يتجه الجيش السوري من جنوب مدينة الباب إلى نهر الفرات، ليقطع الطريق على القوات التركية إلى الرقة ومنبج، وتكشف هذه الخطوة عن أن الغزو التركي لسوريا محاصر الآن داخلها، وأن عليه قتال الجيش السوري والحلفاء الروس للتحرك نحو الرقة، إلى جانب محاربة القوات الكردية السورية التي تدعمها الولاياتالمتحدة، للتحرك نحو الشرق، وتعد هذه المرة الأولى، منذ بدأت الحرب، التي يتم فيها قطع خطوط الإمداد بين تركيا وتنظيم داعش. لا يزال أردوغان يأمل في دعم الولاياتالمتحدة لخطة الرقة، ولكن هناك شكوكا حول تخلي القوات الأمريكية عن الأكراد ليذهبوا إلى الجيش التركي الذي يعاني حالة من الفوضى ويفتقر إلى الروح القتالية، حيث قام أردوغان بالتخلص من جميع الضباط وضباط الصف ليستولي على السلطة بنسبة 100%، ولكن فعلته تطارده الآن، فقد أصبح يفتقر إلى الوسائل العسكرية لمواصلة سياسته العدوانية. في العام الماضي، بدأ أردوغان التحول نحو روسيا وإيران، بعد زعمه دعم الولاياتالمتحدة لمحاولة الانقلاب الفاشلة ضده، وأن واشنطن تركته وحيدا وترددت في دعم خططه بسوريا، وبعد انتخاب دونالد ترامب، وينتظر أردوغان، اليوم أن يحدث تغيير في سياسات الولاياتالمتحدة، وهو ما يعتقد البعض أن ترامب سوف يفعله، بأن يصعد الوضع بقوة ضد سوريا ويدعم التحركات التركية ضد الدولة السورية. الجيش الأمريكي، من جانبه، قد لا ينساق خلف استراتيجية ترامب؛ وليس لدى البنتاغون رغبة في شن عملية برية كبيرة في سوريا، والخطة المعروضة حاليا لترامب هي نفسها التي عرضت على الرئيس السابق أوباما، حيث العمل مع القوات الكردية لهزيمة داعش في الرقة، وقد يبدو تعاون مع روسيا في وقت قريب. أردوغان، أعلن مؤخرا أن خطوته المبقلة في سوريا ستكون منبج، والتي يسيطر عليها الأكراد، ولكن بعد وقت قصير تم عرض صور للقوات الأمريكية في منبج ترفع الأعلام الأمريكية، على وسائل التواصل الاجتماعي، وهنا كانت الرسالة واضحة، وهي أن على تركيا البقاء بعيدا عن هذه المنطقة وإلا ستكون في ورطة حقيقية. يوم الاثنين الماضي، هاجمت طائرات من القوة الجوية العراقية مواقع لداعش في شرق سوريا، وكان ذلك بالتنسيق بين الاستخبارات السورية والعراقية، لأنه من السهل على العراق الوصول إلى تلك المناطق أكثر من القوات السورية. التعاون العراقي السوري سوف يستمر، والقوات غرب العراق على استعداد لاقتحام تلعفر، هذا إلى جانب الموصل المحاصرة، آخر أكبر معاقل داعش في المنطقة. خططت الولاياتالمتحدة لفرار قوات داعش من الموصل وتلعفر إلى سوريا، والسماح لها بدخول دير الزور، ولكن التعاون العراقي السوري منع ذلك، وفشلت المحاولة الأمريكية في فصل الحرب على داعش في سورياوالعراق، ومن ثم بدا أن أي محاولة أخرى لاستخدام داعش كوسيلة لتدمير سوريا سيقابلها مقاومة في العراق، حيث الولاياتالمتحدة أكثر انخراطا، وقادة الولاياتالمتحدة في العراق يدركون جيدا طبيعة هذا التهديد. التصريحات العدائية لترامب تجاه سوريا، بإنشاء مناطق آمنة والتصعيد العسكري، مجرد خطاب، إذ كلها أمور تفاوضية مع سوريا وإيران، خاصة مع رفض الجيش الأمريكي الدخول في حرب جديدة، كما أن ترامب يتبع وجهة نظر البنتاغون أكثر من أوباما، ويبدو أيضا أن هذا الرأي لن يتغير، وبالتالي لن يكون هناك تصعيد ضد سوريا وفقا للطريقة التي يعمل بها ترامب، وأي تحرك من قبل القوات التركية أو من قبل القوات الإسرائيلية لن يتم التغاضي عنه، ولن يحصلا على الدعم الأمريكي الكبير المتوقع. ومع سيطرة الجيش السوري على تدمر، بدأ الجيش الحر في التحرك بعيدا نحو الشرق في اتجاه الرقة ودير الزور. في هذا السياق، قد لا يزال أردوغان يرغب في إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا والتي تتواجد بها قواته حاليا، ولكن دمشق ستدعم قوات الأكراد والعرب ضد أي احتلال تركي، والقوات التركية في سوريا ستواصل الانزلاق إلى المزيد من المتاعب، ولن يحصل أردوغان على الدعم الأمريكي للسيطرة على أرض سوريا. جلوبال ريسيرش