إجراءات عديدة ومتسارعة يتخذها الكيان الصهيوني تصب مجملها في تطرف وإرهاب وعنصرية الكيان المحتل للأراضي الفلسطينية، خطوات كبيرة كسر الاحتلال من خلالها كل الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية والأممية، تخطى الأمر مجرد تنفيذ اعتقالات واقتحامات وتعذيب للأسرى في السجون، ليصل إلى محاولات واضحه لتهويد الأراضي الفلسطينية وتشريد أهلها، من خلال إقرار قوانين وتشريعات تمحي الهوية الفلسطينية والإسلامية، الأمر الذي يعجل بانطلاق انتفاضة جديدة تردع الكيان الغاصب. حظر مكبرات الصوت في الأذان صادق الكيان الإسرائيلي، الأحد الماضي، على الصيغة المُعدلة لمشروع القانون الذي يحظر استخدام مكبرات الصوت في دور العبادة، والمعروف إعلاميًا ب"قانون المؤذن"، حيث صوتت اللجنة الوزارية الصهيونية للتشريع على مشروع القانون الذي يحمل عنوان "منع الضجيج من أجهزة الإذاعة العامة في بيوت العبادة"، وتنص النسخة المُعدلة على حظر استخدام مكبرات الصوت ليلًا من الساعة 11 مساء إلى الساعة 7 صباحًا، ما يعني أنه يشمل صلاة الفجر. التعديل الجديد جاء بعد رفض مسودة سابقة للمشروع نفسه؛ لأنه كان يمكن أن يطال أصوات الصفارات التي تطلق في المناطق المحتلة عند غروب الشمس يوم الجمعة إيذانًا ببدء يوم "العطلة اليهودية"، ففي 13 نوفمبر الماضي، صدقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع على مشروع القانون، لكن لم يعرض للتصويت في الكنيست بسبب ملاحظات من الأحزاب الدينية اليهودية، حيث خشيت حينها من أن يحظر مشروع القانون استخدام الصفارات لإعلان السبت، ليتم اقتراح تطبيقه في الفترة ما بين الساعة الحادية عشرة ليلًا وحتى السابعة صباحًا. مصادقة اللجنة الوزارية الصهيونية للتشريع، التي ترأسها وزيرة العدل من حزب البيت اليهودي، ايليت شاكد، على مشروع القانون يعني أنه سيُرفع إلى الكنيست كمشروع قانون حكومي، وأفادت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية بأنه من المتوقع أن يصوت الكنيست على مشروع القانون بالقراءة التمهيدية الأربعاء المقبل. ورغم الاعتراضات التي انطلقت منذ بداية الحديث عن مشروع القانون العنصري، وتهديدات رجال الدين المسلمين في الأراضي الفلسطينية بعدم تطبيقه، وإدانة الفصائل الفلسطينية لعنصرية القانون وتطرفه، إلا أن الاحتلال بدأ في تطبيقه بالفعل حتى قبل إقراره بصورة رسمية، فالكيان الصهيوني كالعادة لا يحتاج إلى قوانين تشرع جرائمه وتحفظ له الحق القانوني في تطبيقها، حيث كانت الشرطة الإسرائيلية فرضت في حالات عديدة على مساجد قريبة من تجمعات سكانية يهودية خفض مكبرات الصوت في الأذان. تشريع الاستيطان قانون منع الأذان يأتي بعد أيام من إقرار الكنيست الصهيوني، في 7 فبراير الجاري، قانونًا يشرع آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربيةالمحتلة بأثر رجعي، حيث تم إقرار القانون في قراءة ثالثة ونهائية بأغلبية 60 نائبًا مقابل 52 صوتوا ضده، من أصل 120 عضوًا يتألف منهم الكنيست، ويهدف القانون إلى تشريع البؤر الاستيطانية العشوائية التي تعتبر غير قانونية، ليس بموجب القانون الدولي فحسب، بل أيضًا بموجب القانون الإسرائيلي، ويضفي هذا القانون شرعية وبأثر رجعي على ما يقرب من 3 آلاف و921 وحدة استيطانية، بُنيت بشكل غير قانوني على أراضٍ فلسطينية، كما سيكرس مصادرة 8 آلاف و183 دونمًا، أي نحو 800 هكتار من أراضٍ فلسطينية خاصة، كما يشكل خطوة في اتجاه ضم أجزاء من الضفة الغربيةالمحتلة. القانون الذي أثار ضجة داخلية وخارجية، عربية وغربية، لم يمنع الكيان من اتخاذ المزيد من الإجراءات المتطرفة، حيث انتقد القانون العديد من الدول العربية والأوروبية، وأعرب المجتمع الدولي عن قلقه من مشروع القانون، حيث قال الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولا ملادينوف، حينها، إن القانون سيؤدي إلى تسهيل الاستخدام المستمر لأراضٍ فلسطينية خاصة لصالح المستوطنات الإسرائيلية، واعتبر أن إقراره "سيخلف عواقب قانونية طويلة المدى على إسرائيل، ويقلل إلى حد كبير من احتمالات السلام العربي الإسرائيلي"، حتى أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المعروف بسياسته المدافعة باستماته عن الكيان الصهيوني خرج عن صمته وانتقد القانون، حيث قال: "المساحة المتاحة محدودة وكل مرة تأخذ الأرض للمستوطنات فإن المساحة تقل، أنا لا أعتقد أن المضي قدمًا في هذا يساعد السلام ولكننا نبحث في كل الخيارات". الاعتداء على الأسرى القوانين السابقة لم تكن فقط دليل على شراهة الاحتلال لتنفيذ المزيد من الإجراءات المتطرفة، فقد سبقها بأيام أيضًا توترات شديدة سادت أجواء السجون الإسرائيلية خاصة سجني نفحة والنقب، حيث صعّدت السلطات الإسرائيلية من إجراءاتها القمعية والتعسفية بحق الأسرى هناك ونفذت وحدة قمع السجون الإسرائيلية المُسماه "المتسادا"، اقتحامات بين الأسرى تخللها عمليات قمع واعتداء على الأسرى وتخريب مقتنياتهم وأغراضهم الشخصية، وإطلاق وابل كثيف من الغاز وتخريب ممتلكات الأسرى ومصادرة الأجهزة الكهربائية وتجريد الجنود الأسرى من ملابسهم وإخراجهم إلى الساحات في ظل البرد القارس. فلسطين على أعتاب انتفاضة جديدة الإجراءات الصهيونية الأخيرة والقوانين الجائرة التي يتسارع الكيان الصهيوني في التصديق عليها، استغلالًا للعصر الذهبي الذي باتت إسرائيل تعيش فيه منذ تنصيب الداعم للسياسات العنصرية الإسرائيلي، الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تشير إلى أن الشعب الفلسطيني وخاصة فصائل المقاومة لم تعد لديها خيارات أخرى سوى المقاومة المسلحة خاصة بعد أن تخلت جميع الدول العربية عن دعم القضية الفلسطينية واتجهت للتطبيع مع الكيان الصهيوني بحثًا عن المصالح الشخصية، فأصبحت المقاومة الفلسطينية في موقف لا تحسد عليه، وحيدة في وجه الكيان الصهيوني وتزايد داعميه، الأمر الذي سيجعلها لن تقف في موقف المتفرج على ضياع أرضه وقضيته وهويته كثيرًا، بل ستتحرك قريبًا في محاولة لإعاده بث مشاعر الرعب في قلوب الكيان الصهيوني ومستوطنيه، ما ينذر بانطلاق انتفاضة ثالثة قد تكون الأخيرة على الكيان الصهيوني.