لم يعد خافيًا أن حزب العدالة والتنمية يريد تحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، بحيث تحظى مؤسسة الرئاسة بمكانة مميزة، تسمح لها بالإدارة الفعلية للبلاد، وتقلص مساحات تدخل القوى الأخرى، وعلى رأسها الجيش، في تدبير الشأن السياسي. في أواخر الأسبوع الماضي، مرر البرلمان التركي مشروع الدستور الجديد، والذي سيطرح للاستفتاء في إبريل المقبل، يقدم حزب الرئيس رجب طيب أردوغان، وهو حزب العدالة والتنمية، التغييرات الدستورية، وكأنه ينظف المنزل بمجرد الانتقال من النظام البرلماني، كما هو الحال في بريطانيا، إلى حكومة على الطراز الأمريكي، مع فصل السلطات بين الرئيس والكونجرس والسلطة القضائية. وصوت 339 نائبًا لصالح مقترح القانون، وعارضه 142، فيما صوت 5 بورقة بيضاء، فيما ألغي صوتان اثنان. على الورق تتحرك تركيا من نظام سياسي ليبرالي ديمقراطي إلى واحد آخر مماثل تمامًا، ولكن في الواقع، التغيير المقترح غير حميد وخبيث، لأنه يدور فقط حول تعزيز سلطة أردوغان. وبموجب الدستور الحالي، يفترض أن الرئيس يملأ دورًا شرفيًّا إلى حد كبير، ولا يلعب دور الحاكم العام مثلما يحدث في كندا، في الواقع يرغب أردوغان في أن يطور نوع الحكم التركي، ليصبح مماثلًا للنظام الروسي والرئيس فلاديمير بوتين، والذي هو أقوى رجل في البلاد. عندما يصبح أردوغان هو الرئيس التنفيذي والمسؤول عن كافة الصلاحيات، سيكون قادرًا على البقاء في الحكم لفترتين، مدة كل منهما خمس سنوات متتالية، وليس أكثر. على الورق يبدو أن ما يحدث يتشابه مع تحديد الفترة في المادة 22 للتعديلات الدستورية الأمريكية، لكن تركيا ليس لديها دستور مستقر مثل الذي في الولاياتالمتحدة، ولو مررت هذه التعديلات الدستورية التركية، فإن أردوغان يعيد عقارب الساعة. أصبح أردوغان أول رئيس وزراء لتركيا في عام 2003، ومنذ ذلك الحين، هو الحاكم الفعلي للبلاد تحت مسميات مختلفة، وإذا تطور دوره الحالي، وتم تأكيد تطبيق النظام الرئاسي التنفيذي، فهو لن يتقاعد حتى عام 2019. هذه الشعوذة الرئاسية قد تكون مسلية، في حال إذا كانت السياسة التركية مستقرة وغير متقلبة، ففي يوليو كان هناك انقلاب فاشل من بعض عناصر القوات المسلحة، واستغل أردوغان هذه المحاولة لتصفية الحسابات القديمة وتوطيد سلطته، وحتى الآن لديه طمع كبير، ويشعر بلذة غريبة مع استمرار إعلان حالة الطوارئ، كما أن الدستور المقترح ينص أيضًا على ذلك. بعد موافقة البرلمان على تلك التعديلات بالأغلبية، من المتوقع أن يصدق أردوغان على المسودة قبل أن تطرح في استفتاء متوقع في فصل الربيع. وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، كمال قليجدار أوغلو، إن التعديلات الدستورية التي وافق البرلمان عليها مؤخرًا تؤمن حياة شخص واحد، وتتجاهل حياة ملايين الأتراك، وعبر عن اعتقاده أن الشعب سيصوت ضدها في الاستفتاء. هذا ليس الوقت المناسب للشعب التركي لطلب رأيه أو التفكير في تغيير دستوري، وبدلًا من إعادة كتابة الدستور أو تعديله، على حكومة أردوغان احترام الديمقراطية واستعادة الهدوء، من تلقاء نفسها. جلوب آند ميل