مع انطلاق الذكرى ال38 للثورة الإيرانية، خرج الإيرانيون إلى الشوارع في مسيرات احتفالية من عدة نقاط في أنحاء البلاد، حيث كانت المسيرة الأضخم في ميدان آزادي «الحرية» وسط طهران، حيث ألقى الرئيس حسن روحاني كلمة بهذه المناسبة، كما شارك عديد من شخصيات سياسية أخرى، أبرزهم قائد فيلق القدس لحرس الثورة الإيرانية، اللواء قاسم سليماني، ووزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، وغيرهما من المسؤولين الإيرانيين في مسيرات مليونية لإحياء الذكرى في العاصمة طهران ومدن أخرى. أعلن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، خلال كلمته اليوم الجمعة، أن الإيرانيين سيجعلون الولاياتالمتحدة تندم على لغة العقوبات، وأضاف أن إيران تقدمت بشكوى لمحكمة لاهاي؛ بسبب الحظر الظالم الذي فرضته الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأشار إلى أن مشاركة الإيرانيين في إحياء ذكرى الثورة استعراض للقوة الوطنية في شتى أنحاء البلاد، لافتًا إلى أن هذه المشاركة رسالة واضحة ترد على التصريحات الخاطئة لزعماء البيت الأبيض. في الإطار ذاته قال الرئيس الإيراني: إن النووي حق طبيعي لنا، وقد اعترف به كل العالم، مشددًا على أن "مفاعل آراك سيستأنف عمله بتصميم أفضل، وتوصلنا إلى أحد أكثر أجهزة الطرد المركزي تطورًا"، وأوضح روحاني أن طهران تمكنت من استعادة 1.7 مليار دولار من الأموال التي جمدتها أمريكا في مصارفها. حكم الشاه وانطلاق الثورة خلال فترة حكم شاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي جاء بعد أن أطاحت قوات التحالف البريطانية والسوفييتية، بوالده رضا بهلوي ونفته إلى جنوب إفريقيا؛ خوفًا من جنوحه ناحية النازية الألمانية بزعامة أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية وتزويده بالنفط، عمل الشاه الجديد على إحداث تغييرات سياسية تمثلت في قمع المعارضة وتفكيك الأحزاب المعارضة له كافة، والإبقاء فقط على الحزب الحاكم، وفي عهده تم حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة وتشجيع المرأة للذهاب إلى المدارس وتلقي التعليم، كما أعاد إلى الساحة الأمنية مهمة الشرطة السرية «سافاك» التي اتهمت بمسؤوليتها عن أعمال منافية لحقوق الإنسان ضد الشعب الإيراني، الأمر الذي خلق له عداوات كثيرة في الشارع الإيراني، لكنه سعى دائمًا وأعوانه إلى إخراس الأصوات المعارضة له، إلا أن هذا لم يمنع العديد من معارضيه من محاولة اغتياله، ففي 4 فبراير عام 1949 تعرض الشاه إلى محاولة اغتيال أثناء زيارته جامعه طهران، حيث تعرض لإطلاق نار من مسافة قصيرة، لكنه نجا منها، وتم قتل مُنفذ العملية بإطلاق الرصاص عليه في حينها. خارجيًّا لم يختلف نظام الشاه كثيرًا عن أنظمة العديد من الدول العربية الحالية، حيث اختار الاتجاه إلى العدو الصهيوني والتطبيع معه بالوسائل كافة، فضلًا عن العمالة لحساب الحليف الأمريكي، حيث شهد نظام الشاه محمد رضا بهلوي تحالفًا إيرانيًّا غير مسبوق مع الصهاينة، وصل إلى فتح سفارة لهم في طهران، والاعتراف بدولة إسرائيل اعترافًا فعليًّا عام 1948، وقامت بين إيران وإسرائيل في عهده علاقات ثقافية وتجارية وعسكرية وتنسيق كامل بين أجهزة المخابرات المدنية والعسكرية، ودعم الشاه قبول إسرائيل كعضو في الأممالمتحدة، وزود إسرائيل بالنفط في فترة الحظر النفطي، الذي فرضه العرب في سبعينيات القرن الماضي، وساهم اليهود البالغ عددهم 100 ألف في إيران في المحافظة على عافية حركة التجارة الإيرانية – الإسرائيلية النشيطة، وفي ذلك الوقت كان النظام قد زج ببعض معارضيه في السجون ليكون مصير البعض الآخر النفي، سواء خارج البلاد أو في مناطق نائية داخلها، لكي لا تصل أصواتهم إلى جموع الشعب. في ذلك الوقت انتشرت العديد من الحركات السرية المعارضة لنظام الشاه الإيراني، وكان من أبرز الحركات تلك التي أسسها آية الله الخميني «الاتحاد الإسلامي»، وكان يرفض كل ما يصدره الشاه، ويرفض كل ما يصدره المجلس النيابي من قوانين أو يصدق عليه، ويقول الخميني إن هذه القوانين كافة عن هيئة غير مخولة، ولا تنطبق عليها الصفة الشرعية، وفي يناير عام 1979 فجر آية الله الخميني الثورة الإيرانية التي حولت نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري، حيث أخذت المظاهرات تتوسع يومًا بعد يوم، حتى شملت القرى النائية، ولم تنفع أساليب القمع والمواجهة في إيقاف احتقان الشعب من سياسة الشاه، وشاركت في المظاهرات الشعبية فئات الشعب كافة من مختلف الأفكار والمشارب والطبقات والقوميات ضد الاضطهاد والظلم وسياسة منع الحجاب وتغيير التعليم، التي اتبعها الشاه داخليًّا، والتطبيع مع أعداء المنطقة العربية خارجيًّا، فلم يجد الشاه وأعوانه أمامهم سوى الفرار من البلاد في 16 يناير عام 1979. حاول الشاه الذهاب الى أوروبا، لكنها رفضت استقبال طائرته، كما رفضته باقي السفارات واحدة تلو الأخرى، إلى أن نزل الشاه بطائرته في أسوان، واستضافه الرئيس الراحل أنور السادات، الذي كان على علاقة جيدة معه منذ نهاية الستينيات، وبعد ذلك لجأ الشاه إلى مراكش في المغرب، بدعوة من الملك الحسن الثاني، لكنه اضطر إلى مغادرة المغرب على طائرة الملك الحسن الثاني الخاصة إلى جزر البهاما ثم إلى المكسيك، التي أقام فيها عدة أيام، ونظرًا لحالته الصحية الحرجة وقتها طلب من الولاياتالمتحدة السماح له بالعلاج لديها، ووافقت واشنطن؛ ليقضي الشاه بعض الوقت في قاعدة حربية أمريكية في تكساس، لكنه اضطر مجبرًا إلى مغادرة الولاياتالمتحدة بعد احتلال الثوار السفارة الأمريكية في طهران في 4 نوفمبر عام 1979 واحتجاز 52 أمريكيًّا من سكان السفارة كرهائن، مطالبين بتسليم الشاه مقابل الإفراج عن الرهائن الأمريكية، مما جعل الولاياتالمتحدة تلاحق الشاه، وتطلب منه سرعة مغادرة أراضيها؛ خوفًا على رعاياها، وعندما أراد أن يعود إلى المكسيك من حيث أتى، وجد الأبواب موصدة أمامه، وبعدها توجه إلى بنما التي لم يستطع الإقامة فيها مدة طويلة، إلى أن عاد مجددًا إلى القاهرة، وتم تخصيص قصر القبة مقرًّا لإقامته. انتصار الثورة والعداء الأمريكي الصهيوني انتصرت الثورة الإيرانية في الحادي عشر من فبراير 1979، وعاد الخميني إلى طهران محاطًا بحماس وتحية عدة ملايين من الإيرانيين، باعتباره قائد الثورة الإيرانية، فأصبح رمزًا للحرية والديمقراطية، وفي ذلك الوقت عين الخميني منافسه مهدي بازركان رئيسًا مؤقتًا للوزراء، وفي 25 يناير 1980 اُنتخب أبو الحسن بني صدر رئيسًا للجمهورية الإيرانية لمدة أربع سنوات، ليكون أول رئيس لإيران بعد الثورة. ومنذ ذلك الوقت ترتبط إيران مع كل من أمريكا وإسرائيل بعلاقات عدائية وندية كبيرة، حيث تمثل الثورة الإيرانية نقطة سوداء في تاريخ كلا الطرفين الأمريكي والصهيوني، اللذين تمتعا خلال فترة حكم الشاه بتحركات عدائية ضد الكثير من الدول العربية دون رادع، ليأتي النظام الجديد ويمثل شوكة في حلق المخططات الصهيوأمريكية، حيث كانت هزيمة نظام الشاه بمثابة انهيار دعامة التواطؤ مع الصهاينة والأمريكان، وأدت إلى قطع إحدى أهم الأذرع في المنطقة التي كانوا يحركونها وقتما وكيفما شاؤوا، وهو الأمر الذي مثّل غضبًا إسرائيليًّا وأمريكيًّا من النظام الحالي والثورة الإيرانية، فجاء النظام الجديد ليعلن مقاومته للاحتلال الصهيوني ووقوفه إلى جانب القضية الفلسطينية ومحاولة إجهاض المخططات الصهيوأمريكية في المنطقة.