كسر الرئيس اللبناني، العماد ميشال عون، قاعدة الرؤساء العرب عمومًا واللبنانيين على وجه التحديد، المتخاذلين في الدفاع عن دولتهم في مواجهة الاحتلال الصهيوني، حيث تتصاعد لهجة عون في مقابل التهديدات الصهيونية للدولة اللبنانية والمقاومة عمومًا، وتتناغم هذه اللهجة التصاعدية في الوقت ذاته مع لهجة أخرى أكثر شدة وصرامة أطلقها الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، خلال الفترة الأخيرة، ليستشيط الكيان غضبًا ويرتعد رعبًا من تنسيق المواقف بين الطرفين اللبنانيين. رأى رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد ميشال عون، أن رسالة المندوب الإسرائيلي في الأممالمتحدة تشكل تهديدًا للبنان، محذرًا من أن أي محاولة إسرائيلية للنيل من سيادة لبنان ستجد الرد المناسب، وقال عون السبت الماضي: ما ورد في رسالة المندوب الإسرائيلي لدى الأممالمتحدة، داني دانون، يشكل تهديدًا للبنان، وعلى المجتمع الدولي التنبه إلى ما تبيته إسرائيل من نوايا عدوانية ضد لبنان، وأضاف أن الزمن الذي كانت فيه إسرائيل تمارس سياستها العدوانية ضد بلدنا من دون رادع قد ولى إلى غير رجعة، وأي محاولة إسرائيلية للنيل من السيادة اللبنانية أو تعريض اللبنانيين للخطر ستجد الرد المناسب. في الإطار ذاته، أوضح عون أن إسرائيل يجب أن تتقيّد بقرارات مجلس الأمن قبل غيرها، فهي ما زالت ترفض تنفيذ القرار 1701 والانتقال من مرحلة وقف العمليات العدائية إلى مرحلة وقف إطلاق النار، رغم مرور أكثر من 11 سنة على صدوره، وأضاف أن إسرائيل ما زالت تحتل أراضي لبنانية في القسم الشمالي من بلدة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فضلًا عن الانتهاكات اليومية للخط الأزرق والسيادة اللبنانية جوًّا وبحرًا، إضافة إلى استمرار تهجير نصف مليون فلسطيني تستضيفهم لبنان، وتغييب حقهم في العودة إلى أرضهم وأملاكهم، مما يشكّل عدوانًا متماديًا على لبنان وشعبها، ينطبق عليه مضمون المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة لجهة الحق الطبيعي للبنان وشعبها في الدفاع عن أرضها. واعتبر الرئيس اللبناني أن لبنان وفت بالتزاماتها تجاه الأممالمتحدة وقوتها العاملة في الجنوب، ويرى فيما ورد بالرسالة الإسرائيلية إلى الأممالمتحدة، محاولة إسرائيلية مكشوفة لتهديد الأمن والاستقرار الذي تنعم به مدن الجنوب وقراها الواقعة ضمن منطقة العمليات الدولية، وبالتالي فهي تتحمل المسؤولية الكاملة عن أي اعتداء يستهدف لبنان. تأتي تصريحات الرئيس اللبناني، ميشال عون، بعد أيام قليلة من تصريحات أطلقها السفير الإسرائيلي في الأممالمتحدة، داني دانون، وهاجم خلالها سلاح حزب الله، معتبرًا أنها خرق لقرارات مجلس الأمن الدولي، حيث تطرق دانون في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن إلى الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي هدد فيه علنًا باستهداف بنى تحتية إسرائيلية حيوية، واعتبر دانون أن التهديد من قِبَل نصر الله يزداد خطورة في ضوء تصريح للرئيس ميشال عون قبل أيام الذي أعرب فيه عن دعمه لترسانة حزب الله، وأكد أن هذا التصريح يُظهر أن الحكومة اللبنانية لا تفي بالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701 وحسب، بل إنها فعليًّا تشجع وتشرع نشاط حزب الله الذي ينتهك بوضوح القرارات الدولية، حسب رسالة السفير الإسرائيلي إلى رئيس مجلس الأمن. اللهجة المرتفعة التي تبناها عون مؤخرًا، ليست وليدة التصريحات الإسرائيلية التي أطلقها السفير الإسرائيلي في الأممالمتحدة، داني دانون، بل تعتبر حلقة في سلسلة مواقف لبنانية أظهر من خلالها عون تمسكه بخيار دعم المقاومة ضد الاحتلال، الأمر الذي أفقد بعض الدول التي راهنت على تبدّل مواقف عون بعد وصوله إلى سدة الرئاسة الأمل في تغيير موقفه أو السير في كنف الكثير من الدول التي باتت خارج الصراع العربي الإسرائيلي، بل أوغلت في التطبيع مع تل أبيب من خلال الزيارات المتبادلة العلنية والسرية. وسبق أن أظهر الرئيس اللبناني دعمه للنظام السوري الذي يحاول الكيان الصهيوني منذ سنوات إسقاطه بالتعاون مع بعض الدول العربية والخليجية والحليفة الأمريكية، حينما قال: إن سوريا من دون نظام الرئيس بشار الأسد ستكون ليبيا ثانية، وأكد حينها أن الأسد لا يزال القوة الوحيدة حاليًا التي بإمكانها فرض النظام، كما دافع في مناسبة أخرى عن سلاح حزب الله اللبناني، قائلًا: طالما هناك أرض تحتلها إسرائيل التي تطمع بالثروات الطبيعية اللبنانية، وطالما أن الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة العدو الصهيوني، فنحن نشعر بضرورة وجود سلاح حزب الله؛ لأنه مُكمّل لعمل الجيش ولا يتعارض معه، بدليل عدم وجود مقاومة مسلحة في الحياة الداخلية. وتتناغم مواقف عون المدافعة عن السيادة اللبنانية وسلاح المقاومة والدول العربية والإقليمية المُحيطة، التي دمرتها مخططات إسرائيل وحليفتها الأمريكية، مع تصاعد لهجة الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، وتبادل التهديدات مؤخرًا بينه وبين الكيان الصهيوني، حيث توعد نصر الله في آخر كلمة ألقاها قبل أيام، إسرائيل بمفاجآت تخفيها المقاومة اللبنانية وتغير مسار أي حرب، كما دعا كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى تفكيك مفاعل ديمونة النووي بصحراء النقب، وليس فقط خزان الأمونيا بحيفا شمالي البلاد، مشيرًا إلى أن التهديد والوعيد الإسرائيلي ضد لبنان هو في دائرة الحرب النفسية. تصريحات نصر الله أثارت الغضب واستشاط لها الكيان الصهيوني، ليخرج وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ويتوعد بضرب الأهداف المتاحة كافة في لبنان في حال أقدم حزب الله على تنفيذ تهديداته بقصف العمق الإسرائيلي، وزعم كاتس أن الأيام التي امتنعت فيها إسرائيل عن ضرب البنية التحتية اللبنانية قد ولّت، وأضاف كاتس: حزب الله يخدم بصورة مطلقة المصالح الإيرانية، وهو مستعد للتضحية بالدولة اللبنانية من أجل خدمة هذه المصالح، على حد زعمه، ودعا إلى فرض عقوبات على حزب الله تؤدي إلى شلّ نشاطاته، إلى جانب ممارسة الضغوط على إيران للكف عن تمويل وتسليح هذه المنظمة، وفق تعبيره.