في الخامس والعشرين من شهر فبراير عام 1994، والذي كان يوافق الخامس عشر من شهر رمضان المبارك، اقتحم مجموعة من الصهاينة بقيادة المجرم باروخ غولدشتاين، وبمشاركة من قوات جيش الاحتلال، وعصابات كريات أربع المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل، وارتكبوا واحدة من أفظع الجرائم بحق المسلمين في العالم كله، وليس فقط مسلمي فلسطين، حينما ارتكبت تلك المجموعات مذبحة في الحرم الإبراهيمي بعدما قاموا بإغلاق جميع المداخل، حتى لا يتثنى للمصلين الخروج منه، وكي لا يستطيع أي أحد خارج الحرم الدخول لتقديم المساعدة للجرحى. أغلق الصهاينة جميع الأبواب، وقاموا بقتل المصلين رميا بالرصاص وبالأسلحة البيضاء وكل ما تمكنوا من حمله ومهاجمة المصليين في المسجد، وبعد الانتهاء والخروج من الحرم، ثار الفلسطينيون على مثل هذه الجريمة، فتبع الحادثة عدة اشتباكات في الخليل بين الشبان الفلسطينيين والمستوطنين وجنود الاحتلال، ليرتفع عدد الشهداء في تلك الحادثة إلى أكثر من 60 شيهدا، منهم 30 استشهدوا داخل الحرم. هذه المجزرة كانت مرتبة ومدبرة بهدف الاستيلاء الكامل على الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، فبعد الحادثة، قام الاحتلال بإغلاق الحرم والبلدة القديمة لمدة ستة أشهر، بادعاء التحقيق في الجريمة، وتم تشكيل لجنة صهيونية عرفت باسم "لجنة شمغار"، للحقيق في الحادثة، وكما كان مدبرا، فقد خرجت اللجنة بتوصيات أهمها تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين، رغم أن التقسيم كان يصب في مصلحة الاحتلال، حيث أوصت اللجنة بإعطاء 60% منه لليهود، لكن بالطبع، كانت هذه التقسيمات وهمية، فقد سيطر الصهاينة على المسجد بالكامل فيما بعد، إذ فرضت قوات الاحتلال قيودا تعجيزية على سكان المدينة، خصوصا من هم على مقربة من الحرم الإبراهيمي، ومنعت الآذان مرات عديدة. وبحسب التوصية التي أصدرتها اللجنة، فإن القسم المبدئي الذي استولى عليه الصهاينة، يضم عددا من المقامات الهامة للمسلمين، كقبر النبي يعقوب وزوجته، وقبر النبي إبراهيم وزوجته سارة، وقبر النبي يوسف، والساحة المكشوفة من المسجد، وقامت بوضع كاميرات وبوابات إلكترونية على جميع المداخل بعدما أغلقت جميع الطرق المؤدية للمسجد، وأبقت على بوابة واحدة وضعت عليها حواجز أمنية مشددة للداخلين إلى المسجد. وجاء الصهيوني المجرم باروخ غولدشتاين كمستوطنٍ من الولاياتالمتحدة، واستوطن في مستوطنة كريات أربع المقامة على الأراضي الفلسطينية في مدينة الخليل، ويعد من أهم مؤسسي حركة كاخ الدينية. وبعد ما يقرب عقد من الزمان، فإن الحرم الإبراهيمي تحول إلى ساحة تدريب للمجندات الإسرائيليات على مرأى من جميع المسلمين في العالم، بعدما أسكت الإسرائيليون صوت الآذان فيه، ومنعوا المسلمين من دخوله.