يحيي الفلسطينيون بعد أيام ذكرى يوم الأسير، الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974، وتم تحديد يوم 17 من شهر أبريل، يوما سنويا متجددا للتذكير بممارسات الكيان الصهيوني لتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني قتلًا وحصارًا وأسرًا وتنكيلًا، لكن الذكرى هذا العام ستكون مختلفة؛ لأن الأسير المناضل مروان البرغوثي، ورفاقه سيضفون عليها بعدًا عملاتيًا جديدًا من خلال الإضراب عن الطعام، الأمر الذي يزيد من فداحة انتهاكات الاحتلال في حق الأسرى الفلسطينيين، ويسلط الضوء للرأي العام العالمي على معاناتهم داخل أقبية السجون الصهيونية المظلمة. البرغوثي مضربًا يوافق الخامس عشر من أبريل الجاري الذكرى الخامسة عشرة لاعتقال مهندس انتفاضة الأقصى، القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي، عام 2002، والحكم عليه بالسجن خمسة مؤبدات وأربعين عاما، واعتقل البرغوثي (59 عاما) من أحد المنازل في مدينة رام الله، وقتها أسِف رئيس حكومة الاحتلال الأسبق، أرييل شارون، في حينه لاعتقاله حيا، وقال "كنت أفضل أن يكون رمادا في جرة". وقبل أيام، أفاد بيان لعضو اللجنة المركزية في حركة فتح، الأسير مروان البرغوثي، بأن أسرى الحركة في جميع سجون الاحتلال الإسرائيلي، قرروا خوض إضراب عن الطعام في 17 أبريل المقبل، وسوف يشمل جميع أسرى حركة فتح البالغ عددهم ألفي و890 في سجون الاحتلال. ودعا البرغوثي في بيانه، إلى الانخراط بالإضراب منذ اليوم الأول وبعد تسليم مطالب الحركة الأسيرة في اليوم السابق لموعد الإضراب، وشدد على ضرورة عدم التفاوض مع مصلحة سجون الاحتلال، مؤكدًا أن الجهة المخولة بالتفاوض أو وقف الإضراب "مروان البرغوثي بصفته القيادية". وطالب البيان الأسري ب "التيقظ" من الإشاعات والأكاذيب، التي ستستعملها مصلحة السجون ل "ضرب معنويات الأسرى المضربين عن الطعام، الذين استثني منهم الأسرى المرضى"، وأكد مروان البرغوثي، أهمية تشكيل حالة من إسناد وطني من المستويات كافة، ومن قبل الفعاليات الوطنية والشعبية والتنظيمية على صعيد الوطن. أهداف الإضراب وقالت مصادر مقربة من البرغوثي، أنه تم تقديم قائمة مطالب غير مسبوقة لمصلحة السجون الصهيونية، تركز خصوصا على زيادة التصريحات لزيارة عائلات الأسرى، ووضع هواتف في جميع أقسام السجون، كما يطالب البرغوثي أيضًا، بمنح الأسرى زيارة عائلة ثانية شهريا، ورفع التحديدات تماما عن زيارة أشخاص دون سن ال 16عاما، ورفع التحديدات الأمنية عن الزيارات. وطلبات البرغوثي تقضي في بعض أهدافها بمنح الأسرى الأمنيين الفلسطينيين ذات الحقوق الهاتفية الممنوحة للأسرى الجنائيين. الإضراب والمخاوف الإسرائيلية إضراب الأسرى الفلسطينيين يخيف الكيان الصهيوني، ورغم أن مراقبين صهاينة يقللون من أهمية الخطوة، بزعم أن الشارع الفتحاوي لم يعد كما كان أيام الرئيس الراحل ياسر عرفات، فهو منقسم بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والنائب الفتحاوي السابق، محمد دحلان، إلا أن خطوة الإضراب لاقت اهتمامًا كبيرًا من الإعلام العبري، حتى قبل أن يبدأ، فبالإضافة إلى الإضراب عن الطعام، يخطط أنصار البرغوثي تنفيذ سلسلة من الاحتجاجات في أنحاء الضفة الغربية، تشمل المسيرات والمظاهرات والخيم الاعتصامية، وعلى الأرجح أن تؤجج هذه الإجراءات التوترات في الضفة الغربية، وقد تؤدي إلى مواجهات مع قوات الأمن الصهيونية، حيث أعلمت بعض اتحادات الطلبة الفلسطينية أنها تنتوي الانضمام إلى المظاهرات للتضامن مع الأسرى المضربين، ما يزيد من احتمال وقوع المواجهات. كما أن هناك بعدا خفيا لخطوة الإضراب قد يحقق ما فشلت فيه القيادة والزعامات الفلسطينية على مستوى فتح وحماس التي تعمل خارج إطار السجون، يتعلق بملف المصالحة وإنهاء الانقسام بينهما، فهناك معلومات باحتمالية انضمام أسرى حماس للإضراب أيضًا، حيث أعلنت قيادة حماس في سجن هداريم، أنها سوف تنضم للإضراب. ويعد البرغوثي أحد الزعماء الفلسطينيين القلائل الذي يحظى بتوافق شعبي، سواء على مستوى فتح أو حماس، صحيح أنه لم يمانع من الدخول في مفاوضات عبر أوسلو مثل فتح، لكنه بعد فترة من المفاوضات أعلن خيبته من المفاوضات مع العدو، وبذلك لم يسقط البرغوثي من حساباته خيار المقاومة المسلحة، وهو ما يتفق مع رؤية حماس، وسيكون الإضراب عن الطعام والمظاهرات بمثابة اختبار مهم لنفوذ البرغوثي، الذي انتخب في المكان الأول في لجنة فتح المركزية، لكن لم يتم تعيينه نائبا لمحمود عباس، خلافا للتوقعات، ولم يحصل أنصاره على مقاعد في اللجنة. وللبرغوثي تاريخ نضالي كبير؛ فهو القائد السابق لتنظيم الجناح العسكري لحركة فتح، وأدانه الكيان الصهيوني لتأسيسه كتائب شهداء الأقصى، إحدى الأجنحة العسكرية للحركة، ويقضي البرغوثي حاليًا مدته بالسجن بعد إدانته عام 2004 بأربعة تهم بالقتل وتهمة بمحاولة القتل، ويتهم أيضا بأنه مسؤول عن أربع هجمات أخرى.