تأجيلات متكررة للمفاوضات السورية المقرر انطلاقها بالعاصمة السويسرية جنيف في 20 فبراير الجاري، أملًا في أن تتمكن المعارضة السورية من لمّ شملها، وتتوحد حول وفد مفاوض يستطيع أن يجلس على طاولة مفاوضات مع الحكومة السورية برعاية المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، لكن يبدو أن هذا الأمل لا يزال بعيد المنال، حيث تسببت مسألة تشكيل وفد لتمثيل المعارضة في المفاوضات القادمة في أزمة بين الأخيرة والأممالمتحدة. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، آنتونيو غوتيريس، من أنه سيختار ممثلي وفد المعارضة السورية إلى المفاوضات المرتقبة في جنيف في العشرين من فبراير الجاري، في حال عدم تمكن الأخيرة من ذلك، وأشار غوتيريس إلى أن نجاح مؤتمر جنيف يتطلب تمثيلًا جديًّا للمعارضة السورية، متعهدًا ببذل كل الجهد لضمان هذا الأمر. تلك التحذيرات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة لم تكن الأولى من نوعها التي تُطلقها منظمة الأممالمتحدة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث سبق أن حذر المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، من أنه «في حال عدم جاهزية المعارضة للمشاركة بموقف موحد بحلول الثامن من فبراير، فسأقوم بتحديد الوفد لجعله شاملًا قدر الإمكان». من جانبها هاجمت معارضة الرياض موقف الأممالمتحدة، واعتبرت أن تحديد وفد المعارضة ليس من اختصاص الأممالمتحدة، حيث قال المنسق العام لما يسمى بالهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب: تحديد وفد المعارضة إلى جنيف ليس من اختصاص المبعوث الأممي، وأضاف: أهم ما يجب أن ينشغل به الموفد الأممي هو تحديد أجندة للمفاوضات وفق بيان جنيف. في الإطار ذاته، كان رد رئيس وفد المفاوضات العميد المنشق، أسعد الزعبي، لاذعًا، حيث قال: اليوم دي ميستورا يثبت أنه وقح دبلوماسيًّا وسياسيًّا بإعطاء نفسه حق تشكيل وفد التفاوض؛ لذا نطالب الائتلاف والهيئة بضرورة إقالته من الملف، وإلَّا لا نريدكم. وأردف الزعبي: دي ميستورا الذي عجز عن رد إهانة الجعفري له في مجلس الأمن، يتطاول على رجال الثورة، ويتجاوز أدبه مع أبطال الشعب السوري؛ لذا لا بد من تقليعه لأنه خرف. فيما اعتبر المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، سالم المسلط، أن تصريح دي ميستورا باعتزامه تشكيل وفد المعارضة بنفسه أمر غير مقبول، وأن تأجيل المفاوضات ليس من مصلحة الشعب السوري. تحذيرات المبعوث الأممي التي تقاطعت مع مثيلتها التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة تشير إلى أن المنظمة الأممية أدركت جيدًا أن ما تسمى «المعارضة السورية» قد تحاول عرقلة المحادثات المُقبلة، أو على الأقل المماطلة في تاريخ عقدها؛ لتحقيق أي مكاسب ميدانية تكون موقع قوة للمعارضة المسلحة أثناء تفاوضها، خاصة بعد أن تأجلت المفاوضات لتكون في 20 فبراير، بعد أن كان من المقرر عقدها في 8 فبراير الجاري؛ بسبب عدم توحيد المعارضة لوفد يمثلها في المفاوضات. ورغم تلك التأجيلات خرجت المعارضة لتشير إلى عزمها إفشال المفاوضات قبل انطلاقها، حيث ذكرت فصائل المعارضة السورية المسلحة أنها لا يمكنها أن تقبل دعوة لمحادثات سلام لا تؤدي إلى نقل السلطة لهيئة حكم انتقالي، وأضافت في بيان لها أنه لا يمكن اتخاذ أي خطوة صوب حل سياسي للأزمة السورية دون تطبيق كامل لوقف لإطلاق النار، وتابع البيان أنه لا يمكن لأطراف خارجية اختيار من يمثل المعارضة السورية في المفاوضات. روسيا أيضًا دخلت على خط أزمة تشكيل المعارضة السورية لوفدها إلى جنيف، حيث قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف: الأممالمتحدة ومجموعة دعم سوريا قد تحددان تشكيلة الوفد المعارض في حال عدم تشكيل وفد موحد إلى محادثات جنيف، وحمَّل نائب وزير الخارجية الروسي مسؤولية تأجيل مفاوضات جنيف بشأن سوريا إلى 20 فبراير، لفصائل المعارضة السورية؛ بسبب عدم اتفاقها على الوفد الذي سيمثلها. وقال بوغدانوف: علينا إطلاق العملية السياسية، لكن هناك مشكلات تحدث عنها دي ميستورا، والمتمثلة في أنه حتى الآن لم يعرف بعد من سيمثل المعارضة في تلك المشاورات، وأضاف المسؤول الروسي أن موسكو تحاول المساعدة في إحياء العملية السياسية بجدية، حتى يكون هناك تمثيل متين وحقيقي للمعارضة. من جانبها أبدت دمشق انفتاحها على المشاركة في مؤتمر جنيف، حيث قال نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد: مستعدون لحضور جنيف، لكن المبعوث الخاص هو الذي لم يتعامل مع هذا الموضوع بالجدية المطلقة المطلوبة منذ شهر مايو العام الماضي وحتى الآن، نحن سنحضر جنيف وسنشارك في تلك الاجتماعات؛ لأننا نؤمن بالحل السلمي، ونؤمن بالحوار السوري السوري لإنهاء تلك الأزمة.