أثارت الحملة التى شنتها هيئة الرقابة الإدارية الأيام الماضية على 55 دار رعاية للأيتام بمحافظتي القاهرة والإسكندرية غضب عدد من الخبراء والبرلمانيين على الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، وضعف دورها فى إحكام الرقابة والمتابعة، في ظل استمرار مسلسل الانتهاكات والتعذيب الذي تشهده دور الأيتام في الفترة الأخيرة. تأتي الحملة مع اقتراب الاحتفال بيوم اليتيم، وكشف تقرير الرقابة الإداية خلال جولتها بدور رعاية الأيتام سوء تخزين المواد الغذائية ونقص بعض الأدوية ووجود لحوم فاسدة. فى نفس السياق أكدت لجنة التضامن بمجلس النواب أنها ستستدعي وزيرة التضامن، لشرح تلك الوقائع وإعادة ضبط المعايير التي تحكم مؤسسات دور الرعاية. وقالت أمل جودة، المحامية بمجال حقوق الطفل، في تصريحات خاصة ل "البديل"، إن استمرار الانتهاكات بدور رعاية الأيتام مسؤول عنه وزارة التضامن الاجتماعي؛ ،لكونها الجهة الوحيدة التي تمنح هذه الدور منذ البداية التصريح بالإنشاء وممارسة العمل، حيث تعطي الوزارة الموافقة في ظل غياب توافر معايير دقيقة للاختيار، وتقوم بزيارة وحيدة للدار عند تأسيسها، ثم تنقطع علاقتها بالمكان، ومن ثم يترتب على غياب الرقابة والمتابعة كافة أشكال الانتهاكات. وأضافت أن الوزارة تهتم فقط بالإشراف المالي على دور الرعاية، حيث تراقب التمويلات والتبرعات وأوجه صرفها على أنشطة وبرامج، مشيرًا إلى أنه ليست كل الأوراق التي يقدمها رؤساء مجالس إدارة هذه الدور صحيحة، ومن ثم تتحول هذه الدور إلى "سبوبة ودكاكين" يتكسب أصحابها من ورائها على المنح والتمويلات فقط. وشددت جودة على ضرورة متابعة الوزارة للجوانب الأخرى بالدور، وأن تضع شروطًا واضحة لاختيار الموظفين العاملين بالدور، خاصة أن أغلبهم موظفون وغير مؤهلين للتعامل مع الأطفال نفسيًّا أو اجتماعيًّا أو تعليميًّا. وطالبت بأهمية تفعيل دور المجلس القومي للطفولة والأمومة بإعادة تبعيته لمجلس الوزراء وليس وزارة الصحة، مؤكدة على ضرورة تشكيل لجان الحماية العامة والفرعية التي نص عليها قانون الطفل 126 لسنة 2008؛ حتى تكون هذه اللجان قادرة على الرقابة ومتابعة دور رعاية الأيتام ورصد ما تعانيه من مشكلات. ومن جانبه قال محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن والأسرة وذوي الإعاقة بمجلس النواب، في تصريحات خاصة ل "البديل"، إن حملة هيئة الرقابة الإدارية كانت حتمية في ظل الانتهاكات المستمرة التي شهدتها دور الأيتام في الفترة الأخيرة، معربًا أن الهيئة تمتلك من الأدوات التي تمكنها من المراجعة الشاملة لدور الرعاية، عكس الوزارة التي تكون زياراتها لعينة وليس لكل الدور. وأضاف أنه غير مصدوم من النتائج التي خرج بها التقرير، في ظل الحوادث الأخيرة التي كشفت عن الواقع المؤلم للأطفال الأيتام في هذه الدور، سواء على مستوى التغذية أو المعاملة، وتعدد وقائع الضرب والتعذيب والحرق. وهاجم أبو حامد وزارة التضامن الاجتماعي، واتهمها بالتقصير وغياب دورها في التقييم والمتابعة لدور رعاية الأيتام. أما عن دور مجلس النواب فقال: ندرس تغليظ عقوبة الانتهاكات التي تحدث بدور الرعاية، وأن نجعلها تضامنية، بحيث يتحملها مجلس الإدارة أيضًا وليس المديرين التنفيذين فقط، حتى تكون هذه العقوبة بمثابة ردع وتحذير لأصحاب هذه الدور. وأضاف أن هناك اقتراحًا آخر بأن تقوم وزارة التضامن بضم دور الرعاية القريبة والتي تقع في نفس النطاق الجغرافي، سواء محافظة أو مدينة، في دار واحدة، خاصة أن نسب الإشغال في بعض الدور تصل إلى 20 و30%، وهي نسبة ضعيفة للغاية، ومن ثم فإن هذا الضم يساعد وزارة التضامن على المراجعة الحصرية بدلًا من تشتيت جهودها في أكثر من دار. وطالب الجهة الإدارية التابعة للوزارة عند نزولها للمتابعة ألا تقتصر على مراجعة الجوانب المادية، مثل توافر الطعام والملابس فقط، بل يجب أن يصاحبهم مجموعة من الإخصائيين النفسيين؛ لمتابعة البعد النفسي للأطفال، وأن يكونوا مؤهلين لاكتشاف ما يتعرضون له من انتهاكات وضغوط من المشرفين على الدار.