بعد أيام من زيارة ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى الولاياتالمتحدة، ولقاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رفع أقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر، دعوى قضائية جماعية ضد السعودية، يوم الاثنين الماضي، في المحكمة الاتحادية بمانهاتن، بموجب قانون "جاستا"، الذي أقر في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، اتهموا الرياض بتمويل تنظيم القاعدة، وتقديم أشكال أخرى من الدعم، ونشر موقع "BuzzFeed" وثيقة للدعوى القضائية التي قدمها 800 شخص في 135 صفحة، وعددت أسماء القتلى والمصابين في الهجمات، واحتوت أيضًا على أسماء أفراد أسرهم. يسعى مقدمو الدعوى إلى الحصول على تعويضات مالية من حكومة المملكة عما لحق بهم من ضرر، إلا أنه لم يتم تحديد قيمة التعويضات، واتهمت وثيقة الدعوى القضائية بعض الجمعيات الخيرية والجهات الحكومية في السعودية بإقامة علاقات مع زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، واتهموا الحكومة السعودية أيضًا بأنها كانت على علم بانتماء ثلاثة على الأقل من خاطفي الطائرات للتنظيم. وقالت وثيقة الدعوى إن المملكة العربية السعودية كانت بوجهين، وهي قدمت نفسها علنًا أمام الولاياتالمتحدة وبلدان الغرب الأخرى بمثابة بلاد تقاتل تنظيم القاعدة والإرهاب، وفي الوقت نفسه تعمل، عبر مسؤولين سعوديين قدموا للقاعدة دعمًا ماليًا كبيرًا، وذكرت الوثيقة أنه لولا دعم المملكة لما تمكن الإرهابيون من تنفيذ هجمات 11 سبتمبر، وتتحمل المسؤولية عن الضرر أمام أصحاب الدعوى القضائية، متمثلًا في الوفيات والإصابات الناجمة عن الهجمات. وتأتي الدعوى الجماعية بعد أيام قليلة من زيارة وصفها السياسيون بأنها "مميزة" في تاريخ العلاقات السعودية الأمريكية، أجراها ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، إلى واشنطن في 15 مارس الجاري، والتقى خلالها بمسؤولين في الإدارة الأمريكية، على رأسهم دونالد ترامب، حيث ناقشا الشراكة الاستراتيجية القوية بين البلدين القائمة على المصالح المشتركة والالتزام باستقرار ورخاء منطقة الشرق الأوسط. ورغم عدم التصريح بحقيقة ما إذا كان محمد بن سلمان ناقش تطبيق القانون الأمريكي "جاستا" مع الرئيس ترامب من عدمه، إلا أن العديد من المراقبين رأوا في تعاقب الدعوة المرفوعة من قبل أهالي الضحايا بعد الزيارة مباشرة، بداية لعملية الابتزاز الأمريكي التي ألمح إليها ترامب أثناء حملته الانتخابية، حيث سبق وطالب المملكة بتمول مشاريع إعادة بناء البنى التحتية في الولاياتالمتحدة أو جزءًا منها مقابل مظلة الحماية الأمريكية التي تمتعت بها الرياض لعقود. وباستبعاد فرضية الابتزاز، فإن العديد من القانونيين والسياسيين، أكدوا أن الرئيس الأمريكي لا يملك قدرة قانونية تؤهله لوقف الدعاوى المرفوعة ضد المملكة، حيث يتمتع القضاء الأمريكي ببعض الاستقلالية عن الأحكام السياسية والاستراتيجية المُتبعة داخل البيت الأبيض، وتجلى ذلك في العديد من المواقف السابقة، كان أقربها عرقلة المحاكم الأمريكية للمرسوم الذي أصدره ترامب عقب تنصيبه رئيسًا بشأن منع مواطني سبع دول إسلامية من زيارة الولاياتالمتحدة. لا شك أن قانون "جاستا" الذي تم إقراره في سبتمبر الماضي من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي، ويسمح لأقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر برفع دعاوى أمام المحاكم ضد السعودية، التي كان مواطنوها أغلبية بين منفذي تلك الهجمات، أثار العديد من الأزمات بين واشنطنوالرياض في عهد الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، رغم أن الأخير ظهر حريصًا على منع تمرير القانون، إلا أن مجلس الشيوخ استطاع التغلب على الفيتو الرئاسي ب97 صوتًا مقابل صوت واحد، ليصبح القانون نافذًا وواجب التطبيق، وفي أكتوبر الماضي، رفعت مواطنة أمريكية أول دعوى قضائية ضد السعودية لإجبارها على دفع تعويض نتيجة فقد زوجها في هجمات 11 سبتمبر 2001.