بدا واضحا من خلال مشاركة المغرب مؤخرا في اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في بادن الألمانية، أن المملكة قررت تغيير استراتيجيتها نحو إفريقيا، خاصة منذ الموافقة على عودتها كعضو في الاتحاد الإفريقي بعد 33 سنة من مغادرتها المنظمة، وذلك من خلال تعمقها ومشاركتها في القضايا الهامة خاصة العلاقات الاقتصادية والاستثمارات. قال موقع بلومبرج، إن المبادرة الجديدة تستكمل وتسرع من مشاركة القطاع الخاص في القارة، كما أن وزارات المالية فى مجموعة العشرين ستدعم الشراكات التى ستتركز للمرة الأولى على تعزيز الاستثمارات الخاصة. وتابع الموقع أن ألمانيا، كأكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، بدأت برنامجا يسمى "الاتفاق مع إفريقيا" كجزء من رئاستها لمجموعة العشرين لبناء اقتصادات القارة ووقف الهجرة إلى الكتلة التي اجتذبت أكثر من مليون لاجئ منذ عام 2015، وقد بدأت محادثات حول ما يسمى بالشراكات الاستثمارية مع ساحل العاج والمغرب ورواندا والسنغال وتونس، وفقا لما ذكرته وزارة المالية الألمانية. وأشار الموقع لقول وزير المالية المغربي محمد بوسعيد، إن المبادرة بدأت مع أكثر الدول إفريقية استقرارا اقتصاديا وسياسيا، وستتوسع بشكل أكبر، وينبغي أن تستكمل الاستثمارات القائمة في المغرب باستقطاب المزيد من الشركات إلى قطاعات الطاقة المتجددة والسيارات والطيران والسياحة والزراعة. وقال وزير المالية الألمانى ولفجانج شويبل، للصحفيين بعد الاجتماع إن مجموعة ال20 يمكنها أن تحدد الظروف المناسبة مع المنظمات الدولية والدول الشريكة للاستثمارات في البنية الأساسية وفى الشركات الصغيرة والمتوسطة. وقال "قد لا نترك إمكانيات إفريقيا غير مستخدمة". وقال موقع إيرونيوز إن السؤال هو: هل تغير عودة المغرب للاتحاد الإفريقي قواعد اللعبة الإفريقية؟ موضحا أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تنطوي على عناصر جديدة، قد تغير قواعد اللعبة داخل الكيان الإفريقي وفي علاقته مع أوروبا. وتابع الموقع، أنه منذ مطالبة المغرب بالعودة للاتحاد الإفريقي اتخذ الموضوع زخما عالميا خاصة في أوروبا التي ظلت تُراقب عن كثب ما يجري في كواليس القمة الإفريقية الأخيرة بأديس أبابا. ووسط همومهم المتزايدة جراء مخاطر الإرهاب والهجرة غير الشرعية المتدفقة عبر البحر الأبيض المتوسط وخصوصا بسبب الأزمة الليبية، يخشى الأوروبيون أن تؤدي الصراعات داخل الكيان الإفريقي وخصوصا البلدان المغاربية، بحكم جوارها لأوروبا، إلى مزيد من المشاكل الأمنية والاقتصادية. وأضاف الموقع أن برلين منذ البداية بادرت من جهتها بإعلان رغبة ألمانيا في إقامة مشروع مارشال لتنمية القارة الإفريقية ومساعدتها على مواجهة أزمة الهجرة واللجوء، كما شددت على استبعاد خيار تقليص المساعدات لدول شمال إفريقيا على خلفية أزمة ترحيل المهاجرين الذين تُرفض طلبات لجوئهم في ألمانيا. وأشار الموقع إلى أن الوضع الحالي ينبيء باستفاقة مغربية، وأن المغرب وجدت ضالتها وانطلاقها من الداخل الإفريقي وقد بدأت بالفعل وبكل قوة هذه الخطوة وسوف تستفيد منها على أكمل وجه. الجدير بالذكر أن دول مجموعة العشرين أكدت، في اجتماع وزراء ماليتها في ألمانيا، رغبتها في تحفيز التنمية الاقتصادية لإفريقيا عبر جذب استثمارات إليها دون أن تعلن عن أي إجراء عملي في هذا الشأن. وتتلخص الفكرة الأساسية للمبادرة في تشجيع الاستثمارات الخاصة عبر الدعم السياسي من قبل مجموعة العشرين بما يؤدي إلى تطوير قطاع التوظيف والبنى التحتية في الدول الإفريقية الأعضاء في الشراكة، فيما لم تعلن مجموعة العشرين عن أي التزام مالي. هذا التشجيع المبهم إلى حد ما "يمر عبر دعم سياسي من قبل مجموعة العشرين" وحشد طاقات المؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومصارف المناطق)، ومشاركة القطاع الخاص. كل هذا يفترض أن يؤدي نظريا إلى استثمارات منسقة ودائمة في البلدان الإفريقية، ولو كانت إفريقيا تملك اليوم الحد الأدنى في مجال البنى التحتية والصحة والتأهيل، فإن قضايا الهجرة ما كانت لتؤثر على الحياة في أوروبا إلى هذا الحد.