في ظل فشل عبد الإله بن كيران، رئيس حزب العدالة والتنمية المغربي، في تشكيل حكومة مغربية منذ أكثر من خمسة أشهر، قرر العاهل المغربي محمد السادس إنهاء مهامه وتعيين شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية، دون الكشف عن اسمه، ما طرح أسئلة عن الشخصية القريبة لاستلام هذا المنصب، وهل هي قادرة على إحداث توافق بين القوى السياسية لإيقاف الفراغ الحكومي. يأتي فشل بن كيران في تشكيل الحكومة، بعدما دخلت مشاوراتها في نفق مسدود، عقب تمسك حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية المشاركين في الحكومة السابقة، بمشاركة الاتحاد الاشتراكي، وهو ما رفضه بنكيران، لكن الملك المغربي الذي كلف بن كيران بتشكيل حكومة جديدة في أكتوبر الماضي عقب تصدر حزبه الانتخابات البرلمانية، كرر دعواته بسرعة تشكيل الحكومة أكثر من مرة، وهو ما لم ينجزه، وأكد الملك في بيانه الأخير أن المشاورات لم تسفر إلا عن تشكيل أغلبية حكومية، إضافة إلى انعدام مؤشرات توحي بقرب تشكيلها، وهو ما أدى إلى اصدار القرار بالبحث عن بديل لبن كيران. وطرحت ثلاثة أسماء على الساحة العربية والمغربية، ليكونوا الأوفر حظًّا لتشكيل الحكومة الجديدة، وهم أعضاء بارزون في حزب العدالة والتنمية، الأول سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني في حزب العدالة والتنمية، أعلى هيئة تقريرية في الحزب، ومحمد يتيم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ومصطفى الرميد، وزير العدل والحريات في حكومة تصريف الأعمال. ويقول مراقبون إن الشخصية القادمة على الرغم من أنها قيادية في حزب العدالة والتنمية، إلا أنها ستستفيد من تجربة بن كيران، وستتعامل ببراجماتية ومرونة، تدفعها ألا تتنازل عن مفهوم بن كيران بقدر ما تتساير وتنسجم مع المطالب السياسية والضغوط الراهنة في المغرب. سعد الدين العثماني سياسي وطبيب عام ونفسي وباحث وفقيه، شغل منصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بين 2004-2008، وتقلد منصب «وزير الشؤون الخارجية والتعاون» بحكومة بن كيران بين 2012-2013. ويعتبر من القيادات الإسلامية البارزة في المغرب. درس الطب والعلوم الشرعية جنبًا إلى جنب، حيث جمع بين التكوينين العلمي والشرعي، وكانت بداية ظهوره السياسي عندما أسس بصحبة أصدقائه جمعية الشبان المسلمين، وسرعان ما وجد نفسه في قلب المعترك السياسي وفي لجنة النقاشات الداخلية لتنظيم الشبيبة الإسلامية، وعاش فترة حرجة؛ بسبب تداعيات تورط بعض أعضائه في عملية اغتيال عمر بن جلون في ديسمبر 1975. محمد يتيم سياسي مغربي من مواليد مدينة الدار البيضاء، يشغل منصب عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أنهى دراسته الابتدائية والتانوية بمدينة الدار البيضاء، ليكمل دراسته الجامعية في مدينتي فاس والرباط. ويعتبر يتيم أقل حظوظًا للتعيين في هذا المنصب؛ كونه من الداعمين الرئيسين لبن كيران في مواقفه من تشكيل الحكومة، إذ يرفض هو الآخر مشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة، متهمًا حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية المشاركين في الحكومة السابقة بعرقلة تشكيل الحكومة، وهو ما يقلل من حظوظه في التعيين لهذا المنصب. وفي آخر مقالاته تساءل يتيم في إشارة إلى رفضه مشاركة الحزب الاشتراكي بالحكومة ما إذا بقي هناك من مجال كي يتوهّم البعض بأن ابن كيران وحزبه سيقبلان بالإهانة، ويرضيان بتكوين حكومة أو يتهافتان على مناصب في حكومة ستخرج من الباب مائلة. مصطفى الرميد ناشط حقوقي وسياسي مغربي. يعتبر من قياديي حزب العدالة والتنمية. تقلد منصب وزير العدل والحريات في 3 يناير 2012 ، في حكومة بن كيران، بعد فوزه حزبه في الانتخابات البرلمانية المغربية سنة 2011. تعود بداية نشاطه السياسي إلى انتقاله إلى مرحلة ممارسة العمل السياسي العلني، عندما فتح عبد الكريم الخطيب أبواب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية (حزب العدالة والتنمية حاليًّا) في وجه العديد من أعضاء الحركة الإسلامية المغربية، وعندما نضجت تجربته داخل هذا الحزب، تقلد مهام حزبية عديدة، إذ أشرف على رئاسة الكتلة النيابية، والفريق النيابي للحزب لولايتين متقطعتين، ثم رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان إحدى ركائز العمل التشريعي بالغرفة الأولى. له تجربة في العمل الصحفي، إذ سبق أن أصدر سنة 1990 جريدة السبيل، ليؤسس بعد منعها جريدة الصحوة، التي دمجت إلى جانب الراية في جريدة التجديد، كما زاول مهنة المحاماة سنة 1984 من خلال دفاعه ومتابعته لملفات السلفيين والحقوقيين، ومن أبرز مرافعاته دفاعه عن زميله بن كيران حينما كان مديرًا لجريدة التجديد، وعن رشيد نيني مدير نشر "المساء"، الذي قضى عقوبة الحبس.