تصوير- أحمد نبيل الزعفراني: الإعاقة لا تعني التسول.. وقرارات رئيس الوزراء مضحكة قرارات الوزراء تعني أنهم لم يطلعوا على الدستور محمد سعد: مصر وقعت على اتفاقيات دولية غير مفعلة.. والكيان الذي تم تأسيسه ليضمن حقوقهم مستغل من الأشخاص القائمين عليه يحتفل العالم في 3 ديسمبر من كل عام بما قدمه من إنجازات في اليوم العالمي للمعاقين، ولكن لم يعد الأمر كذلك بالنسبة لنظرائهم في مصر الذين اصطدموا بواقع لم يوفر لهم الحد الأدنى من حقوقهم. تقول إيفون الزعفراني، مؤسس حركة "معاقين ضد التهميش" بالإسكندرية، إن معاقي مصر لم يجدوا ممثلاً لهم بين الجمعيات والمؤسسات المعنية بشئون المعاقين، والتي تستغلهم بغرض الكسب بأسمائهم، أو من المجلس القومي لشئون الإعاقة، الذي ينفق التبرعات في غير محلها. وأضافت الزعفراني في تصريح ل "البديل" أن معاقي مصر اجتمعوا في مؤتمرهم الأول من أجل إنشاء مجلس أعلى للأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أن الفكرة تحولت إلى مجلس قومي عديم الصلاحية لا حق له إلا في إصدار التوصيات، وتم تفصيله على مقاس الجمعيات والمؤسسات- على حد قولها. وأكدت أن المجلس فشل في دوره المنوط به وما زال يفشل، مضيفة "أنا واحدة من الناس أنكر أن المجلس القومي لشئون الإعاقة يمثلني؛ لأنه لا يتواصل معي ولم يحقق لي حقوقي، ويصفق للحكومة، وأنا مش محتاجة حد يصفق للحكومة. أنا محتاجة حد يقول للحكومة اقفي.. أنت ما فعلتيش حقوق المواطن". وشددت الزعفراني على أن من يطلق عليهم "نشطاء ذوي الإعاقة" هم فقط من يمثلون المعاقين، وكانوا أول من حرك قضيتهم في مصر وليست تلك المؤسسات أو الجمعيات التي تتربح من ورائهم، متسائلة "لماذا يبحثون دومًا عن وصي أو بديل؟" فغالبية المعاقين ليسوا أعضاءً بأي منها، رافضة على الجانب الآخر نعتهم ب "النشطاء"؛ لكونهم ينادون بحق ولا يمارسون مجرد نشاط. واستنكرت ادعاءات الحكومة بعدم قدرتها على التواصل مع المعاقين دون وجود أوصياء عنهم، مشيرة إلى ان ذلك يمكن من خلال الالتقاء بممثليهم من الكيانات المختلفة، والتي من بينها حركة "معاقين ضد التهميش" والتي كانت أول من نادى بحث المعاق في تشكيل كيان قانوني حكومي عام 2011. واتهمت حكومة المهندس إبراهيم محلب بالتلاعب بحقوقهم، واستغلالهم كمنقذ لها، من خلال إصدار قرارات تعنيهم للادعاء بتحقيقها إنجازات لصالحهم، فضلاً عن مجلس قومي غير مفعل، وصفته ب "الفاشل" وصدر بقرار باطل، قوبل بالرفض من قِبَل المعاقين، وتم عمل وقفات احتجاجية مطالبة بإلغائه لحين تشكيل برلمان منتخب يقوم بإنشاء مجلس بقانون وليس بقرار يلغى بقرار، بعد رفض الدولة مطالبات تعديله؛ ليتحول إلى مجلس أعلى مطابق للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، إلا أنه تم تجاهل مطلبهم تمامًا. ورفضت الزعفراني التعامل مع اليوم العالمي لذوي الإعاقة على أنه يوم احتفالي، مؤكدة أنه كشف حساب لما قدمته الحكومات حول العالم للمعاقين خلال العام، إلا أن الحكومة المصرية الحالية لم تقدم سوى وعود فقط، واصفة تصريحات المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء في تلك المناسبة ب "المضحكة" بقولها " أنت بتتلاعب بعقولنا يا سيادة رئيس الوزراء؟!". وتعليقًا على قرار محلب بتخصيص راتب شهري لكل أسرة تعول معاقًا غير قادر على العمل، بشرط ألا يزيد دخلها عن 1200 جنيه، قالت "حضرتك متصور يعني إيه معاق غير قادر على العمل، يعني ما بيقدرش يشتغل ولا يتحرك، يعني فيه واحد في الأسرة قاعد معاه متفرغ للإعالة المعيشية اليومية للشخص ده، وبالتالي هيكون فيه اثنين غير قادرين على العمل". كما استنكرت تصريحات غادة والي، وزير التضامن الاجتماعي، التي أكدت فيها تخصيص 360 جنيهًا معاشًا لكل أسرة لا يزيد دخلها الشهري على 1200 جنيه وتعول معاقًا غير قادر على العمل، في الوقت الذي يطالب فيه المواطن السليم بحد أدنى 1200 جنيه للأجور، متسائلة "لوعندك ابن غير قادر على العمل هيكفيه المبلغ ده؟ لو انت نفسك غير قادرة على العمل هل هيكفيك 360 جنيه؟". وأضافت أن المعاقين يعانون من غلاء سعر الأجهزة التعويضية التي قرر محلب منحها للأسر المعيلة لمعاق لا يزيد دخلها على 1200 جنيه، والتي يفوق سعرها قدرة أصحاب هذه الدخول التي تزيد عن الحد الذي قررته الحكومة، فضلاً عن مشاكل تلك الأجهزة التابعة للتأمين الصحي والتأهيل المهني، مؤكدة أن المسئولين لا يعلمون شيئًا عن معاناة المعاقين. وشددت الزعفراني على حق المعاقين في مخصصات الدولة لصرفها على جهات التطوير الخاصة بهم، بدلاً من الجمعيات والقائمين على تطويرها ومريديها –على حد قولها- مضيفة "إحنا تعبنا جدًّا، إما أن تلغونا من على خريطة المواطنة، أو لا تتلاعبوا بنا وتصدروا لنا قرارات غير مفعلة". وأكدت أن قانون الإعاقة لم يفعل في بعض المحافظات، حيث لم تفعل نسبة 5% للمعاقين في العمل بالمؤسسات الحكومية، فتم تعيين 3000 مواطن بمديرية التنظيم والإدارة بمحافظة أسيوط دون استيفاء شرط 5% معاقين، بحجة أن النسبة مضافة لعدد 3000 موظف وليسوا منهم. واستنكرت الزعفراني عدم اعتراف الدولة بإعاقة مصابي الأنيميا المنجلية وأنيميا البحر المتوسط، وكذلك الأقزام، بالرغم من الاعتراف بهم كمعاقين وفقًا للتعريف العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، فالمعاق هو كل من يعاني من ظروف تعوقه عن التعامل مع البيئة المحيطة به، دون أن تكون البيئة مهيئة للتعامل معه بما يتناسب مع إعاقته، إلا أنه تم التلاعب بهم في المادة 81 من دستور 2014 التي تنص على "التزام الدولة بضمان حقوق ذوي الإعاقة والأقزام". وأوضحت أن الدستور أوهم الأقزام بأنهم انضموا للمعاقين، ولم يقرر لهم أي حقوق في أي قانون، مضيفة "ممثل الأقزام في لجنة الخمسين مصر أنهم تم ضمهم لذوي الإعاقة، ولكن ذلك غير صحيح، يجيبوا مفسر قانون يؤكد". معتبرة أن من بين المهمشين في مجال التعليم الأساسي والجامعي فئة الصم، حيث إنه غير مسموح لهم بالالتحاق بالجامعات إلا في حالات نادرة جدًّا، وهي الجامعات الخاصة، ودون توفير مترجمين لهم. ووصفت الزعفراني القرار الصادر عن وزير التربية والتعليم بإعفاء المكفوفين غير القادرين من المصروفات الدراسية دون غيرهم من المعاقين ب "الكارثي"، حيث ينص القانون على مجانية التعليم الإلزامي، وهذا القرار يعني أن الحكومة لم تطلع على الدستور. وأكدت أن المعاق ليس متسولاً للحق، ولكنه صاحب حق، ومسئوليته لا تقع على عاتق المجتمع المدني، ولكن على الدولة؛ لكونهم مواطنين، مطالبة بالحقوق التيسيرية وتفعيل كود الإتاحة؛ ليتمكنوا من السير في الشوارع المختلفة، وبتطوير "رامبات الأرصفة" التي صممت بطريقة غير هندسية بما يشكل خطرًا على سلامة المعاقين، كما طالبت بتخصيص مكتب بالمؤسسات الحكومية، لخدمة المواطنين من ذوي الإعاقة بشكل عام، السمعية والذهنية والحركية والبصرية. كما طالبت الزعفراني بتمثيل المعاقين بشكل مشرف من خلال القوائم في البرلمان، تمهيدًا لأن يتقبلهم المجتمع، أسوة بما حدث من قبل مع المرأة والأقباط، معتبرة أن من جلس على تلك المقاعد لم يمثل تلك الفئات بالشكل الأمثل، وعلى من سيقوم بهذا الدور من المعاقين أن يعي أنه ممثل عن الشعب بأكمله وليس فئة منه. وشددت على ضرورة تفعيل حقوق المعاقين التي تضمنتها الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بلا استثناء والمنصوص عليها في القانون والقرارات الوزارية، التي اعتبرتها مجرد استعراض لإخماد مطالباتهم بحقوقهم، وإلغاء المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة وإنشاء مجلس أعلى بقانون بمجرد تشكيل البرلمان ودعوة أصحاب الشأن لجلسات الاستماع، ووقف أي مناقشات خاصة بالقانون الحالي. وخلافًا للسائد في وسائل الإعلام، اعتبرت الزعفراني أن مصطلح "ذوي الاحتياجات الخاصة" لا يعكس معاناة المعاقين، باعتبار أن قطاعًا كبيرًا من المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ليتم توجيه المعونات الخاصة بهم لأي من الجهات المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة، كالسجين حتى ينهي مدة عقوبته والمرأة الحامل حتى تضع مولودها، والأطفال بلا مأوى، بينما المعاق هو من لم يبرأ من إعاقته، وهذا ليس سبة، والدولة هي المعيقة ما لم توفر له حقوقه التيسيرية من أجهزة تعويضية مناسبة وتأهيل نفسي وبيئة مناسبة. ومن جانبه استنكر محمد سعد، أحد مؤسسي جمعية "7 مليون معاق" في الإسكندرية، والائتلاف المصري للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، نظرة المجتمع للمعاقين وعدم تأهيلهم اجتماعيًّا أو ثقافيًّا أو ماديًّا، وكذلك دعم الأبطال الممثلين لمصر من المعاقين، بل استغلال إعاقتهم فقط. وأشار إلى أن مصر تفتقد لثقافة التعامل مع المعاق، وعلى الجانب الآخر تتم المتاجرة بقضية المعاقين من قِبَل الأحزاب السياسية المختلفة في فترة الانتخابات، بمنحهم وعودًا واهية. وأضاف أن مصر وقعت على عدة اتفاقيات دولية، ولكنها غير مفعلة، كما أن الكيان الذي تم تأسيسه ليضمن حقوقهم مستغل من قِبَل مجموعة الأشخاص القائمين عليه، والذني لا يخدمون إلا أغراضًا خاصة بهم فقط، معتبرًا أن المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لا تفيد إلا أصحابها، ولا تقدم إلا مجرد مؤتمرات، مضيفًا أن "المشكلة في المجتمع، والحكومة فيها اللي مكفيها".