مع واشنطن في إدارة الفصائل السورية المسلحة على اختلاف توجهاتها وأيديولوجياتها، من خلال التحكم بها عن طريق غرفة الموك، وهو الأمر الذي أشارت إليه الحكومة السورية في العديد من بياناتها. غرفة العمليات الدولية المشتركة هذه تترأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية مع مجموعة من الدول، كبريطانيا وفرنسا، ودول عربية أهمها السعودية والإمارات، وتتواصل من خلالها بشكل مباشر مع فصائل الجيش الحر، من خلال غرفتي «الموك»، والموجودة في كل من تركيا لدعم الجبهات الشمالية، والأردن لدعم الجبهات الجنوبية، بالإضافة لتنسيقهم مع الائتلاف الوطني. الملف الفلسطيني على الرغم من أن ملف القضية الفلسطينية نشط للغاية هذه الفترة، خاصة في ظل وصول ترامب لمقعد الرئاسة الأمريكية، إلا أنه لأول مرة تُعلن واشنطن نيتها وبشكل فظ نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، ولأول مرة تنحاز واشنطن بشكل مطلق للدولة اليهودية على حساب حل الدولتين الذي بدأ يتراجع فعلًا في خطابات رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلا أنه دائمًا ما يختصر الحديث عن القضية الفلسطينية تحت عنوان تعزيز مباحثات السلام بين الفلسطينيين والعدو الإسرائيلي، ولا شيء آخر يرشح للإعلام عن جلسات الحديث المغلقة التي تدور بين ترامب والزعماء العرب. ويعتبر الملف الفلسطيني من أهم الملفات بالنسبة للأردن على مستوى السياسة الداخلية والخارجية، بحكم التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا وأن الأردنيين من أصول فلسطينية، ولكن تحركات الأردن في ظل الحديث عن تسوية قد تصل إلى حد تصفية القضية الفلسطينية هي تحركات مشبوهة، خاصة أن الأردن لاعب رئيسي في كل تسوية مريبة تقدم كحل للقضية، حيث تبرز بين حين وآخر طروحات تتبنى حلولًا للقضية الفلسطينية لا تخدم الشعب الفلسطيني، ولعل أحدثها ما يتعلق بمستقبل قطاع غزة وضم أجزاء من المناطق المحاذية للقطاع في شمال سيناء (رفح والشيخ زويد) إلى القطاع، في مقابل اقتطاع الجزء الغربي من صحراء النقب الأردنية لصالح مصر، كما أن هناك حلولًا أخرى مرتبطة بالأردن نفسه، كضبط العلاقة بين الضفة الغربيةوالأردن بصيغة الكونفدرالية أو الفدرالية أو أي شكل آخر، مع ترتيبات أمنية أخرى تتعلق بإسرائيل. التركيز على هذا الملف مهم؛ نظرًا لقرب تزامن الزيارة الأردنيةلواشنطن مع زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمكتب البيضاوي، وتصريح ترامب في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الأردني في واشنطن مساء الأربعاء، أن "الملك سيساعدني في التوصل إلى عملية سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين". المساعدات العسكرية والاقتصادية ملف المساعدات الأمريكية للأردن كان حاضرًا هو الآخر، فالأردن يطالب بزيادة المساعدات الأمريكية له من أجل مساعدته على استقبال اللاجئين السوريين واستضافتهم، دون تفاصيل عن حجم تلك الزيادة. وبحسب صحيفة رأي اليوم، فإن تقريرًا أردنيًّا قدم لنائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، أشير فيه لطلب الأردن رفع المعونات التي يتلقاها كدولة حليفة لواشنطن إلى ملياري دولار . ويشار إلى أن الحكومة الأمريكية تقدم نحو 750 مليون دولار بصفة سنوية كمساعدات مالية وأخرى عسكرية للأردن، وهي مساعدات يأمل الأردن في زيادتها خلال تفاعله مع الإدارة الأمريكية الجديدة. الجانب الخفي في هذا الملف أن الحديث عن زيادة المعونات العسكرية للأردن يتزامن أيضًا مع حديث بريطاني عن زيادة الدعم العسكري لعمّان، وبالتالي لا يمكن إغفال المعلومات التي تسربت عبر أروقة الإعلام الأمريكي، التي تفيد بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى لتشكيل حلف إسلامي سنّي لمواجهة إيران بمساعدة إسرائيل، خاصة أن الدول العربية المزمع مشاركتها في هذا الحلف تضم الأردن والسعودية والإمارات ومصر، وجميعها حجت إلى البيت الأبيض، فمصر عبر السيسي، والأردن عبر عبد الله الثاني، والسعودية عبر ولي ولي العهد، والإمارات عبر وزير خارجيتها.