غادر ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، السعودية أمس الاثنين، متوجهًا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، في زيارة تعد الأولى لمسؤول خليجي، منذ تنصيب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في يناير الماضي. يرافق ابن سلمان في الزيارة، وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، ومن المقرر أن يلتقي الوفد الرئيس الأمريكي، اليوم الثلاثاء بدلا من الخميس، حسبما أعلن البيت الأبيض، الذي أكد أن لقاء ترامب مع ابن سلمان سيكون بعيدًا عن الصحافة؛ لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، كما ستتم مناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. من جانبها نقلت شبكة "CBS News" عن مصادر حكومية أن الإدارة الأمريكية تواصل التخطيط للقاءات المحتملة مع ولي ولي العهد السعودي، لافتة إلى أن الزيارة المهمة تأتي في الوقت الذي تقصف فيه أمريكا أهدافًا في اليمن بدعوى أنها تعود للقاعدة، ووفق توقعات بتعديل موقف واشنطن من تحالف العدوان السعودي العسكري في اليمن، كما ذكرت الشبكة أن وزارة الخارجية الأمريكية وافقت أواخر الأسبوع الماضي على تنفيذ صفقة ذخائر موجهة عالية الدقة للسعودية بقيمة 390 مليون دولار، وهي صفقة سبق لإدارة باراك أوباما أن علقت تنفيذها خشية تعريض حياة المدنيين في اليمن للخطر. ورغم الغموض الذي يحيط بالزيارة؛ حيث لم يكشف الديوان الملكي السعودي أي تفاصيل عن برنامجها، كما لم يعلن البيت الأبيض أي تفاصيل سوى أن لقاء ابن سلمان مع ترامب، سيكون بعيدًا عن أعين الصحافة، إلا أن هناك ملفات عديدة مشتركة بين الطرفين من المؤكد أنها ستكون على طاولة المباحثات بينهما، وأولها الملف اليمني والسوري، حيث تتصاعد رغبة الإدارة الأمريكية بتوسيع مهامها العسكرية ضد تنظيم القاعدة في اليمن، ما يستلزم توسيع مجالات التعاون الاستخباراتية مع المملكة. وتتزامن الزيارة الملكية إلى واشنطن مع انعقاد اللجنة الرباعية الدولية في ألمانيا، حيث استضافت برلين أمس الاثنين، اجتماعًا يعد السابع من نوعه للجنة المكونة من أربعة وزراء خارجية أهم الدول المعنية بالملف اليمني، هي السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا، بحضور المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في حين شهد الاجتماع تواجد وزير خارجية سلطنة عمان، يوسف بن علوي. وكشفت صحيفة واشنطن بوست، قبل أيام، أن الولاياتالمتحدة قررت الوقوف بكامل ثقلها وراء السعودية والتحالف الذي تقوده في اليمن، وذكرت الصحيفة أن وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، وّقع الأسبوع الماضي إقرارًا بموافقة وزارته على استئناف الولاياتالمتحدة مبيعات الأسلحة للمملكة، في خطوة تلغي قرارًا اتخذته إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، في آخر عهدها بهذا الشأن، واعتبرت الصحيفة قرار تيلرسون يمثل مؤشرًا مبكرًا لموقف الإدارة الأمريكية الجديدة المؤيد للسعودية في اليمن، ودلالة على الموقف المتشدد للإدارة الجديدة حيال إيران، وأضافت أن النهج الجديد لإدارة الرئيس ترامب حيال الرياض، يذهب إلى أن هذه الدولة الحليفة تخوض معركة ضد توسيع النفوذ الإيراني في أرجاء الشرق الأوسط. أما في الملف السوري، فإن مخططات أمريكا لإقامة منطقة آمنة في سوريا تتوافق تمامًا مع المخططات السعودية، حيث سبق أن أعلن الرئيس ترامب، في منتصف فبراير الماضي، عن نية بلاده إقامة ما أسماها بالمناطق الآمنة في سوريا بتمويل من بلدان الخليج العربية لمنع تدفق اللاجئين على الغرب، وأبدت السعودية استعدادها الكامل لتحمل نفقات المنطقة الآمنة، كما أكد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، خلال حوار له مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية الشهر الماضي، استعداد بلاده لإرسال قوات عسكرية خليجية وعربية للقتال بجانب القوات الأمريكية ضد تنظيم داعش في سوريا. الملف الإيراني أيضًا من المقرر أن يكون حاضرًا على طاولة الزيارة؛ حيث تتشارك الرياضوواشنطن في التخوفات المزعومة من الخطر الإيراني أو ما يصفونه ب"التمدد الإيراني في المنطقة"، وينتقد الجانبان الاتفاق النووي التاريخي الذي تم توقيعه في منتصف يوليو عام 2015، بين المجموعة السداسية وإيران، ويؤكدون على ضرورة تطبيق هذا الاتفاق بشكل صارم. ورغم تعدد النقاط التوافقية بين الرياضوواشنطن، لكن هناك موضوعات خلافية بينهما أيضًا، على رأسها، أولوية ترامب لمكافحة داعش وليس لإسقاط الرئيس السوري، بشار الأسد، وهو ما ترفضه الرياض، التي عملت مع العديد من الدول الخليجية منذ سنوات من أجل الوصول لهدف إسقاط الرئيس السوري؛ بإمداد المجموعات المسلحة في سوريا بمليارات الدولارات، وراهنت على الإمدادات العسكرية والمالية التي كانت تقدمها هذه الدول للتنظيمات الإرهابية هناك، لكنها فشلت في تحقيق هدفها لسنوات طويلة، لتراهن مجددًا على مساعدة ترامب لها، إلا أن الأخير أظهر عدم تحمسه لفكرة إسقاط الأسد منذ البداية. النقطة الخلافية الثانية التي تبرز في العلاقات بين السعودية وأمريكا، ميول الأخيرة تجاه دعم الإمارات في اليمن على حساب السعودية، ما ظهر في العديد من المواقف التي كان أبرزها أن الإدارة الأمريكية خصصت أول زيارة لوزير دفاع ترامب إلى المنطقة للإمارات وليس للسعودية، كما أن المعارك التي شهدتها محافظة عدن وحُسمت لصالح الإمارات لم تكن إلا بمساندة ودعم وضوء أخضر أمريكي، الأمر الذي يعزز فرضية التفضيل الأَمريكي للإمارات، على حساب السعودية التي أصبحت "سيئة السمعة" ويرتبط اسمها بالتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا وحتى اليمن.