أصبح واضحًا للجميع أن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب غيَّر لهجة العلاقات بين الولاياتالمتحدةوأستراليا، وقد ظهر ذلك في نوفمبر الماضي، خلال أول مكالمة هاتفية بين الرئيس المنتخب ورئيس الوزراء الأسترالي مالكوم تيرنبول، والتي توسط فيها لاعب الجولف جريج نورمان، أما المكالمة التليفونية الثانية ظهر فيها العداء الصريح، وأخيرا مكالمة الأسبوع الماضي كانت مثل الصاعقة على المشهد السياسي الأسترالي. وكشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن مكالمة ترامب الأخيرة كانت تفاخرًا بفوزه الانتخابي، وانتقد فيها تيرنبول بشأن التوصل إلى اتفاق بين حكومته وبين إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، والتي بموجبها استقبلت الولاياتالمتحدة لاجئين من مراكز الاعتقال الأسترالية في مقابل إعادة توطين لاجئي أمريكا الوسطى للعيش في كوستاريكا. غضب ترامب من الاتفاقية، وقال: هذه أسوأ صفقة على الإطلاق وذلك في الدقيقة ال25 من المكالمة والتي كان من المقرر أن تستمر مدتها إلى نحو ساعة، وبعدها خرج على موقع تويتر ليكتب تغريدة أنه سيدرس هذه الصفقة الغبية. رغم ما حدث من ترامب، إلا أن أستراليا تعتبر نفسها الحليف الأكثر ثقة لدى الولاياتالمتحدة، فهي البلد الوحيد الذي يقاتل بجانب الولاياتالمتحدة في صراعات القرنين 20 و21، ولكن ما يراه الأستراليون الآن أن ترامب يحظى بعلاقات جيدة مع روسيا، حيث من الممكن أن تستمر المكالمة الهاتفية مع الرئيس فلاديمير بوتين لأكثر من ساعة، وهذا يشير إلى انهيار النظام الليبرالي حيث أصبح عدوا للولايات المتحدة، وقد بدأ معاملة رئيس الوزراء الأسترالي بنوع من عدم الاحترام. وكانت انخفضت شعبية ترامب بشكل كبير لدى الأستراليين، حيث أظهر معهد لوي للاقتراع في العام الماضي، أن الأستراليين فضلوا هيلاري كلينتون على ترامب بنسبة 7 إلى 1. وقال نحو نصف البالغين الأستراليين إنه على أستراليا أن تنأى بنفسها عن الولاياتالمتحدة، في حال انتخاب رئيس مثل ترامب، كما أن ستة من بين عشرة أستراليين رفضوا التعاون العسكري مع الولاياتالمتحدة في حال انتخاب ترامب. سيظل التحالف الأمريكي الأسترالي على قيد الحياة حتى مع رئاسة ترامب، فهو موجود منذ ثلاثة أرباع قرن من الزمان؛ لأنه يخدم مصالح كلا البلدين، حيث يوفر لأستراليا ضمان الأمن، فضلا عن المعلومات الاستخباراتية التي تساعد أستراليا في العمل، بجانب التفاعل مع الجيش الأمريكي والذي يجعل قوة الدفاع الأسترالية حادة. ولكن على القادة الأستراليين إعادة تقويم نهجهم في إدارة التحالف مع ترامب، حيث سيحتاجون إلى عدم الاهتمام لما يقوله الرئيس الأمريكي، وبدلا من ذلك العمل من خلال الأجزاء الأخرى مع النظام الأمريكي، بما في ذلك الوكالات الاستخباراتية والجيش وزعماء الكونجرس، مثل السيناتور جون ماكين، والذي سرعان ما أكد على أهمية التحالف بين البلدين. أستراليا في حاجة إلى إعادة إنتاج سياسة خارجية أكبر، حيث لا يمكنها النظر إلى كافة الأمور من منظور التحالف، فهي تحتاج إلى تقوية علاقاتها مع القوى الآخرى في آسيا مثل دولة الهند واليابان وكوريا الجنوبية، وأن يكون لها علاقات أكبر مع شركائها الأوروبيين مثل المملكة المتحدة وفرنسا، التي ستزود أستراليا بغواصات جديدة، كما تحاج إلى تواصل أكثر مع المؤسسات الدولية مثل الأممالمتحدة، والتي يستعد ترامب للاشتباك معها. شخصية ترامب تزيد من تعقيد إدارة التحالف، ولكن المشكلة الحقيقية ليست أسلوبه، بينما نظرته إلى العالم، فهو متعاطف مع الأنعزالية في حين تعتمد أستراليا على أمريكاالأممية، وهو معادٍ للتجارة الحرة، بينما أستراليا دولة تجارية. يستطيع الأستراليون استخدام اللغة البذيئة من وقت لآخر، كما أنهم سرعان ما ينسون التوترات، ولكن الأكثر قلقا هو أن ترامب لا يؤمن بالنظام الليبرالي العالمي الذي تعتمد عليه أستراليا. فايننشال تايمز