صاحب اندلاع ثورات الربيع العربي ظهور العديد من برامج المسابقات التي تشهد دائما منافسة من جميع الدول العربية بما فيها فلسطين واليمن وسوريا والعراق ودول دُمرت بفعل الحروب التي اشتعلت فيها، المثير أن هذه البرامج اختزلت جميع القضايا العربية في مجرد رسالة تصويت لدعم المتسابقين، متناسين القضية الحقيقية على أرض الواقع، وأصبح التصويت لمتسابق ينتمي لدولة بعينها كأنك تصوت لهذه الدولة أو تدعمها في حربها. وحصد الفنان الفلسطيني محمد عساف، الفائز بالموسم الثاني من برنامح «أراب ايدول» أكثر من 68 مليون صوت من جميع أنحاء الوطن العربي، بعد أن نشر رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، سلام فياض، عبر صفحته الرسمية على موقع «فيس بوك» وقتها، نداءً للشعب الفلسطيني بالتصويت لدعمه. كما حضر نجل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الحلقات المباشرة في استوديوهات MBC بلبنان لدعم عساف، وتداولت وقتها العديد من المواقع والقنوات والصحف العربية الموضوع وكأن أرض فلسطين تحررت، متجاهلين ما تكابده طبقات المجتمع الفلسطيني من معاناة شديدة تحت وطأة الاحتلال. الأمر نفسه تكرر مع الفلسطيني يعقوب شاهين، الذي حصد اللقب الرابع من "أراب ايدول"، بعد منافسة مع مواطنه أمير دندن، واليمني عمار محمد، فالثلاثة وصلوا إلى النهائيات عن طريق تصدير مشاهد الحروب التي تعاني منها بلادهم فجميعهم اشتركوا في نفس المحنة حتى استغلوها في كسب تعاطف وتصويت المشاهدين، وفي النهاية ساهمت الجماهير بشكل كبير في حسم اللقب لصالح الفلسطيني شاهين. مع انطلاق الموسم الموسم الخامس من برنامج المواهب "أراب جود تالنت"، قدمت فرقة سورية مكونة من 3 أطفال تحمل اسم "راب النار" عرضا حول ما تعانيه بلادهم، خاصة أنهم يعيشون الآن في مخيم للاجئين، وتعلموا وتدربوا على أغانيهم في المخيم، ورغم عدم موهبة الأطفال بشكل لافت للنظر، إلا أنهم لاقوا تعاطفا كبيرا من الجمهور ولجنة التحكيم حتى حصدوا جميع أصوات اللجنة. الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، قالت إن الإعلام العربي المسيطر على الساحة حاليا يغيب عنه بشكل كبير الطابع التثقيفي والتنويري، مؤكدة أنها لا تمانع وجود هذه البرامج؛ بشرط أن تسلط الضوء على الواقع العربي بكل ما يحويه من مشاكل وأزمات مختلفة، وليس إبعاد المشاهد العربي عن الواقع؛ باختزال القضايا في مجرد عرض ببرامج المسابقات فقط، موضحة أن السبب الرئيسي في انتشار هذه النوعية من البرامج، بحث مسؤوليها عن المال فقط، دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى. وأضافت خضر ل"البديل" أن المنطقة العربية بعد اشتعال ثورات الربيع العربي، انشغلت كل دولة بمشاكلها الداخلية وتناسى الجميع القضايا العربية المشتركة، على رأسها فلسطين، خصوصا بعدما اشتعلت الحروب الداخلية في دول مثل سوريا وليبيا التي تمزقت إلى أشلاء ودول صغيرة. وأكدت الناقدة ماجدة موريس ل"البديل"، أن انتشار هذه البرامج، نتيجة طبيعية لما وصل إليه حال الوطن العربي حاليا، مضيفة أنه لا توجد وسيلة إعلامية عربية واحدة تسلط الضوء على القضايا الفلسطينية أو السورية أو غيرها بمشاكلها، في حين أن القنوات الغربية تهتم بقضايانا بشكل أفضل منا. وأوضحت موريس أن اهتمام الشعب العربي بالتصويت في هذه البرامج للمتسابقين الذين تعاني بلدناهم من أزمات، مثل فلسطينوسوريا؛ لأنهم لم يجدوا متنافسا للتضامن معهم غير هذه الطريقة فقط، متابعة أنه من كثرة تجاهلنا للواقع الفلسطيني أصبحت هذه البرامج هي التي تذكرنا بفلسطينوسوريا فقط.