قبل ثلاثة أيام قام قائد المنطقة المركزية للقوات الأمريكية الجنرال، جوزيف فوتيل، بزيارة سرية للشمال السوري، وقد سربت مصادر كردية أن فوتيل قدم ضمانات بعدم ضم أنقرة لعملية تحرير الرقة، وأن طيران التحالف الأمريكي سيحمي مواقع الكرد في منبج. وفيما يتعلق بالشأن المصري أنهى فوتيل زيارته لمصر، التي بدأها يوم الأحد الماضي، ويتواجد فوتيل حاليًّا في لبنان للقاء الرئيس اللبناني، ميشيل عون، ورئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري. سوريا الدعم الأمريكي للكرد في تزايد مستمر، فالمدرعات الأمريكية الجديدة "مراب" المضادة للكمائن والألغام أصبحت في ريف الحسكة، ورفعت الأعلام الكردية على 150 عربة قدمتها واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية، فرغم التهديدات التركية بإغلاق قاعدة أنجرليك أمام الطائرات الأمريكية إذا ما استمرت واشنطن في دعم الأكراد، تواصل الولاياتالمتحدة عمليات تسليح الكرد، ومنذ معارك عين العرب صيف 2014 تدفقت الأسلحة الأمريكية دون توقف. الدعم الأمريكي للأكراد بالسلاح يتزايد عبر أربع قواعد أمريكية في الشمال السوري، في تل بيدر، ورميلان، وقاعدتين قريبتين من عين العرب، دعم يتزايد مع دخول عملية تحرير الرقة مرحلتها الثالثة؛ لعزل المدينة وقطع طريق إمداد داعش لدير الزور. كما أن قائد القوات الأمريكية للشرق الأوسط، جوزيف فوتيل، زار الحسكة بنفسه قبل أيام. ويبدو أن الخطة الأمريكية الجديدة للبنتاجون بدأت تتضح معالمها، إذ أعلن فوتيل إرسال المزيد من القوات الخاصة الأمريكية إلى الشمال السوري، كما تجاوز الاعتراض التركي على تغلغل العنصر الكردي في العمليات العسكرية ضد داعش، في معارك الرقة ودير الزور، رغم ضم الكثير من مقاتلي العشائر العربية، ولكن وفقًا لوجهة النظر الأمريكية لا يمكن الاعتماد أكثر على 20 ألف عربي في وحدات حماية الشعب، فقلة خبرتهم العسكرية وإن كانوا يشكلون ضمانة سياسية لتركيا في عمليات الرقة، إلا أنهم لا يشكلون قوة عسكرية حقيقية. وبحسب المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، طلال سلو، فإن فوتيل حسم أيضًا القرار الأمريكي بعدم السماح للأتراك بدخول منبج مع استمرار الدعم الأمريكي للكرد، ونسبت مصادر كردية لفوتيل التزام التحالف بخلو منبج من أي قوات تركية أو قوى مدعومة منها، وهو التزام يتعارض مع تعهدات أمريكية سابقة بسحب الكرد من منبج العام الماضي، الأمر الذي ستتضح معالمه من خلال وجهة القوات التركية المقبلة بعد احتلالها لمدينة الباب السورية، خاصة أن الجنرال الأمريكي لم يناقش أي ممرات لتركيا نحو الرقة، في الوقت الذي نجح فيه الجيش العربي السوري في قطع الطريق على تركيا باتجاه الرقة أيضًا. حيث تقدم الجيش السوري في منطقة واقعة بالقرب من المواقع التي تطلق بها المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا عملياتها العسكرية، والتي تسعى من خلالها لإبعاد عناصر تنظيم داعش الإرهابي عن الحدود التركية، كما تسعى أنقرة لتقليص نفوذ قوات سوريا الديمقراطية في الشمال السوري، حيث تراها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية، وسيطرة الحكومة السورية المدعومة من روسيا على تلك المناطق ستساعدها على فتح طريق للشمال الشرقي وقطع الطريق على تركيا نحو الرقة. ويحتوي الشمال السوري على 70% من ثروات النفط في سوريا، وهو الأمر الذي يفسر الاهتمام الأمريكي بهذه المناطق، حيث كشفت مصادر إعلامية أمريكية، الخميس الماضي، أن السيناتور الجمهوري الأمريكي جون ماكين، أجرى زيارة سرية لعين العرب بمحافظة حلب شمالي سوريا الأسبوع الماضي، والتقى مع قيادات في وحدات حماية الشعب وقوات سوربا الديمقراطية. مصر بالنسبة لمصر فإن تحركات فوتيل فيها تأتي في سياق إعلانه عودة المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر بالكامل، وهي النقطة التي حاولت الولاياتالأمريكية من خلالها التدخل في الشأن الداخلي المصري، وكان آخرها في فترة الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر يوليو 2013، وحرص فوتيل أثناء زيارته للقاهرة على تشديد عزم الولاياتالمتحدةالأمريكية على تعزيز التعاون العسكري بين بلاده ومصر، والتقى فوتيل بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير دفاعه صدقي صبحي، خلال زيارته القصيرة له للقاهرة، في إطار جولة لعدد من عواصم المنطقة، وأكد فوتيل للسيسي حرص واشنطن على تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع مصر. في المقابل قالت مصادر مصرية مطلعة إن المباحثات المصرية الأمريكية ستنصب على ملفين رئيسيين: الأول هو مستقبل التنسيق العسكري في منطقة خليج العقبة، في ظل غموض الوضع السياسي لجزيرتي تيران وصنافير، خاصة أن مصر كانت قد أبلغت الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني بأن السعودية ستخلفها في تولي مهامها الأمنية والعسكرية على الجزيرتين، وهي المهام المحددة وفقًا لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية. وأضافت المصادر أنه بناء على الإبلاغ المصري والمفاوضات بين الدول الأربع "كان يتوجب على الولاياتالمتحدة إعادة تموضع القوات الدولية على الجزيرتين وحولهما، وهو ما لم يحدث، بسبب عدم تسليم الجزيرتين حتى الآن إلى الجانب السعودي، مع استمرار تعليق مصر إنفاذ الاتفاقية الموقعة مع السعودية في إبريل 2016، على حسم القضاء للنزاع حولها". أما الملف الثاني فهو التنسيق العسكري والاستخباراتي الحربي في سيناء، في ظل وجود جيوب غير معروفة العدد لمسلحي تنظيم "ولاية سيناء" التابع لتنظيم داعش الإرهابي. ويرى مراقبون أن تحركات فوتيل يشوبها العديد من علامات الاستفهام حول المخطط الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط، خاصة إذا ما تم ربطها بالتوجهات الجديدة للمكتب البيضاوي بقيادة دونالد ترامب والخطط الجديدة المقدمة له لمكافحة الإرهاب في المنطقة من البنتاجون الأمريكي.