الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مهرج مخيف جدًّا، يرى أن أعداءه هم وسائل الإعلام، ولا يزال يهاجم المرشحة الخاسرة أمامه، هيلاري كلينتون، وفي خطابه أمام مؤتمر السياسة المحافظة "بولتكال أكشن كونفرانس"، وهو مؤتمر سنوي للمحافظين الجمهوريين، ترك وراءه العديد من المصائب، كانت باريس واحدة منها. روى ترامب قصة عن أحد أصدقائه، والذي أحب العاصمة الفرنسية باريس، ولكنه توقف عن الذهاب إلى هناك منذ سنوات قليلة، لأن باريس لم تعد باريس نهائيًّا، هذا ما قاله له الشخص، مضيفًا أن الناس في باريس لم تعد ترتدي القبعات. شملت إهانات ترامب ألمانيا والسويد، ليعطي قوميته الخاصة رحلة جديدة، حيث قال: لا يوجد شيء هنا يسمى النشيد العالمي، عملة عالمية، أو العلم العالمي، نحن الأمريكيون والمستقبل ملك لنا.. أمريكا تعود وهي تزأر، ويمكنك سماعها. على أي حال، نحن فقط يمكننا سماع ترامب، وليس الأمريكيين، وعلينا أن نفرح لأن أمريكا لا يزال لديها نظام ذو حكومة مدنية، على الرغم من ضم ثلاثة جنرالات إلى غرفة عمليات ترامب، وهم إتش آر ماكماستر، مستشار الأمن القومي الجديد، وجيم ماتيس، وزير الدفاع، وجون إف كيلي، وزير الأمن الداخلي. يخلط ترامب ولعه بالأسلحة مع الملاكمة، ليرى ما يمكن الحصول عليه، حيث قال للحشود: إننا لا نفوز، متى كانت آخر مرة فزنا فيها؟ هل فزنا في حرب؟ هل فزنا بأي شيء؟… نحن في الطريق للفوز الكبير أيها الشعب. بناء على تصريحاته السابقة، هل توجد أي حرب داخل عقل ترامب؟ سخريته من الصحافة هي طريقة جديدة للاستبداد، مؤكدًا أن الصحافة لا تمثل الشعب، وأبدًا لن تمثله، وهو في طريقه للقيام بشيء حيال ذلك. ولكن ماذا ينوي أن يفعل هنا، إذا لم يكن يفكر في إسكات الصحفيين؟ أسوأ نكتة قالها ترامب هي عن توحيد البلاد، فقد قال ذلك خلال تنصيبه عشية أداء اليمين الدستورية "نحن في الطريق لتوحيد بلادنا"، هذا الأمر مأساوي، لأنه يمكنه فعل ذلك إذا أراد، ولكنه لا يفعل، فقد فاز بسبب، وانتصاره شرعي متبوع بموجة من الحماس الشعبي، ومهمته بعد الفوز بالانتخابات ليست حساب حجم الانتصار أو الخوض في المعارك القديمة، فبالتأكيد كانت تخفيفًا عن أولئك الذين لم يصوتوا له، وتوضيح أسباب التغيير الذي يمثله، وأن الأمر سيكون إيجابيًّا وواضحًا. ولكن الكثير من خطب ترامب لا تحتوي على عناصر الاعتدال، حيث تدعو للمزيد من الاستقطاب، وليس أقل، وهي بعيدة عن الاستقرار الذي يوصي به العديد؛ وبالتالي إذا اشتعلت لحظة من الاضطرابات السياسية العميقة في الولاياتالمتحدة، فسيكون الوضع مأساويًّا. كلما كثرت أقاويل ترامب وكثرت أفعاله المستفزة، زاد غضب هؤلاء الذين لم يصوتوا لصالحه. المقاومة تزداد يوميًّا، حيث بدأت بمسيرة للمرأة في واشنطن يوم التنصيب، وتفجرت مرة أخرى هذا الأسبوع في المناطق التي يسيطر عليها الجمهوريون، حيث ضرب الغضب مثل الإعصار، وفي نهاية هذا الأسبوع، سيكون هناك 100 مسيرة في أنحاء البلاد، احتجاجًا على الجمهوريين، وعلى رغبة ترامب في إلغاء "أوباما كير" للرعاية الصحية، دون وجود خطة بديلة له. يمكن للديمقراطيين في هذا الوقت مواكبة ما يحدث، حيث الطفرة الهائلة من الغضب، وهناك قاعدة شعبية في واشنطن تطالب الديمقراطيين بإحباط مساعي ترامب، بما في ذلك وضع خطة لإقالته والسعي لتنفيذها، ولكن الديمقراطيين قلة الآن، ويمكنهم فقط القيام بالقليل. القيام بما اقترحه البعض في الأسابيع الماضية من البحث عن مناطق مشتركة مع ترامب، مثل الصناعة والاستثمار، وإلحاق بعض الجمهوريين المعتدلين معهم، يبدو أنه لم يعد خيارًا ممكنًا، وسيتم معارضته بشكل كبير. يجب على الحزب الديمقراطي أن ينتفض وينفض الغبار عن نفسه في اجتماع المحافظين الديمقراطيين بواشنطن، وكذلك الاجتماع السنوي للجنة الحزب الديمقراطي في أتلانتا. الاندبندنت