حالة من الغضب تسيطر على ذوي الإعاقة الحركية بعد قرار الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، بوقف المعاش الممنوح للأشخاص ذوي الإعاقة "323 جنيها" لمن يمتلك سيارة مجهزة، مؤكدين أن القرار غير دستوري ويتنافى مع التزام مصر بالاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص ذوى الإعاقة وتوفير الحماية الاجتماعية لهم. ورفع المتضررون شكواهم إلى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء؛ لإنقاذهم من القرار المتعسف، الذي وصفوه ب"حكم إعدام"، مؤكدين تنظيم وقفات احتجاجية خلال الأيام المقبلة أمام مجلسي النواب والوزراء؛ لإعلان رفضهم للقرار. وقال رمضان زروق، يبلغ 27 عاما ومن ذوي الإعاقة الحركية، إنه فوجئ عندما ذهب لصرف معاش شهر يناير الماضي من مكتب البريد، بعدم وجود رصيد له، وطالبه الموظف المسؤول بالتوجه إلى مديرية الشؤون الاجتماعية بمحافظة قنا لمراجعتها في الواقعة، متابعا: "عندما سألت المديرية، ردت بأنه قرار وزاري بوقف صرف معاش ذوي الإعاقة لكل من يمتلك سيارات مجهزة"، ساخرا: "الدولة تمتنع عن صرف 320 جنيه معاش لشخص على كرسي متحرك ليس له مصدر رزق آخر، وتترك من يمتلك الملايين دون حساب". أضاف زروق ل"البديل" أن السيارة تعتبر وسيلته الوحيدة للخروج من المنزل والاحتكاك بالعالم الخارجي؛ لأنه قعيد على كرسي متحرك منذ ولادته، ويعيش في إحدى القرى الفقيرة بمركز دشنا، فلا توجد أي وسائل مواصلات مخصصة لذوي الإعاقة، مستطردا أن امتلاكه للسيارة لا يعني أنه شخص غني، بل حصل عليها من خلال مساعدات أهلية والجمعيات الخيرية. وتابع أنه ينفق على متطلباته من المبلغ الهزيل ال"320 جنيه"، حتى لا يكون عبئا على أسرته، خاصة أن فقد الأمل في فرصة الحصول على وظيفة ضمن 5% التي أقرها القانون لذوي الاحتياجات الخاصة، بعدما طرق كل الأبواب بشهادة المعهد الفني التجاري الحاصل عليها منذ 5 سنوات، دون جدوى، مطالبا وزيرة التضامن بأن ترحم ذوي الإعاقة من قرارها الظالم، خاصة أن المعاش والسيارات المجهزة تعتبر أبسط حقوقهم الضائعة في بلد لا يحترم المعاق، بحسب تعبيره. وقال الدكتور خالد حنفي، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن قرار وزيرة التضامن بوقف معاشات ذوي الإعاقة الحركية، الذين يمتلكون سيارات مجهزة، يتعارض مع الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي وقعت عليها مصر عام 2007؛ لأن الحماية الاجتماعية حق أصيل نصت عليه الاتفاقية في المادة 28: "ضمان استفادة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعيشون في حالة فقر وأسرهم من المساعدة التي تقدمها الدولة، لتغطية النفقات المتعلقة بالإعاقة، بما فيها التدريب المناسب وإسداء المشورة والمساعدة المالية والرعاية المؤقتة". وأضاف حنفي ل"البديل" أن الدولة ملتزمة بتوفير وسائل النقل والمواصلات لذوي الإعاقة وتحقيق فكرة الإتاحة لهم، ظاهريا فقط، دون التنفيذ على أرض الواقع، فلا يوجد أتوبيس أو تاكسي أو مترو أنفاق متاح لهم، ومن ثم يضطر بعضهم إلى اللجوء لهذه السيارات المجهزة، التي لا تعد رفاهية أو كماليات للمعاق، لكن وسيلة أساسية لتمكنهم من إنجاز مصالحهم في الشارع. وأكد أن المعاش حق أصيل أيضا، وينبغي أن تخجل وزيرة التضامن من نفسها عندما تتحدث عن إيقاف معاش بقيمة 323 جنيها شهريا، في ظل ارتفاع الأسعار والتضخم، بحسب تعبيره، متسائلا: كيف لمواطن العيش بهذا الرقم الضئيل وينفق منه على أسرته والأدوية أو يعيش حياة كريمة؟ متابعا: "لا يجوز لوزيرة التضامن أن تحرم ذوي الإعاقة وتساومهم على حق المعاش مقابل الحصول على السيارات المجهزة، فكلاهما حقوق أصيلة ولن يتنازلوا عنها"، مضيفا أنه سوف يتقدم بطلب إحاطة إلى البرلمان خلال الأيام المقبلة؛ لمساءلة الوزيرة ومطالبتها بالعدول عن القرار المجحف، بحسب وصفه. ويتفق معه محمود فهيم، مقرر فرع المجلس القومي لذوي الإعاقة بمحافظة قنا، الذي وصف القرار أيضا ب"حكم بإعدام حوالي 7 ملايين من ذوي الإعاقة الحركية"، مضيفا أن السيارات المجهزة حق والتزام دستوري على الدولة تجاه حقوق ذوي الإعاقة، في ظل عجز الدولة عن توفير أماكن خاصة لهم في وسائل النقل، أو شوارع ممهدة بها ممرات تساعدهم على الحركة بسهولة. وتابع فهيم ل"البديل" أنه لا ينبغي مساومة ذوي الإعاقة بين حق الحصول على المعاش وبين استلامه سيارة مجهزة، خاصة أن هذه السيارات لا يتكسب الشخص بواسطتها ماديا، وليست "تاكسي" يستغله ذوى الإعاقة في تحقيق عائد مادي، ومن ثم تلغيه الوزيرة، مؤكدا أن المتضررين سوف ينظمون وقفة احتجاجية خلال الأيام المقبلة، أمام مجلسي النواب والوزراء؛ لإعلان موقفهم الرافض للقرار والمطالبة بالعدول عنه وصرف المعاش للمستحقين.