في حين كان نداء "داعش" للمجندين الأجانب قائما على فكرة السيطرة على الأراضي من أجل إقامة الخلافة الإسلامية، وبالرغم من أن طرد داعش من الموصل في العراق والرقة في سوريا بات مسألة وقت فقط، لتفقد الجماعة الإرهابية حلم ما يسمى بالخلافة، فإنه سيكون من السذاجة الاعتقاد أن الهزيمة العسكرية للتنظيم تعني موت الفكرة. وتحسبا لما بعد نهاية اللعبة في العراقوسوريا، تحتاج الحكومات إلى بذل كل ما في وسعها للقضاء على داعش، قبل أن تطلق إصدارا ثانيا لها بعد التخلص منها، وتخلق خلافة افتراضية. في الحقيقة، هذا الإصدار جارٍ تنفيذه، فمنذ ما يقرب من 3 سنوات، أعلن أبوبكر البغدادي، زعيم التنظيم، أنه تم تخصيص جهد كبير للهجمات خارج العراقوسوريا، وقتل مئات الضحايا في أماكن بعيدة عن الشرق الأوسط. الهجوم الذي وقع في لندن الشهر الماضي هو الأحدث، كما أن التنظيم قتل في أوروبا وأمريكا الشمالية نحو 330 مدنيا، في أكثر من 20 هجوما، بجانب جرح المئات، وفي تركيا فقط قتل أكثر من 300 مدني. تنبأ بعض الخبراء، لبعض الوقت، أن زيادة الضغط العسكري على داعش في سورياوالعراق، من خلال الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة، ستتسبب في انهيار الجماعة وإنهاء قدرتها على البقاء، إلا أن هذه الهجمات أدت إلى تدفق المجندين الجدد لتعزيز صورة أن الجماعة لا تقهر، ومع قصف المجتمع الدولي لداعش وفقدانه مجموعة كبيرة من الأراضي، يمكن توقع المزيد من الهجمات، إذا لم تبذل الحكومات المزيد من الجهود. وفي حين حقق التحالف مكاسب كبيرة بمساعدة القوات المحلية، ليس فقط في سورياوالعراق ولكن أيضا في ليبيا، فإنه لم يتمكن من وقف الأيدلوجية العنيفة المنتشرة في أنحاء العالم، وهو ما بدا منه أن الهدف من التحالف هو هزيمة داعش في سورياوالعراق، وليس معالجة التحديات خارج المنطقة. وردا على الهجمات الأخيرة، قام عدد من البلدان باستعراض وتحسين قدراتها المحلية في مجال مكافحة الإرهاب للتصدي للهجمات الأخيرة، التي غالبا ما تتعلمها من التجارب في أماكن أخرى. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعد بخطة لهزيمة داعش، ولكن لم يتم الإعلان عن أي خطط خلال اجتماع الائتلاف الذي عقد في واشنطن، الشهر الماضي، بينما يبدو أن الاسراتيجية قصيرة المدى لوزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، تهدف إلى زيادة عدد القوات في سورياوالعراق، وإذا كان هذا من شأنه أن يعجل بهزيمة داعش في هذين البلدين، فإنه لن يوقف الهجمات في أماكن أخرى، ولذلك هناك حاجة إلى قيادة عالمية أكثر استباقية، سواء بقيادة الولاياتالمتحدة أو التحالف أو بعض البلدان مثل المملكة المتحدة، ودمج قدراتها في مكافحة الإرهاب. الخبر السار هو أن قوة داعش على الصعيد العالمي ليست كبيرة كما يرغب التنظيم في تصوير نفسه، ولكنه قد يوجه الجماعات التابعة له والتي تشمل بوكو حرام في نيجيريا وكذلك مجموعات في جنوب شرق آسيا، وشمال إفريقيا، وأماكن أخرى. داعش النسخة الثانية قد تتطور بشكل جيد في الدول الضعيفة، وستسعى إلى قيادة افتراضية من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية والتكنولوجيا المشفرة، ولكن لن تكون قادرة على تنفيذ الهجوم العالمي المتزامن، وبالتالي ينبغي عدم السماح بتطويرها. تعهد ترامب بالقضاء على داعش من غير المحتمل أن يتحقق، فمن الصعب هزيمة الأيديولوجيات، وخاصة في إطار استراتيجية الائتلاف الحالية، التي لا تركز بشكل كاف على صد الهجمات خارج المنطقة، ولكن لابد أن تكون هناك استراتيجية أكثر تضافرا وعابرة للحدود يمكنها أن تقلل من التهديد الذي يشكله داعش وخليفته المحتمل،خاصة مع ظهور الهجمات العالمية وإمكانية شن المزيد منها، وقد حان الوقت لتكون هذه الاستراتيجية أكثر وضوحا. لمطالعة المصدر: اضغط هنا