لم تكن حلا بقدر ما كانت مخططا ماكرا من الصهاينة لهزيمة الدول العربية دولة تلو الأخرى، وبموجب الاتفاقية تحقق لهم ما أرادوا، إذ حجّمت الاتفاقية دور مصر وغلّت أيديها عن ممارسة دورها القيادي في المنطقة. في 26/3/ 1979م تغير الواقع العربي وخاصة المصري تجاه الكيان الصهيوني، وذلك بتوقيع معاهدة السلام التي جاءة بعد كامب ديفيد عام 1978م فأعادة هذا المعاهدة جراحات عميقة في جبين المجتمع المصري، لأن من أهدافها أعتراف مصر بالكيان وتوقف الحرب بينهما والانسحاب من سيناء بشكل سلمي والسماح لمرور السفن الإسرائيلية من قناة السويس، وهنا كان التمهيد الفعلي لاستيلاء الكيان على الأراضي الفلسطينية. أعادت اتفاقية السلام بين مصر والكيان الصهيوني التي وقعت عام 1979 إلى ذاكرة المصريين القصيدة التي كتبها الشاعر أمل دنقل عند بداية الحديث عن الصلح بين مصر وإسرائيل، وكأن دنقل كان ينبه إلى أن الصلح الذي رآه واقعا لا محالة سيجر العالم العربي إلى الأسوأ، فسجل كلماته مذكرا الناس والأنظمة بما فعله ويفعله الكيان الصهيوني قائلا: لا تصالح على الدم.. حتى بدم! لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟ أقلب الغريب كقلب أخيك؟! أعيناه عينا أخيك؟! وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك بيدٍ سيفها أثْكَلك؟ سيقولون: جئناك كي تحقن الدم.. جئناك. كن -يا أمير- الحكم سيقولون: ها نحن أبناء عم. قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك واغرس السيفَ في جبهة الصحراء إلى أن يجيب العدم إنني كنت لك فارسًا، وأخًا، وأبًا، ومَلِك! لم يرفض أمل دنقل الصلح لمجرد الرفض، بل جاء بما يؤيد رؤيته وما هو واقع، لأنه ما فعله الكيان الصهيوني يجعله العدو الأول دائما فلا صلح بيننا أبدا، صاغ دنقل ذلك قائلا: لا تصالحُ.. إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة: النجوم.. لميقاتها والطيور.. لأصواتها والرمال.. لذراتها والقتيل لطفلته الناظرة كل شيء تحطم في لحظة عابرة: …. …. لا تصالحْ فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ.. (في شرف القلب) لا تُنتقَصْ والذي اغتالني مَحضُ لصْ سرق الأرض من بين عينيَّ والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!